أسعار النفط تتجه نحو خسائر أسبوعية مع تزايد توقعات العرض

اتجهت أسعار النفط نحو تسجيل أول خسارة أسبوعية لها منذ ثلاثة أسابيع، بعدما واصلت تراجعها للجلسة الثالثة على التوالي. يأتي هذا الانخفاض مدفوعاً بتوقعات متزايدة حول زيادة المعروض في السوق، بالإضافة إلى ارتفاع مفاجئ في مخزونات الخام الأمريكية، مما أثار قلق المستثمرين بشأن ضعف الطلب العالمي وألقى بظلاله على مسيرة الأسعار الصاعدة مؤخراً التي كانت مدعومة بعوامل مثل التفاؤل الاقتصادي وتخفيضات الإنتاج المستمرة.
ارتفاع المخزونات وتوقعات زيادة الإنتاج
جاءت البيانات الرسمية لتؤكد ارتفاع مخزونات الخام الأمريكية بنحو 2.4 مليون برميل الأسبوع الماضي، وهو ما فاجأ المحللين الذين كانوا يتوقعون انخفاضاً. يُعتبر هذا الارتفاع بمثابة إشارة قوية على أن الطلب في أكبر مستهلك للنفط في العالم قد يكون أضعف مما كان متوقعاً، مما يغذي المخاوف بشأن استقرار السوق ويدفع بالمخزون إلى مستويات قد تؤثر على الأسعار على المدى القريب.
في هذا السياق، علق جون إيفانز، الوسيط في شركة “PVM” للنفط، قائلاً: “هناك قصص وعلامات متزايدة على أن المستقبل لن يكون فيه العرض مشكلة على الأرجح”، مشيراً إلى أن توقعات النمو الاقتصادي العالمي قد لا تكون كافية لامتصاص كل المعروض المتاح.
تتزايد التوقعات بأن تسعى مجموعة “أوبك+”، التي تضم منظمة الدول المصدرة للنفط وحلفاء مثل روسيا، إلى ضخ المزيد من البراميل في السوق بهدف استعادة حصتها السوقية ومواكبة تغيرات ديناميكيات الطلب. ووفقاً لتقرير صادر عن وكالة “رويترز”، فإن ثمانية من أعضاء المجموعة سيبحثون إمكانية زيادة الإنتاج بشكل أكبر خلال اجتماعهم المرتقب يوم الأحد.
وإذا تم إقرار هذه الزيادة، فإن ذلك سيعني أن “أوبك+”، التي تضخ ما يقرب من نصف نفط العالم، ستبدأ في التراجع عن الطبقة الثانية من تخفيضات الإنتاج البالغة نحو 1.65 مليون برميل يومياً، أي ما يعادل 1.6% من الطلب العالمي، وذلك قبل الموعد المقرر بأكثر من عام. وتأتي هذه الخطوة في إطار استراتيجية المجموعة لإدارة السوق وتحقيق التوازن بين الأسعار واستمرارية الطلب.
أداء أسعار النفط في الأسواق
في تداولات يوم الجمعة، سجلت أسعار النفط تراجعاً ملحوظاً، حيث انخفضت العقود الآجلة لخام برنت بنحو 35 سنتاً، أي ما يعادل 0.5%، لتصل إلى 66.64 دولار للبرميل. كما تراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الأمريكي (WTI) بنحو 33 سنتاً، أي ما يعادل 0.5%، لتستقر عند 63.15 دولار للبرميل.
وبذلك، يكون خام برنت قد سجل تراجعا أسبوعيا بنسبة 2.2%، في حين انخفض خام غرب تكساس الوسيط بنسبة 1.3%. هذه الأرقام تعكس بوضوح استجابة السوق لمؤشرات زيادة العرض، حيث يترجم قلق المستثمرين إلى عمليات بيع تؤدي إلى تراجع الأسعار.
عوامل أخرى تؤثر على أسعار النفط
رغم أن قطاع التكرير قد قدم دعماً قوياً للأسعار في الفترة الماضية، إلا أن هناك مخاوف من أن تتضاءل هوامش التكرير في الأشهر القادمة مع تراجع نمو الطلب العالمي وبدء المصافي في أعمال الصيانة الدورية. هذا التراجع في هوامش الربح قد يقلل من حافز المصافي لشراء المزيد من الخام، مما يزيد الضغط على أسعار النفط.
في المقابل، لا تزال المخاطر الجيوسياسية المتعلقة بالعرض تدعم السوق. فقد ذكر مسؤول بالبيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أبلغ قادة أوروبيين بضرورة التوقف عن شراء النفط الروسي. وأي انخفاض في صادرات النفط الروسية أو أي اضطراب آخر في الإمدادات قد يؤدي إلى ارتفاع في أسعار النفط العالمية، حيث تعمل المخاطر الجيوسياسية على موازنة تأثيرات المعروض والطلب في السوق. ويُشكل هذا العامل تحدياً كبيراً للمحللين، حيث يمكن أن تغير القرارات السياسية موازين القوى في السوق بشكل سريع وغير متوقع.
باختصار، يمر سوق أسعار النفط بفترة من التذبذب، حيث تتناقض القوى المحركة للأسعار. فبينما تدفع توقعات زيادة الإنتاج وارتفاع المخزونات بالأسعار نحو الانخفاض، تظل المخاطر الجيوسياسية المتعلقة بالإمدادات عاملاً مهماً قد يدعم الأسواق في أي لحظة. يبقى مصير أسعار النفط في الأيام القادمة مرهوناً بقرارات مجموعة “أوبك+” التي ستحدد مسار العرض في الفترة المقبلة، بالإضافة إلى المستجدات السياسية التي قد تؤثر على سلاسل الإمداد العالمية وتضيف طبقة من عدم اليقين إلى المشهد الاقتصادي.
اقرأ أيضا…