أخبار الأسواقأخبار الذهبسلع

أسعار الذهب تواصل كسر الأرقام القياسية

شهدت أسعار الذهب ارتفاعاً قياسياً، لتواصل رحلتها الصعودية التي بدأت منذ فترة. يأتي هذا الارتفاع المدفوع بتدفقات قوية من رؤوس الأموال الباحثة عن الملاذ الآمن، وتزايد الثقة في أن البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سيقوم بخفض أسعار الفائدة هذا الشهر.

في ظل حالة عدم اليقين التي تسيطر على الأسواق المالية العالمية، ارتفع سعر الذهب الفوري بنسبة 0.1% ليصل إلى 3,536.58 دولار للأونصة، بعد أن سجل أعلى مستوى له على الإطلاق عند 3,546.99 دولار في وقت سابق من الجلسة. كما صعدت العقود الآجلة للذهب الأمريكي للتسليم في ديسمبر بنسبة 0.3% إلى 3,602.40 دولار، مما يعكس تفاؤل المستثمرين بمواصلة الصعود.

لماذا يتدفق المستثمرون على الذهب كملاذ آمن؟

تعود الزيادة في الطلب على الذهب إلى عدة عوامل متداخلة، أبرزها عدم اليقين المتزايد في السوق والتوترات التجارية المحتملة. مؤخراً، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن إدارته ستطلب من المحكمة العليا إصدار حكم عاجل بشأن الرسوم الجمركية التي اعتبرتها محكمة استئناف أمريكية غير قانونية الأسبوع الماضي. هذا التحرك أضاف طبقة جديدة من الغموض على المشهد التجاري العالمي، مما دفع المستثمرين للبحث عن أصول أقل تعرضاً لتقلبات السياسات.

يقول إيليا سبيفاك، رئيس قسم الاقتصاد الكلي العالمي في Tastylive، إن قرار المحكمة العليا أحدث حالة من عدم اليقين في السوق، إذ يمكن أن يغير بشكل جذري المشهد الاقتصادي الكلي إذا لم تسير القرارات في صالح الرئيس. ويضيف سبيفاك: “محاولة المس باستقلالية الاحتياطي الفيدرالي إلى حد ما، تعد أيضاً أمراً بالغ الأهمية. الاتجاه نحو ارتفاع أسعار الذهب واضح جداً، ويبدو أن الزخم يسير في اتجاه واحد.”

إن وظيفة الذهب كملاذ آمن تبرز بشكل خاص في مثل هذه الظروف. على عكس العملات أو الأسهم التي قد تتأثر بشكل مباشر بالقرارات السياسية أو الأزمات الاقتصادية، يحتفظ الذهب بقيمته، مما يجعله وسيلة فعالة لحماية الثروات من التآكل. هذا السلوك دفع العديد من الصناديق الاستثمارية والمحافظ المالية الكبرى لزيادة مقتنياتها من المعدن الأصفر، مدفوعة بتوقعات استمرار التقلبات في المستقبل القريب.

دور سياسات الاحتياطي الفيدرالي في دعم أسعار الذهب

يمارس الرئيس ترامب ضغوطاً مستمرة على البنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة، بل إنه ناقش علناً مسألة إقالة رئيس البنك، جيروم باول. وتشير الأسواق إلى وجود احتمال بنسبة 92% لخفض الفيدرالي لأسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في نهاية اجتماع السياسة الذي يستمر ليومين في 17 سبتمبر.

تعتبر العلاقة بين أسعار الفائدة والذهب علاقة عكسية تقليدية. فعندما تكون أسعار الفائدة مرتفعة، تصبح الأصول المدرة للعوائد مثل السندات الحكومية أكثر جاذبية للمستثمرين مقارنة بالذهب، الذي لا يدر عائداً. لكن في بيئة أسعار الفائدة المنخفضة أو المتوقعة للانخفاض، يقلل المستثمرون من تكلفة الفرصة البديلة للاحتفاظ بالذهب، مما يجعله خياراً أكثر جاذبية. وقد أظهرت بيانات صندوق SPDR Gold Trust، أكبر صندوق تداول مدعوم بالذهب في العالم، أن مقتنياته ارتفعت بنسبة 1.32% لتصل إلى 990.56 طناً يوم الثلاثاء، وهو أعلى مستوى منذ أغسطس 2022، مما يؤكد تزايد الاهتمام المؤسسي.

ينتظر المستثمرون الآن بيانات الوظائف غير الزراعية الأمريكية، المقرر صدورها يوم الجمعة، والتي تعتبر مؤشراً حيوياً على صحة الاقتصاد الأمريكي. سيقوم البنك الفيدرالي بمراقبة هذه البيانات عن كثب لتحديد حجم الخفض المحتمل لسعر الفائدة في وقت لاحق من هذا الشهر.

نظرة على المعادن الثمينة الأخرى

في سياق متصل، تأثرت المعادن الثمينة الأخرى أيضاً بالتوجهات الاقتصادية العامة. تراجعت أسعار الفضة الفورية بنسبة 0.1% إلى 40.84 دولار للأونصة، بعد أن سجلت أعلى مستوى لها منذ سبتمبر 2011 في الجلسة السابقة، مما يشير إلى أن الفضة، التي لها استخدامات صناعية كبيرة بالإضافة إلى كونها ملاذاً آمناً، قد تكون أكثر حساسية لتقلبات السوق. في المقابل، انخفض البلاتين بنسبة 0.6% إلى 1,395.03 دولار، وتراجع البلاديوم بنسبة 0.4% إلى 1,129.58 دولار. ويعود جزء كبير من قيمة هذين المعدنين إلى استخدامهما في محفزات السيارات، مما يجعل أسعارهما مرتبطة بشكل كبير بالصناعة والإنتاج العالمي.

إن استمرار حالة عدم اليقين في الأسواق العالمية والضغوط على السياسات النقدية تساهم بشكل كبير في دعم أسعار الذهب، مما يعزز من مكانته كملاذ آمن للمستثمرين في الأوقات المضطربة. ويبدو أن الاتجاه الصعودي سيستمر طالما بقيت هذه العوامل حاضرة.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى