أخبار الأسواقأخبار الدولار الأمريكيفوركس

الدولار الأمريكي في حالة ترقب حذر قبيل قرار الفيدرالي

شهد الدولار الأمريكي تحركات متقلبة خلال الأيام الماضية، حيث تراجع إلى أدنى مستوى له في أربع سنوات مقابل اليورو، قبل أن يستعيد بعض قوته وسط ترقب المستثمرين لاجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي. وبينما يتوقع المحللون خفضاً في أسعار الفائدة، فإن النبرة التي سيصدر بها القرار ستحمل مفتاح الاتجاه المستقبلي للعملة الخضراء. هذا الانتعاش الطفيف في قيمة الدولار الأمريكي يعكس حالة من الترقب والحذر التي تسيطر على الأسواق المالية العالمية، حيث يفضل المتداولون إعادة التموضع بدلاً من المخاطرة قبل صدور قرار قد يغير من مسار السياسة النقدية.

أسواق العملات في حالة ترقب

جاء ارتفاع الدولار الأمريكي بنسبة 0.2% مقابل اليورو ليوقفه عن مساره الهابط الذي أوصله إلى 1.18785 دولار، وهو أعلى مستوى للعملة الأوروبية الموحدة منذ سبتمبر 2021. وقد أبقت أزواج العملات الرئيسية على تحركاتها ضمن نطاقات ضيقة، حيث امتنع المتداولون عن اتخاذ مراكز كبيرة قبل الحصول على إشارات واضحة من الفيدرالي حول سياسته النقدية المقبلة.

هذا الهدوء النسبي في الأسواق لا يعكس حالة من الركود، بل هو مؤشر على أن جميع الأنظار موجهة نحو واشنطن، وتحديداً نحو قرارات اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة (FOMC) الذي يستمر ليومين. ينتظر الجميع ليس فقط قرار خفض الفائدة المتوقع، بل أيضاً “المخطط النقطي” الذي يكشف عن توقعات مسؤولي البنك لأسعار الفائدة المستقبلية، بالإضافة إلى المؤتمر الصحفي لرئيس البنك.

يقول ماثيو ويلر، رئيس أبحاث السوق العالمية في StoneX، إن “العملات تترقب بتردد في ظل هدوء التداولات قبل اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، حيث يمتنع متداولو العملات الأجنبية عن اتخاذ أي إجراءات بانتظار الوضوح من الفيدرالي.” هذه الفترة من عدم اليقين زادت حدتها بفعل التوترات السياسية المتعلقة بالبنك، بما في ذلك انضمام حاكم جديد وتحديات قانونية بشأن إقالة حاكمة أخرى، مما يضيف طبقة من التعقيد على المداولات الداخلية.

توقعات بخفض الفائدة وتأثيرها على الدولار

من المتوقع أن يقرر الفيدرالي الأمريكي خفضاً في سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس (0.25%)، مدفوعاً ببيانات سوق العمل التي تشير إلى تباطؤ سريع في النمو. وقد تزايدت توقعات الأسواق بخفض الفائدة بشكل ملحوظ في الأسابيع الأخيرة، حيث يتوقع المتداولون حوالي 68 نقطة أساس من التيسير النقدي بحلول نهاية العام، وإجمالي 147 نقطة أساس بحلول نهاية عام 2026. هذه التوقعات المرتفعة تستند إلى عدة مؤشرات اقتصادية، أهمها ضعف أداء سوق العمل الأمريكي. على سبيل المثال، أظهرت البيانات الأخيرة تراجعاً في بناء المنازل الفردية وتصاريح البناء في أغسطس، وهو ما يعكس انخفاضاً في الثقة بسوق العقارات وتأثيراً سلبياً على قطاع البناء بشكل عام.

ويرى المحللون أن الخسائر الحادة التي تكبدها الدولار الأمريكي مؤخراً بسبب توقعات خفض الفائدة قد تجعل العملة عرضة للارتداد على المدى القريب، خاصة إذا أشار الفيدرالي إلى حذر أكبر في وتيرة الخفض المستقبلية. يضيف ويلر من StoneX: “مع تسعير المتداولين بالفعل لاحتمال 80% لخفض آخر بمقدار 25 نقطة أساس في أكتوبر، فإن أي إشارة أقل من تأييد قوي لعمليات خفض إضافية قد تؤدي إلى انتعاش قصير الأجل في الدولار الأمريكي”.

تباين في الآراء حول مستقبل الدولار

على الرغم من إمكانية الارتداد القريب، لا يزال العديد من المشاركين في السوق يتوقعون المزيد من الخسائر للدولار الأمريكي، حيث انخفض مؤشر الدولار الذي يقيس العملة مقابل سلة من ست عملات أخرى بنسبة 11% هذا العام.

يعلق بول ماكل، الرئيس العالمي لأبحاث العملات الأجنبية في HSBC، قائلاً: “إذا كانت نبرة الفيدرالي أكثر تشدداً هذا الأسبوع، فقد يرفع ذلك من قيمة الدولار الأمريكي. لكنني أرى أن هذا التأثير سيكون مؤقتاً، حيث ستظل الشكوك قائمة حول ما إذا كان الفيدرالي سيحتاج إلى تسريع دورة خفض الفائدة”.

وأرجع ذلك إلى “التراجع الواضح في بعض مؤشرات التوظيف الأمريكية”. هذه النظرة المتشائمة على المدى الطويل تستند إلى حقيقة أن الأساسيات الاقتصادية، مثل سوق العمل الضعيف وتراجع التشييد، قد تفرض على الفيدرالي سياسة تيسيرية أوسع نطاقاً، حتى لو حاول البنك إبداء الحذر في البداية. وبالتالي، فإن أي مكاسب للدولار مدفوعة بتصريحات متشددة من البنك ستكون قصيرة الأجل وغير مستدامة، لأن الواقع الاقتصادي في نهاية المطاف سيفرض نفسه على القرارات المستقبلية.

حركة العملات الأخرى والأسواق العالمية

في غضون ذلك، حافظ الجنيه الإسترليني على ثباته عند 1.36515 دولار، بالقرب من أعلى مستوى له في شهرين ونصف، بعد أن تطابقت بيانات التضخم البريطانية مع التوقعات. هذا الثبات يشير إلى أن المستثمرين في المملكة المتحدة يشعرون بالارتياح تجاه مسار التضخم، مما يقلل من الضغوط على بنك إنجلترا لاتخاذ قرارات مفاجئة. من ناحية أخرى، ارتفع الين الياباني إلى 146.205 مقابل الدولار الأمريكي، وهو أقوى مستوى له في ثمانية أسابيع، قبيل اجتماع بنك اليابان. هذا الارتفاع يأتي في ظل التوقعات بأن البنك المركزي الياباني سيبقي على سياسته النقدية الحالية، إلا أن هناك عاملاً آخر يساهم في قوة الين.

ويتركز الاهتمام أيضاً على التصويت المقرر في 4 أكتوبر لاختيار زعيم جديد للحزب الديمقراطي الليبرالي الحاكم في اليابان، والذي سيحل محل رئيس الوزراء المنتهية ولايته. وقد يكون دخول شينجيرو كويزومي، الأكثر اعتدالاً، سبباً في قوة الين مقابل الدولار الأمريكي، حيث يُنظر إليه على أنه أقل ميلاً لاتباع سياسات نقدية ومالية متساهلة جداً مقارنة بمنافسيه، مما قد يدعم قيمة العملة. أما في سوق العملات الرقمية، فقد تراجعت عملة البيتكوين بنسبة 0.7% لتصل إلى 116,055 دولار.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى