أخبار الذهبأخبار الأسواقسلع

أسعار الذهب تحلق عالياً بدعم من توقعات خفض الفائدة

واصلت أسعار الذهب تحليقها قرب مستويات قياسية، لتلامس حاجز 3,600 دولار للأونصة، مدعومة بتوقعات متزايدة بخفض وشيك لأسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. هذا الارتفاع الكبير لا يقتصر على كونه مجرد تقلبات عادية في السوق، بل هو انعكاس لتغيرات جوهرية في المشهد الاقتصادي العالمي. في هذا المقال، نغوص في الأسباب التي تدفع المعدن الأصفر نحو هذه المستويات غير المسبوقة، ونحلل العلاقة المعقدة بين الذهب والسياسة النقدية الأمريكية.

وارتفع سعر الذهب الفوري بنسبة 0.2% ليصل إلى 3,593.79 دولار للأونصة، بعد أن سجل رقماً قياسياً جديداً يوم الجمعة عند 3,599.89 دولار. في المقابل، تراجعت العقود الآجلة للذهب الأمريكي لتسليم ديسمبر بنسبة 0.5% لتصل إلى 3,634 دولار، مما يعكس بعض التباين في توجهات السوق.

تقرير الوظائف الأمريكية يضع الذهب في المقدمة

جاءت البيانات الأخيرة لتقرير الوظائف في الولايات المتحدة أضعف بكثير من التوقعات، مما شكّل مفاجأة للسوق وعزز التكهنات بأن الفيدرالي سيتجه نحو سياسة نقدية أكثر تيسيراً. فقد أظهر التقرير تباطؤاً حاداً في نمو الوظائف خارج القطاع الزراعي وارتفاعاً في معدل البطالة إلى 4.3%، وهو أعلى مستوى له منذ أربع سنوات. هذه المؤشرات الواضحة على ضعف سوق العمل تؤكد بقوة حجة خفض الفائدة، حيث يميل البنك المركزي إلى التدخل لتحفيز النمو الاقتصادي عندما تظهر مؤشرات على التباطؤ.

ويرى المحللون أن هذا التطور يصب في مصلحة الذهب، حيث يقلل من تكلفة الفرصة البديلة للاحتفاظ بالمعدن الذي لا يدر عائداً. فعلى سبيل المثال، عندما تكون أسعار الفائدة على الودائع والسندات منخفضة، يصبح الاستثمار في الذهب، الذي لا يقدم فوائد دورية، أكثر جاذبية للمستثمرين الباحثين عن ملاذ للقيمة. وفي الوقت نفسه، يؤدي خفض الفائدة إلى إضعاف الدولار الأمريكي، مما يجعل الذهب أرخص ثمناً لحاملي العملات الأخرى.

الذهب ملاذ آمن في ظل التقلبات الاقتصادية

تاريخياً، يُعد الذهب ملاذاً آمناً للمستثمرين في أوقات عدم اليقين الاقتصادي والجيوسياسي. وقد شهد الذهب ارتفاعاً ملحوظاً بنسبة 37% هذا العام، بعد أن حقق مكاسب بنسبة 27% في عام 2024. هذا الزخم يعكس مجموعة من العوامل، بما في ذلك ضعف الدولار الأمريكي، واستمرار البنوك المركزية حول العالم في شراء الذهب بكميات كبيرة.

فقد أضاف البنك المركزي الصيني احتياطيات من الذهب للشهر العاشر على التوالي، وهو ما يؤكد على استمرار الطلب القوي من المؤسسات المالية الكبرى على المعدن النفيس، خاصة في ظل التوترات الجيوسياسية الحالية التي تدفع الدول إلى تقليل الاعتماد على الدولار. هذا الشراء المستمر من قبل البنوك المركزية يُعتبر مؤشراً قوياً على أن الذهب ليس مجرد أداة للمضاربة، بل هو أصل استراتيجي يتم الاحتفاظ به لتنويع الاحتياطيات وحمايتها من تقلبات العملات الرئيسية.

الأنظار تتجه نحو تقرير التضخم

في الوقت الحالي، يترقب المستثمرون صدور تقرير التضخم الأمريكي يوم الخميس، والذي سيقدم مؤشرات أوضح حول حجم خفض الفائدة المتوقع. يُعتبر التضخم عاملاً رئيسياً في قرارات الفيدرالي، حيث يسعى البنك إلى تحقيق هدف مزدوج يتمثل في استقرار الأسعار والوصول إلى أقصى قدر من التوظيف. وإذا جاء التضخم أقل من التوقعات، فسيكون ذلك بمثابة ضوء أخضر للفيدرالي لخفض أسعار الفائدة بشكل أكبر.

يتوقع المتعاملون في السوق حالياً خفضاً بواقع 25 نقطة أساس هذا الشهر، مع وجود فرصة بنسبة 8% لخفض أكبر بواقع 50 نقطة أساس (تجدر الإشارة إلى أن النقطة الأساس الواحدة تعادل 0.01%). ومع تزايد التوقعات بتباطؤ الاقتصاد الأمريكي وتراجع التضخم، فإن التوقعات الحالية تشير إلى أن أسعار الذهب ستبقى مدعومة على المدى القريب، وقد تواصل رحلتها نحو مستويات قياسية جديدة، مما يجعلها محط أنظار المستثمرين في جميع أنحاء العالم.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى