أخبار الأسواقأخبار الدولار الأمريكيفوركس

الدولار الأمريكي: استقرار حذر يسبق بيانات الوظائف الحاسمة غدا وتوقعات خفض الفائدة

شهد الدولار الأمريكي استقرارًا نسبيًا يوم الخميس، في ختام أسبوع اتسم بالتقلبات الحادة، حيث يترقب المستثمرون بحذر شديد صدور تقرير الوظائف الأمريكي الحاسم يوم الجمعة. هذا التقرير لا يمثل مجرد أرقام، بل هو مؤشر رئيسي لصحة أكبر اقتصاد في العالم، وعامل حاسم في تحديد مسار السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي.

ويأتي هذا الهدوء المؤقت في ظل بيانات اقتصادية حديثة تشير إلى تباطؤ في سوق العمل، مما يعزز بقوة التوقعات بأن يتجه البنك المركزي الأمريكي نحو خفض أسعار الفائدة في اجتماعه المرتقب هذا الشهر، في محاولة استباقية لدعم النمو وتجنب ركود اقتصادي محتمل.

مؤشرات ضعف سوق العمل تزيد من الضغوط

عززت البيانات الصادرة مؤخرًا من حالة عدم اليقين حول قوة الاقتصاد الأمريكي وقدرته على تحمل أسعار فائدة مرتفعة. فقد أظهر تقرير وزارة العمل أن عدد الأمريكيين المتقدمين بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة قد ارتفع الأسبوع الماضي بأكثر من المتوقع، مما يعد مؤشرًا مبكرًا على أن الشركات قد بدأت تتردد في التوظيف أو تتجه لتسريح العمالة استجابةً لضعف الطلب. هذا الأمر يثير القلق لأن إنفاق المستهلكين، الذي يعتمد بشكل مباشر على استقرار الدخل والوظائف، يشكل العمود الفقري للاقتصاد الأمريكي.

إضافة إلى ذلك، كشف تقرير التوظيف الوطني الصادر عن مؤسسة ADP، والذي يُعتبر تمهيدًا للتقرير الحكومي الرسمي، أن وظائف القطاع الخاص الأمريكي نمت بوتيرة أبطأ من المتوقعات خلال شهر أغسطس. هذه الأرقام مجتمعةً ترسم صورة لسوق عمل بدأ يفقد بعضًا من زخمه، وهو الأمر الذي يمنح صقور السياسة النقدية في الفيدرالي أسبابًا وجيهة للتحول نحو موقف أكثر تيسيرًا، خاصة وأن استقرار التوظيف يمثل نصف تفويضهم الأساسي إلى جانب السيطرة على التضخم.

أداء الدولار الأمريكي أمام العملات الرئيسية

على الرغم من أن التوقعات بخفض الفائدة تضغط عادةً على قيمة العملة، أظهر الدولار الأمريكي بعض القوة خلال تداولات الخميس. هذا الأداء يعكس حالة من “عزوف عن المخاطرة”، حيث يفضل المستثمرون تسوية مراكزهم وإغلاق الرهانات الكبيرة قبل صدور بيانات رسمية يمكن أن تحدث صدمة في الأسواق. ففي أوقات عدم اليقين العالمي، يميل رأس المال للتدفق نحو الأصول الأمريكية باعتبارها الأكثر أمانًا وسيولة، مما يدعم الدولار مؤقتًا حتى لو كانت التوقعات المحلية تميل نحو التيسير النقدي.

  • مؤشر الدولار (DXY): ارتفع المؤشر، الذي يقيس أداء العملة الخضراء مقابل سلة من ست عملات رئيسية (اليورو، الين، الجنيه الإسترليني، الدولار الكندي، الكرونة السويدية، والفرنك السويسري)، بنسبة 0.21% ليصل إلى مستوى 98.355.
  • مقابل الين والفرنك: في حركة لافتة، تعزز الدولار مقابل العملات التي تُعتبر ملاذًا آمنًا، حيث ارتفع بنسبة 0.25% أمام الين الياباني مسجلاً 148.46 ين، وصعد بنسبة 0.15% أمام الفرنك السويسري، معاكسًا بذلك الخسائر التي تكبدها أمامهما في الجلسة السابقة.
  • مقابل اليورو والجنيه الإسترليني: في المقابل، تراجع اليورو بنسبة 0.16% ليصل إلى 1.164175 دولار، بينما انخفض الجنيه الإسترليني بنسبة 0.12% إلى 1.3425 دولار.

وعلق مارفن لوه، كبير استراتيجيي الأسواق العالمية في “ستيت ستريت” في بوسطن، على الأوضاع قائلاً: “لقد كانت حركة السوق متقلبة… مع وجود تساؤلات كافية حول وضع الاقتصاد، من المرجح أن يحاول المستثمرون تسوية مراكزهم قبل أرقام يوم الجمعة وتجنب اتخاذ رهانات كبيرة في أي من الاتجاهين”.

الأسواق تسعّر خفضًا وشيكًا لأسعار الفائدة

تتزايد قناعة الأسواق بأن خفض الفائدة قادم لا محالة، لدرجة أنها أصبحت “مسعّرة بالكامل” في العقود الآجلة. فقد صرح العديد من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي بأن المخاوف المتعلقة بتباطؤ سوق العمل تدعم وجهة نظرهم بأن تخفيضات أسعار الفائدة لا تزال مطروحة بقوة على الطاولة. إن الهدف من خفض الفائدة هو جعل الاقتراض أرخص للشركات والمستهلكين، مما يحفز الاستثمار والإنفاق، ويدعم النشاط الاقتصادي بشكل عام.

وفقًا لأداة “فيد واتش” (FedWatch) التابعة لمجموعة CME، والتي تحلل أسعار العقود الآجلة لأموال الفيدرالي، فإن المتداولين يسعرون الآن فرصة تقارب 100% بأن يقوم الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة في اجتماعه المقرر يومي 16 و 17 سبتمبر.

نظرة على الأسواق الأخرى

  • سوق السندات: شهدت عوائد سندات الخزانة الأمريكية طويلة الأجل تراجعًا، حيث انخفض العائد على سندات العشر سنوات بمقدار 2.1 نقطة أساس ليصل إلى 4.19%. هذا الانخفاض يعكس زيادة الطلب على السندات كأصل آمن وسط مخاوف النمو؛ فعندما يشتري المستثمرون السندات بكثافة، ترتفع أسعارها وتنخفض عوائدها.
  • الذهب: تراجع سعر الذهب الفوري بنسبة 0.59% إلى 3,537.52 دولارًا للأونصة. ويأتي هذا التراجع الطفيف كحركة لجني الأرباح بعد أن وصل المعدن الأصفر إلى مستوى قياسي مرتفع يوم الأربعاء، مدفوعًا بتوقعات انخفاض الفائدة التي تقلل من تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الذهب الذي لا يدر عائدًا، وتجعله أكثر جاذبية كأداة تحوط ضد ضعف العملة.

باختصار، يقف الدولار الأمريكي عند مفترق طرق حاسم. ستحدد بيانات الوظائف القادمة مساره على المدى القصير، وستؤثر بشكل مباشر على قرار الفيدرالي الذي يراقبه العالم بأسره، مما يجعل يوم الجمعة محطة محورية ليس فقط للأسواق الأمريكية بل للأسواق العالمية ككل، نظراً للتأثيرات الواسعة لسياسة الفيدرالي على تدفقات رأس المال العالمية وأسعار الأصول.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى