أخبار الأسواقأخبار النفطسلع

أسعار النفط: استقرار في ظل توازن معقد بين المخاوف من الفائض والمخاطر الجيوسياسية

شهدت أسعار النفط استقرارًا ملحوظًا يوم الجمعة، في ظل توازن دقيق بين مجموعة من العوامل المتضاربة. ففي الوقت الذي خفتت فيه المخاوف بشأن تخمة المعروض وضعف الطلب الأمريكي، عادت مخاطر انقطاع الإمدادات بسبب الصراعات في الشرق الأوسط وأوكرانيا لتلقي بظلالها على السوق، مما خلق حالة من الحذر والترقب لدى المستثمرين والمحللين على حد سواء. هذا التوازن الهش يعكس حالة السوق العالمية التي تتأثر بالعديد من المتغيرات الاقتصادية والسياسية.

عوامل متضاربة تحرك أسعار النفط

صعدت العقود الآجلة لخام برنت بمقدار 42 سنتًا، أو 0.6%، لتصل إلى 66.79 دولارًا للبرميل، بينما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بـ 31 سنتًا، أو 0.5%، ليبلغ 62.68 دولارًا للبرميل. يأتي هذا الارتفاع الطفيف بعد تراجع الخامات القياسية بنسبة 1.7% و 2% على التوالي يوم الخميس. هذا التقلب يعكس حالة عدم اليقين التي تسيطر على أسعار النفط، حيث يجد المتداولون صعوبة في تحديد الاتجاه طويل الأمد.

في هذا الصدد، أشار المحلل في “إس. إي. بي ريسيرش”، أولي هفالبي، إلى أن “خام برنت استقر بشكل أساسي هذا الأسبوع، بعد رحلة متقلبة… مما يعكس صراع السوق المستمر لتحقيق التوازن بين مخاطر الفائض المتزايدة وعدم اليقين الجيوسياسي المستمر وهوامش المنتجات المكررة المرنة”. هذه المخاوف من الفائض تأتي مدفوعة بتوقعات تباطؤ النمو الاقتصادي في بعض الدول الكبرى، مما قد يقلل من الطلب على الطاقة. في المقابل، تشكل الأحداث الجيوسياسية عامل دعم قوي يحد من أي هبوط حاد في أسعار النفط، حيث تفرض “علاوة مخاطر” إضافية على كل برميل.

العرض والطلب: تقارير متناقضة

ساهمت التقارير الصادرة عن وكالات الطاقة والمنظمات العالمية في حالة عدم اليقين هذه، حيث قدمت رؤى متناقضة حول مستقبل سوق النفط. فقد ذكر تقرير شهري صادر عن وكالة الطاقة الدولية يوم الخميس أن الإمدادات النفطية العالمية سترتفع بشكل أسرع من المتوقع هذا العام، وذلك بفضل الزيادات المخطط لها من مجموعة “أوبك+” التي تضم منظمة البلدان المصدرة للبترول وحلفاءها مثل روسيا. وتعزز هذه النظرة من قبل الزيادة المستمرة في الإنتاج من الدول غير الأعضاء في “أوبك+”، وعلى رأسها الولايات المتحدة، التي تواصل زيادة إنتاج النفط الصخري.

في المقابل، لم يغير تقرير أوبك الصادر لاحقًا في نفس اليوم من توقعاته المرتفعة نسبيًا لنمو الطلب على النفط هذا العام والعام المقبل، مشيرًا إلى أن الاقتصاد العالمي يحافظ على اتجاه نمو قوي، مدفوعًا بشكل خاص بالطلب القوي من الاقتصادات الناشئة مثل الصين والهند، بالإضافة إلى مرونة الاقتصاد الأمريكي. هذه الفجوة بين توقعات وكالة الطاقة الدولية وأوبك تخلق حالة من الارتباك في السوق، حيث يركز المتفائلون على قوة الطلب، بينما يخشى المتشائمون من زيادة المعروض.

المخاطر الجيوسياسية: عامل دعم رئيسي

على الرغم من وجود مخاطر من تراجع أسعار النفط، هناك عوامل أخرى تبقي السوق مدعومًا وتحد من أي انخفاضات حادة. ووفقًا للمحلل في “بي. في. إم أويل أسوشيتس”، جون إيفانز، فإن عوامل مثل ضيق سوق المشتقات النفطية، واستمرار المشتريات من الصين لملء المخزونات الاستراتيجية، واحتمالية فرض عقوبات إضافية على روسيا وعقوبات ثانوية على عملائها، كلها عوامل تساهم في دعم السوق. هذه المخاطر لا تقتصر على منطقة واحدة، بل تشمل عدة بؤر توتر عالمية.

يُذكر أن هجومًا بطائرة مسيرة على ميناء “برييمورسك” الروسي الشمالي الغربي، والذي يعد أحد أكبر موانئ تصدير النفط والوقود في البلاد، قد أشعل النيران في سفينة ومحطة ضخ يوم الجمعة. هذا الهجوم يسلط الضوء على هشاشة البنية التحتية للطاقة في مناطق النزاع، ويؤكد على أن أي تصعيد مفاجئ يمكن أن يزعزع استقرار الإمدادات العالمية. من جانب آخر، تزداد التوترات في منطقة الشرق الأوسط، حيث تشكل أي تطورات هناك تهديدًا مباشرًا لممرات الشحن الحيوية وإمدادات النفط من أكبر منتجي العالم.

كما أنبأت تقارير عن أن مجموعة أداني الهندية، وهي أكبر مشغل للموانئ الخاصة في البلاد، قد حظرت دخول ناقلات النفط التي تخضع لعقوبات غربية، مما قد يؤثر على إمدادات النفط الروسي. هذه الخطوة تعتبر تطورًا هامًا، حيث أن الهند تعد أكبر مشترٍ للنفط الروسي المنقول بحرًا، والذي يُشحن في الغالب على ناقلات تخضع لعقوبات من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وبريطانيا. ويعكس هذا القرار مدى تعقيد سلاسل الإمداد العالمية، وكيف أن القرارات التي تتخذها الشركات الخاصة يمكن أن يكون لها تأثير واسع النطاق على أسعار النفط وتدفقاته.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى