أخبار الأسواقأخبار الذهبسلع

أسعار الذهب تتوقف عن الصعود ترقبا لقرار الفيدرالي الأمريكي

شهدت أسعار الذهب حالة من الاستقرار الحذر يوم الإثنين، حيث أحجم المستثمرون عن اتخاذ رهانات كبيرة قبيل اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي المقرر عقده في وقت لاحق من هذا الأسبوع. ويُتوقع أن يقوم البنك المركزي بخفض أسعار الفائدة، مع تقديم المزيد من الرؤى حول وتيرة التيسير النقدي في المستقبل. ويعتبر هذا الصمت في السوق بمثابة “هدوء يسبق العاصفة”، حيث يترقب الجميع خارطة الطريق التي سيقدمها الفيدرالي للسياسة النقدية المستقبلية التي ستحدد اتجاهات السوق في الأمد القريب.

ويُعدّ هذا التوقف بمثابة استراحة قصيرة للمعدن النفيس، الذي شهد ارتفاعًا بنحو 1.6% الأسبوع الماضي، ليصل إلى مستوى قياسي بلغ 3,673.95 دولار للأونصة يوم الثلاثاء. وقد استقر سعر الذهب الفوري عند 3,641.19 دولار للأونصة، في حين تراجعت العقود الأمريكية الآجلة للذهب تسليم ديسمبر بنسبة 0.2% إلى 3,679.20 دولار. هذا التراجع الطفيف في العقود الآجلة يعكس حالة الحذر وعدم اليقين التي تسيطر على المستثمرين، الذين يفضلون انتظار إشارات واضحة قبل اتخاذ قرارات استثمارية كبيرة.

ترقب لخطاب جيروم باول وتأثيره المحتمل

يقول ريكاردو إيفانجيليستا، كبير المحللين في “ActivTrades”: “من المتوقع على نطاق واسع أن يقوم الفيدرالي بتخفيض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس. ومع ذلك، لا تزال هناك شكوك حول النبرة التي سيعتمدها جيروم باول في تصريحاته في نهاية الاجتماع، والتوجيه الذي سيقدمه لقرارات السياسة المستقبلية”.

وإن نبرة خطاب باول هي ما يهم المستثمرين حقًا؛ فإذا كانت “متشددة” (Hawkish) وتلمح إلى تباطؤ في وتيرة الخفض المستقبلية، فقد يحد ذلك من مكاسب الذهب وربما يتسبب في تراجعه، حيث يتوقع المستثمرون أن تكون هناك فرصة أقل لخفض الفائدة بشكل أكبر. أما إذا كانت “ميسّرة” (Dovish) وتشير إلى استعداد البنك للمزيد من الخفض، فمن المرجح أن تدفع أسعار الذهب إلى مستويات أعلى، لأنها تؤكد استمرار بيئة مواتية للمعدن الأصفر.

ويأتي اجتماع الفيدرالي في ظل بيانات اقتصادية متضاربة؛ فقد أظهرت بيانات الأسبوع الماضي أن أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة ارتفعت بأكبر وتيرة في سبعة أشهر في أغسطس، مدفوعة بارتفاع تكاليف الإسكان والغذاء. وهذا الارتفاع في التضخم يضع ضغوطاً على الفيدرالي لعدم الإفراط في التيسير النقدي. ومع ذلك، فإن الزيادة الكبيرة في طلبات إعانة البطالة لأول مرة أبقت البنك الفيدرالي على مساره لخفض أسعار الفائدة يوم الأربعاء، مما يضع البنك في موقف صعب بين مكافحة التضخم ودعم سوق العمل.

لماذا تؤثر سياسات الفائدة على أسعار الذهب؟

عادةً ما يؤدي خفض أسعار الفائدة إلى تعزيز جاذبية الذهب، الذي لا يدر عائدًا، حيث يصبح الاحتفاظ بالعملات الأخرى والسندات الحكومية أقل ربحية. فكلما انخفض سعر الفائدة، انخفضت “تكلفة الفرصة البديلة” (Opportunity Cost) لحيازة الذهب. ولشرح ذلك بمثال بسيط، عندما يكون سعر الفائدة مرتفعاً، يمكن للمستثمر أن يكسب عائداً جيداً من خلال إيداع أمواله في سندات أو حسابات توفير، مما يجعل الذهب، الذي لا يدر أي عائد دوري، خياراً أقل جاذبية.

أما عندما تكون أسعار الفائدة منخفضة، فإن العائد على تلك الأدوات المالية يقل، مما يجعل الذهب ملاذاً آمناً ومفضلاً خلال فترات عدم اليقين الاقتصادي أو الجيوسياسي. وفقًا لأداة “CME FedWatch”، يضع المتداولون في اعتبارهم احتمالًا شبه مؤكد لخفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في ختام اجتماع السياسة الذي يستمر يومين في 17 سبتمبر، مع وجود فرصة ضئيلة لخفض 50 نقطة أساس، وهو ما يعكس التفاؤل الحذر في الأسواق.

وفي مذكرة صدرت يوم الجمعة، ذكر بنك “جولدمان ساكس”: “بينما نرى أن المخاطر على توقعاتنا البالغة 4,000 دولار للأونصة في منتصف عام 2026 تتجه نحو الارتفاع، فإن زيادة طول مراكز المضاربة ترفع من خطر التراجعات التكتيكية”. ويشير البنك إلى أن التوقعات طويلة المدى لارتفاع أسعار الذهب مدعومة بعوامل مثل استمرار البنوك المركزية في الشراء، ولكن في المدى القصير، فإن تراكم المراكز الاستثمارية الكبيرة قد يؤدي إلى عمليات بيع لجني الأرباح، مما يتسبب في تراجعات مؤقتة. هذا التذبذب قصير الأجل يعتبر سمة طبيعية للسوق، لكنه لا يغير من المسار الصعودي الأكبر على المدى الطويل.

وفي أسواق المعادن الثمينة الأخرى، ارتفع سعر الفضة الفورية بنسبة 0.1% إلى 42.21 دولار للأونصة، وزاد البلاتين بنسبة 1% إلى 1,404.72 دولار، بينما صعد البلاديوم بنسبة 1.1% إلى 1,209.80 دولار، وتتأثر هذه المعادن بدورها بقرارات السياسة النقدية، بالإضافة إلى ارتباطها الوثيق بالطلب الصناعي الذي يعكس قوة الاقتصاد العالمي بشكل عام.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى