أخبار الأسواقأسهم أمريكيةأسهم

الأسهم الأمريكية: تفاؤل التكنولوجيا يواجه قلق التباطؤ الاقتصادي

شهدت الأسهم الأمريكية ارتفاعًا ملحوظًا يوم الأربعاء، بقيادة قطاع التكنولوجيا، بعد قرار قضائي فيدرالي لصالح شركة “ألفابت” (الشركة الأم لـ جوجل). أثار هذا القرار تفاؤلاً في السوق بأن عمالقة التكنولوجيا قادرون على الصمود في وجه التحديات التنظيمية. ورغم المكاسب، فإن المخاوف المتزايدة بشأن التباطؤ الاقتصادي حدّت من صعود المؤشرات، مما يعكس حالة من الترقب والحذر تسيطر على المستثمرين في ظل البيانات الاقتصادية المتباينة.

صعود مدفوع بقطاع التكنولوجيا

أغلق مؤشر ناسداك المركب، الذي يركز على التكنولوجيا، مرتفعًا بنسبة 1.03% عند مستوى 21,497.73 نقطة، بينما ارتفع مؤشر S&P 500 بنسبة 0.51% ليغلق عند 6,448.26 نقطة. في المقابل، تراجع مؤشر داو جونز الصناعي، الأقل تركيزًا على التكنولوجيا، بمقدار 24.58 نقطة، أو 0.05%، ليستقر عند 45,271.23 نقطة. ويعكس هذا التباين بشكل واضح أن زخم السوق كان مدفوعًا بشكل أساسي بأداء أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى.

كان الارتفاع مدفوعًا بشكل أساسي بأسهم شركة “ألفابت” التي قفزت بنسبة 9.1% بعد أن حكم قاضٍ فيدرالي يوم الثلاثاء بأن بإمكان الشركة الاحتفاظ بمتصفح “كروم” الخاص بها، مع حظر اتفاقيات البحث الحصرية وإلزامها بمشاركة بيانات البحث. وقد تجنب هذا القرار السيناريو الأسوأ للشركة، والذي كان يمكن أن يفرض تفكيكًا محتملاً لأجزاء من أعمالها، مما عزز ثقة المستثمرين بشكل كبير وأزال حالة من عدم اليقين كانت تلقي بظلالها على أسهمها لبعض الوقت. وقد رأى السوق أن الذكاء الاصطناعي قد فتح آفاقًا جديدة للمنافسة، مما قلل من أهمية قضية الاحتكار بالنسبة للشركة.

وعلق مارك ماهاني، رئيس أبحاث الإنترنت في Evercore ISI، قائلاً: “من الواضح أن هذا كان بمثابة حدث إيجابي لأسهم ألفابت، وما زلنا نرى أن السهم جيد. لقد أصبحت هذه القضية وراءنا، والآن يمكننا التركيز على الأساسيات، وأعتقد أن التقييم لا يظل جذابًا للغاية”. ويعكس هذا التعليق تركيز المستثمرين مجددًا على العوامل الأساسية للشركة مثل نمو عائدات الإعلانات، وأداء خدمات الحوسبة السحابية، وخططها في مجال الذكاء الاصطناعي.

كما استفادت شركة “آبل” من القرار، حيث ارتفع سهمها بنسبة 3.8%، نظرًا لأن القرار يسمح لها بمواصلة تحميل محرك بحث “جوجل” مسبقًا على هواتف “آيفون”، وهو ترتيب مربح للشركة. تعتبر هذه الصفقة مصدر دخل رئيسي لـ “آبل”، وقد أثبتت قدرتها على توليد إيرادات ضخمة من الخدمات، مما يضيف قيمة كبيرة لتقييمها الإجمالي.

مخاوف اقتصادية تحدّ من المكاسب

على الرغم من الارتفاع الذي قادته التكنولوجيا، لا تزال هناك مخاوف اقتصادية تؤثر على أداء السوق. تزايدت هذه المخاوف بعد أن أظهرت أحدث بيانات فرص العمل انخفاضًا إلى مستويات نادرة منذ جائحة كوفيد-19. ويعتبر هذا التراجع إشارة محتملة إلى أن سوق العمل بدأ يفقد زخمه، وهو ما قد يؤدي إلى تباطؤ في الإنفاق الاستهلاكي وبالتالي تراجع أرباح الشركات، مما يلقي بظلاله على التوقعات المستقبلية للأسهم الأمريكية. وهذا يضع تركيزًا متزايدًا على تقرير الوظائف لشهر أغسطس، والذي من المقرر أن يصدر يوم الجمعة، باعتباره الاختبار الرئيسي التالي لمدى صلابة الاقتصاد الأمريكي.

كما شهدت عوائد السندات ارتفاعًا حادًا بعد حكم محكمة استئناف فيدرالية بأن العديد من التعريفات الجمركية العالمية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب غير قانونية. وقد يجبر هذا القرار الولايات المتحدة على إعادة مليارات الدولارات من رسوم التجارة التي تم تحصيلها، مما يمثل عبئًا محتملاً على الميزانية الفيدرالية. ويشكل ارتفاع عوائد السندات ضغطًا إضافيًا على أسواق الأسهم، حيث يجعل الاقتراض أكثر تكلفة للشركات، ويوفر للمستثمرين بديلاً أكثر جاذبية للاستثمار في الأصول الآمنة بدلاً من الأسهم ذات المخاطر الأعلى.

الأداء التاريخي لشهر سبتمبر

يأتي الأداء المتقلب في بداية شهر سبتمبر، الذي يُعرف تاريخيًا بأنه شهر ضعيف لأداء الأسهم الأمريكية. وأشار سكوت ورين، كبير استراتيجيي الأسواق العالمية في معهد ويلز فارغو للاستثمار، إلى أن شهر سبتمبر هو أسوأ شهر لمؤشر S&P 500 منذ عام 1950، بمتوسط خسارة يبلغ 0.7%. ويُعزى هذا الضعف التاريخي غالبًا إلى عوامل موسمية، مثل نهاية فترة الإجازات الصيفية، وإعادة توازن المحافظ الاستثمارية، وغياب المحفزات الإيجابية التي عادة ما تظهر في بداية العام أو نهاية الربع.

وقال ورين: “تدخل الأسهم شهر سبتمبر بفترة من الهدوء النسبي. ومن المتوقع أن تزداد تقلبات السوق، خاصة في الأسهم الأمريكية والأوراق المالية ذات الدخل الثابت قصيرة وطويلة الأجل، بينما يتباطأ الاقتصاد وتصل آثار التعريفات الجمركية بشكل تدريجي وتستمر حالة عدم اليقين السياسي”. وتؤكد هذه المخاوف على أن المسار الصعودي الأخير للمؤشرات قد يواجه تحديات جديدة، وأن المستثمرين بحاجة إلى توخي الحذر ومراقبة التطورات الاقتصادية والسياسية عن كثب في الأسابيع المقبلة.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى