أسعار الذهب تواصل الارتفاع: ما العوامل التي تدعم المعدن الأصفر؟

شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا ملحوظًا، لتلامس مستويات قياسية جديدة، مدعومة بمجموعة من العوامل الاقتصادية العالمية التي جعلت منه ملاذًا آمنًا ومربحًا للمستثمرين. يعتبر الذهب، المعروف بكونه مخزنًا للقيمة في أوقات عدم اليقين، محط أنظار المستثمرين في ظل البيانات الاقتصادية الأمريكية الأخيرة التي أشارت إلى ضعف سوق العمل، مما يعزز التوقعات بخفض وشيك لأسعار الفائدة من قبل البنك المركزي، وهو ما يزيد من جاذبيته.
الذهب يستفيد من ضعف الاقتصاد الأمريكي وتوقعات السياسة النقدية
في تداولات الأسبوع الحالي، ارتفعت أسعار الذهب الفورية بنسبة 0.3% لتصل إلى 3643.07 دولار للأونصة، مقتربة من أعلى مستوى تاريخي سجلته يوم الثلاثاء عند 3673.95 دولار. وقد حقق المعدن الأصفر مكاسب أسبوعية بنسبة 1.6%، ليسجل بذلك الأسبوع الرابع على التوالي من الارتفاع، في إشارة واضحة إلى قوة زخم الطلب عليه.
يأتي هذا الارتفاع كرد فعل مباشر على البيانات الاقتصادية الأمريكية التي أظهرت ارتفاعًا في معدل طلبات إعانة البطالة إلى أعلى مستوياته منذ أكتوبر 2021، بالإضافة إلى ارتفاع طفيف في أسعار المستهلكين. هذه الأرقام الضعيفة، إلى جانب علامات التباطؤ الأخرى، تزيد من الضغط على البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي) لتخفيف سياسته النقدية، وهو ما يصب في صالح الذهب. فكلما كانت البيانات الاقتصادية سلبية، زادت التكهنات بأن الفيدرالي سيلجأ إلى خفض أسعار الفائدة لتحفيز النمو، مما يعزز من قيمة الذهب.
تأثير قرارات البنك المركزي على أسعار الذهب
يعتبر الذهب ملاذًا آمنًا لا يدرّ عائدًا، ولذلك فإنه يزدهر في بيئة أسعار الفائدة المنخفضة. عندما تقل العوائد على الأصول الأخرى مثل السندات الحكومية أو الودائع المصرفية، يزداد جاذبية الذهب كمخزن للقيمة، حيث تقل “تكلفة الفرصة البديلة” لحيازته. يتوقع غالبية الاقتصاديين أن يقوم البنك الاحتياطي الفيدرالي بخفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماعه المقبل في 17 سبتمبر، وهو ما سيعزز من جاذبية الذهب بشكل أكبر.
ويشير محللون إلى أن التوقعات لا تقتصر على خفض واحد فقط، بل قد تشمل خفوضات متعددة على مدار العام. هذا السيناريو يدعم استمرار الاتجاه الصعودي لأسعار الذهب، خاصة في ظل رغبة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في خفض أسعار الفائدة. حيث أن التدخلات السياسية في السياسة النقدية تزيد من حالة عدم اليقين وتدفع المستثمرين نحو الأصول الآمنة مثل الذهب.
توقعات بارتفاع أسعار الذهب إلى مستويات جديدة
رفع بنك UBS السويسري توقعاته لأسعار الذهب، مشيرًا إلى أنها قد تصل إلى 3800 دولار للأونصة بحلول نهاية عام 2025، و3900 دولار بحلول منتصف عام 2026. ويعود هذا التفاؤل إلى عوامل متعددة، منها السياسة النقدية المرنة المتوقعة من البنك الفيدرالي، وضعف الدولار الأمريكي، بالإضافة إلى استمرار المخاطر الجيوسياسية التي تدفع المستثمرين نحو الأصول الآمنة.
كما أشار التقرير إلى أن مشتريات البنوك المركزية من الذهب لا تزال قوية، حيث من المتوقع أن تصل إلى حوالي 900-950 طن هذا العام، وهو ما يدعم الطلب على المعدن الأصفر. وتعتبر هذه المشتريات بمثابة إشارة قوية على الثقة في الذهب كأصل استراتيجي، مما يزيد من جاذبية الصناديق المتداولة في البورصة (ETFs) المدعومة بالذهب. وفي هذا السياق، ارتفعت حيازات SPDR Gold Trust، أكبر صندوق مدعوم بالذهب في العالم، إلى أعلى مستوى لها منذ ثلاث سنوات، مما يعكس إقبالاً متزايداً من قبل المستثمرين المؤسسيين على الذهب.
عوامل أخرى تدعم الذهب
إلى جانب التوقعات بخفض أسعار الفائدة، ارتفعت أسعار الذهب بنسبة 39% حتى الآن هذا العام مدفوعة بعوامل أخرى مهمة، تشمل:
- ضعف الدولار الأمريكي: حيث أن الذهب المقوم بالدولار الأمريكي يصبح أرخص لحاملي العملات الأخرى، مما يحفز الطلب عليه من قبل المستثمرين خارج الولايات المتحدة.
- المشتريات القوية للبنوك المركزية: التي تسعى لتنويع احتياطياتها بعيدًا عن الدولار الأمريكي لتقليل المخاطر الجيوسياسية والاقتصادية. هذا الاتجاه يؤكد دور الذهب كأصل استراتيجي في إدارة الاحتياطيات الدولية.
- عدم اليقين العالمي: المخاوف من التضخم، والتوترات التجارية، والأزمات الجيوسياسية تدفع المستثمرين نحو الذهب كملاذ آمن. ففي أوقات الاضطرابات، يُنظر إلى الذهب على أنه وسيلة لحماية الثروة من التآكل.
في المقابل، ارتفعت أسعار المعادن النفيسة الأخرى، حيث صعدت الفضة بنسبة 1.4% لتصل إلى 42.20 دولار للأونصة، وهو أعلى مستوى لها منذ نحو 14 عامًا. كما ارتفع البلاتين والبلاديوم، مما يعكس حالة من التفاؤل والثقة في سوق المعادن بشكل عام، ويعزز من مكانة الذهب كقائد لهذه السوق الصاعدة.
اقرأ أيضا…