ارتفاع قياسي في الأسهم الأمريكية مدفوعًا بالتفاؤل التجاري وأخبار الشركات
شهدت الأسهم الأمريكية ارتفاعًا ملحوظًا يوم الاثنين، حيث أغلق مؤشر S&P 500 فوق حاجز 6,600 نقطة للمرة الأولى في تاريخه، مدعومًا بالتصريحات الإيجابية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول محادثات التجارة مع الصين. يأتي هذا الارتفاع في الوقت الذي يترقب فيه المستثمرون اجتماع الاحتياطي الفيدرالي هذا الأسبوع، والذي من المتوقع أن يشهد قرارًا بخفض أسعار الفائدة. هذا التفاؤل المزدوج، سواء من الجانب التجاري أو النقدي، يعكس ثقة متزايدة في قدرة الاقتصاد على تجاوز المخاطر الحالية.
الأسهم الأمريكية تواصل صعودها نحو مستويات تاريخية
أغلق مؤشر S&P 500 مرتفعًا بنسبة 0.5% ليصل إلى 6,615.28 نقطة، محققًا إغلاقًا قياسيًا جديدًا. كما سجل مؤشر ناسداك المركب رقماً قياسياً جديداً بعدما ارتفع بنسبة 0.9% ليصل إلى 22,348.75 نقطة. في المقابل، حقق مؤشر داو جونز الصناعي مكاسب طفيفة، مرتفعًا بـ 49.23 نقطة، أو 0.1%، ليغلق عند 45,883.45 نقطة.
تعكس هذه المكاسب القياسية ثقة المستثمرين في أداء الأسهم الأمريكية وقدرتها على تجاوز التحديات الاقتصادية. إن الأداء القوي لمؤشر ناسداك، الذي يضم غالبية أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى، يشير إلى أن المستثمرين يواصلون التركيز على قطاع التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي كمحرك أساسي للنمو، مما يعزز زخم السوق بشكل عام ويشجع على المخاطرة في الأصول ذات العوائد العالية.
تطورات محادثات التجارة بين الولايات المتحدة والصين
كانت المحادثات التجارية بين كبار المسؤولين الأمريكيين والصينيين أحد المحفزات الرئيسية لارتفاع السوق. في منشور على منصة “تروث سوشيال”، أشار ترامب إلى أن الاجتماع كان إيجابيًا وأنه تم التوصل إلى اتفاق بشأن “شركة معينة”، في إشارة محتملة إلى شركة “تيك توك” التي كان الشباب الأمريكي يرغبون في إنقاذها.
تأتي هذه الأنباء في ظل تقارير سابقة لوكالة “رويترز” تفيد بأن الولايات المتحدة قد تمضي قدمًا في حظر “تيك توك” إذا لم تتخلَ الصين عن مطالبها بتخفيض الرسوم الجمركية والقيود التكنولوجية. إن أي تقدم في هذه المحادثات يزيل حالة عدم اليقين التي تخيم على الشركات متعددة الجنسيات، ويفتح آفاقًا جديدة للنمو، مما يفسر التفاؤل الكبير الذي ساد بين المستثمرين تجاه الأسهم الأمريكية عقب هذه التصريحات.
تسلا تتألق ومخاوف حول أسهم إنفيديا
في سياق متصل بأخبار الشركات، قفز سهم تسلا بنسبة 3% بعدما كشف رئيسها التنفيذي، إيلون ماسك، عن أكبر عملية شراء له في السوق المفتوحة بقيمة مليار دولار، وهي أول عملية شراء كبيرة له منذ عام 2020. اعتبر المتداولون هذه الخطوة بمثابة تصويت بالثقة من ماسك في مستقبل الشركة، مما أرسل رسالة قوية للمستثمرين بأن الإدارة العليا تؤمن بقيمة السهم الحالية ومسار الشركة المستقبلي، خاصة في ظل سعيها للتركيز على الروبوتات في ظل تزايد المنافسة في سوق السيارات الكهربائية.
وعلى الرغم من الارتفاعات الواسعة في السوق، واجه سهم شركة إنفيديا بعض الضغط بعد أن أعلنت هيئة تنظيم السوق الصينية أن الشركة انتهكت قوانين مكافحة الاحتكار في البلاد، وأن التحقيق مستمر. هذا التحقيق يضيف طبقة من المخاطر الجيوسياسية على سهم إنفيديا، وهو ما جعله يتخلف عن أداء باقي أسهم “السبعة العظماء” (Magnificent Seven) في ذلك اليوم، حيث يعتمد جزء كبير من إيرادات الشركة على السوق الصينية.
ترقب قرار الاحتياطي الفيدرالي وتأثيره على الأسهم الأمريكية
يأتي الارتفاع الأخير في السوق بعد صدور بيانات اقتصادية تشير إلى ضعف سوق العمل وتباطؤ التضخم، مما عزز آمال المستثمرين في أن يقوم الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة خلال اجتماعه الذي يختتم يوم الأربعاء.
ووفقًا لأداة FedWatch التابعة لمجموعة CME، فإن السوق يتوقع بنسبة 95.8% أن يقوم البنك المركزي بخفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية. ويقول سكوت رين، كبير استراتيجيي الأسواق العالمية في معهد ويلز فارغو للاستثمار: “تتوقع السوق بالكامل أن يبدأ الفيدرالي سلسلة من التخفيضات في اجتماع هذا الأسبوع. قد يكون هذا حدث “اشترِ الإشاعة وبع الحقيقة”، ولكن من الآمن القول إن المشاركين في السوق لا يرغبون على الأرجح في التوجه إلى يوم الأربعاء مع مراكز بيع على مؤشر S&P 500”. يرجع هذا التحليل إلى أن خفض أسعار الفائدة يجعل الاقتراض أرخص بالنسبة للشركات والأفراد، مما يمكن أن يحفز الإنفاق والاستثمار ويساهم في زيادة أرباح الشركات، وبالتالي دعم أسعار الأسهم الأمريكية.
بشكل عام، يمكن أن تستمر أسعار الفائدة المنخفضة في دعم سوق الأسهم، التي تلقت دفعة قوية من حماسة المستثمرين تجاه قطاع الذكاء الاصطناعي، على الرغم من المخاطر التي تكتنف التوقعات الاقتصادية. المستثمرون الآن في وضع ترقب وحذر، حيث يوازنون بين التفاؤل المحيط بقرارات البنك المركزي والبيانات الاقتصادية القادمة.
اقرأ أيضا…
