الدولار الأمريكي يتراجع وسط ترقب قرارات البنوك المركزية وتطورات اقتصادية عالمية

شهد سعر صرف الدولار الأمريكي تراجعاً طفيفاً في بداية الأسبوع، مدفوعاً بحالة من الحذر والترقب التي سيطرت على الأسواق العالمية. يأتي هذا التراجع قبيل سلسلة من قرارات السياسة النقدية التي ستصدر هذا الأسبوع عن عدد من البنوك المركزية الكبرى، وفي مقدمتها البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. يعتبر هذا الأسبوع حاسماً بالنسبة للمستثمرين الذين يراقبون عن كثب أي إشارات قد تحدد مسار الدولار الأمريكي في الفترة المقبلة.
تأثيرات السوق على العملات الرئيسية
لقد تأثر سعر الدولار الأمريكي بشكل مباشر بميل المستثمرين نحو الأصول الأكثر خطورة، وهو ما أدى إلى ارتفاع الجنيه الاسترليني بنسبة 0.5%، ليصل إلى أقوى مستوياته منذ أوائل يوليو. ويعود هذا التحول في مزاج السوق إلى تزايد التفاؤل بشأن احتمالية تباطؤ التضخم العالمي، مما قد يدفع البنوك المركزية إلى تبني سياسات نقدية أكثر تيسيراً في وقت أقرب مما كان متوقعاً.
وفي المقابل، تراجع الدولار الأمريكي بنسبة 0.2% أمام الين الياباني، حيث يفضل المستثمرون الين كملاذ آمن في أوقات عدم اليقين الاقتصادي أو الجيوسياسي. ويشير هذا التراجع المزدوج أمام العملات الرئيسية إلى أن القوة التي يتمتع بها الدولار الأمريكي قد تكون مؤقتة وتتأثر بعوامل متعددة. كما شهدت عملات أخرى مثل الكرون النرويجي والسويدي مكاسب طفيفة مقابل الدولار الأمريكي، مما يعكس الثقة في اقتصاداتها المحلية. هذا التحول الجماعي بعيداً عن الدولار الأمريكي نحو عملات أخرى، سواء كانت عملات مخاطرة أو عملات ملاذ آمن، يعكس تغيراً أوسع في تصورات المخاطر والفرص في الأسواق العالمية.
خفض التصنيف الائتماني لفرنسا وتأثيره على اليورو
على صعيد آخر، تعرض اليورو لضغوط طفيفة بعد أن خفضت وكالة “فيتش للتصنيف الائتماني” تصنيف فرنسا السيادي. على الرغم من أن هذا القرار كان متوقعاً إلى حد كبير في الأسواق، إلا أن المخاوف بشأن عبء الديون المتزايد للحكومة الفرنسية قد تحد من قدرة اليورو على تحقيق مكاسب كبيرة على المدى القريب.
ومع ذلك، يرى محللون أن هذه المخاوف من غير المرجح أن تؤدي إلى تراجع كبير في العملة الموحدة، خاصة مع استمرار المستثمرين في بناء مراكز شراء صافية (Net Long Positions) على اليورو مقابل الدولار الأمريكي، مما يعكس الثقة في مستقبل العملة الأوروبية.
ترقب قرار البنك الاحتياطي الفيدرالي
يتجه تركيز المستثمرين الآن نحو قرار البنك الاحتياطي الفيدرالي المرتقب يوم الأربعاء، والذي يعتبر الحدث الأبرز لهذا الأسبوع. وتشير التوقعات في الأسواق المالية إلى احتمالية خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، مع احتمال ضئيل جداً لخفض أكبر بمقدار 50 نقطة أساس. وتعتبر هذه التوقعات محورية في تحديد مسار الدولار الأمريكي، حيث أن أي إشارة إلى سياسة نقدية أكثر تيسيراً ستؤدي على الأرجح إلى تراجع الدولار الأمريكي.
إضافة إلى قرار سعر الفائدة، سيراقب المستثمرون عن كثب “توقعات النقاط” (Dot Plot) التي يصدرها أعضاء الفيدرالي، والتي توفر إشارات حول مسار الفائدة المتوقع. كما سيكون خطاب رئيس الفيدرالي، جيروم باول، بالغ الأهمية في فهم مدى وسرعة التيسير النقدي المحتمل. ويرى محللون في جولدمان ساكس أنه من غير المتوقع أن يغير الفيدرالي توجيهاته السياسية أو يشير إلى خفض وشيك في أسعار الفائدة في أكتوبر، لكنه قد يقر بوجود بعض الضعف في سوق العمل.
قرارات البنوك المركزية العالمية الأخرى
تتزامن قرارات الفيدرالي مع اجتماعات أخرى مهمة للبنوك المركزية في اليابان، والمملكة المتحدة، وكندا، والنرويج. ففي اليابان، يترقب المستثمرون تعليقات بنك اليابان حول احتمالية رفع أسعار الفائدة في المستقبل، بينما يركزون في المملكة المتحدة على خطط بنك إنجلترا لإبطاء عملية خفض حيازاته من السندات الحكومية. هذه القرارات مجتمعة ستشكل صورة أكثر وضوحاً للمشهد الاقتصادي العالمي، وستؤثر على حركة العملات الرئيسية، بما فيها الدولار الأمريكي.
اقرأ أيضا…