أسعار الذهب تسجل رقما قياسيا بدعم من انخفاض الدولار

شهدت أسعار الذهب ارتفاعاً تاريخياً لتلامس أعلى مستوياتها على الإطلاق، مدعومة بشكل أساسي بتراجع الدولار الأمريكي على خلفية التوقعات المتزايدة بخفض وشيك لأسعار الفائدة من قبل البنك الاحتياطي الفيدرالي (الفيدرالي). هذا الارتفاع القياسي لا يؤكد فقط على دور الذهب كملاذ آمن في أوقات عدم اليقين الاقتصادي، بل يطرح أيضاً تساؤلات حيوية حول مستقبل سعر الذهب وما إذا كان هذا الزخم سيستمر في ظل المتغيرات الاقتصادية والسياسية العالمية.
وبلغت أسعار الذهب الفورية 3,685.02 دولار للأونصة، بعد أن وصلت في وقت سابق من الجلسة إلى مستوى قياسي جديد عند 3,689.27 دولار. كما ارتفعت العقود الآجلة للذهب لشهر ديسمبر بنسبة 0.1% إلى 3,722.70 دولار، مما يعكس الثقة الكبيرة في المعدن الأصفر.
تأثير الفيدرالي الأمريكي على أسعار الذهب
يُجمع المحللون على أن توقعات خفض الفائدة هي المحرك الرئيسي لارتفاع سعر الذهب. فوفقاً للمحلل كايل رودا من Capital.com، فإن المعنويات في السوق “متفائلة للغاية”، حيث يتوقع المستثمرون أن يقوم الفيدرالي بتخفيض أسعار الفائدة في اجتماعه المرتقب هذا الأسبوع.
أيضا العلاقة بين أسعار الفائدة والذهب هي علاقة عكسية. فتخفيض أسعار الفائدة يقلل من “تكلفة الفرصة البديلة” للاحتفاظ بالذهب، الذي لا يدر عائداً دورياً مثل السندات أو الودائع المصرفية. عندما تصبح العائدات على الاستثمارات الأخرى منخفضة، يصبح الذهب خياراً مقبولاً أكثر للمستثمرين. وقد أشار رودا إلى أن أي إشارات من الفيدرالي تدعم توقعات السوق يمكن أن تكون حافزاً إضافياً لارتفاع أسعار الذهب لتتجاوز حاجز الـ 3,700 دولار. وعلى النقيض، فإن أي إشارة مفاجئة أو غير متوقعة من البنك المركزي قد تؤدي إلى تصحيح حاد في السوق.
في الوقت نفسه، تراجع مؤشر الدولار الأمريكي، الذي يقيس قوة العملة مقابل سلة من العملات الرئيسية، إلى أدنى مستوى له في شهرين ونصف مقابل اليورو، وقرب أدنى مستوى له في 10 أشهر مقابل الدولار الأسترالي. تُعتبر العلاقة بين الذهب والدولار علاقة عكسية أيضاً، حيث أن الذهب يُسعَّر بالدولار الأمريكي في الأسواق العالمية. وعليه، فإن تراجع قيمة الدولار يجعله أرخص للمستثمرين الذين يحملون عملات أخرى، مما يزيد الطلب عليه وبالتالي يرفع من أسعار الذهب.
زيادة حيازات الصناديق الاستثمارية
يعكس ارتفاع الاهتمام بالذهب أيضاً زيادة حيازات الصناديق الاستثمارية المدعومة بالذهب. فقد أعلن صندوق SPDR Gold Trust، وهو أكبر صندوق استثمار متداول مدعوم بالذهب في العالم، أن حيازاته ارتفعت بنسبة 0.21% لتصل إلى 976.80 طناً مترياً. هذه الزيادة في الحيازات هي مؤشر قوي على ثقة المستثمرين في المعدن الأصفر كملاذ آمن، وهو ما يعزز مكانته كأصل استراتيجي في أوقات عدم اليقين الاقتصادي.
التوقعات المستقبلية لأسعار الذهب
تبقى أسعار الذهب مرشحة للصعود على المدى القصير والمتوسط، طالما استمرت التوقعات بخفض الفائدة من قبل الفيدرالي الأمريكي واستمرار حالة عدم اليقين في الاقتصاد العالمي. ومع ذلك، فإن أي إشارات مفاجئة من البنك المركزي قد تؤدي إلى تذبذبات في السوق، مما يستدعي مراقبة دقيقة. يبقى الذهب خياراً استراتيجياً للمستثمرين الباحثين عن حماية لمدخراتهم في أوقات عدم اليقين الاقتصادي، خاصة في ظل التوترات التجارية والمخاوف بشأن التباطؤ في النمو العالمي.
اقرأ أيضا…