أخبار الأسواقأخبار النفطسلع

أسعار النفط تتباين وسط تضارب العوامل الاقتصادية والجيوسياسية

شهدت أسعار النفط تحركات محدودة خلال الفترة الأخيرة، مما يعكس حالة من التوازن الهش في السوق العالمية. ففي حين تلوح في الأفق مخاوف متزايدة من زيادة الإنتاج، خاصة من المنتجين الرئيسيين، تظل التوترات الجيوسياسية، وتحديداً في شرق أوروبا، عاملاً داعماً للأسعار يمنعها من الانحدار. هذا التضارب بين العوامل الأساسية للسوق والمخاطر السياسية يخلق حالة من التقلب تجعل المستثمرين في حالة ترقب دائم لأي تطورات قد ترجح كفة أحد الجانبين.

توازن هش في سوق النفط العالمية

تأرجحت أسعار النفط مع بداية الأسبوع، مدفوعةً بالانشغال المتزايد بشأن ارتفاع الإنتاج العالمي. وقد تأكدت هذه المخاوف من خلال البيانات الرسمية التي أظهرت أن إنتاج الولايات المتحدة من النفط الخام قد وصل إلى رقم قياسي جديد في يونيو، حيث بلغ 13.58 مليون برميل يومياً. يعكس هذا الارتفاع قدرة قطاع النفط الصخري الأمريكي على زيادة الإنتاج بسرعة استجابة لارتفاع الأسعار، مما يضيف كميات كبيرة إلى المعروض العالمي. يأتي ذلك في الوقت الذي تواجه فيه الأسواق العالمية حالة من عدم اليقين بشأن نمو الطلب، خاصة في ظل التهديدات الأمريكية بفرض تعريفات جمركية قد تبطئ من وتيرة التجارة العالمية وتؤثر سلباً على النشاط الاقتصادي.

في المقابل، شكلت الاضطرابات في الإمدادات الروسية نتيجة لتصاعد الضربات الجوية المتبادلة بين روسيا وأوكرانيا، عاملاً داعماً للأسعار. وقد استهدفت هذه الضربات البنية التحتية للطاقة، مما أثر مباشرة على تدفقات النفط. وأدت هذه الأحداث إلى انخفاض الشحنات الأسبوعية من الموانئ الروسية إلى أدنى مستوى لها في أربعة أسابيع، وفقاً لبيانات تتبع الناقلات. هذا الانخفاض يثير قلقاً عميقاً بشأن استدامة الإمدادات في المستقبل القريب، خاصة وأن أي تصعيد إضافي قد يؤدي إلى تعطيل أكبر للصادرات الروسية.

العوامل المؤثرة على أسعار النفط في سبتمبر

يشير المحللون إلى أن أسعار النفط بدأت شهر سبتمبر دون اتجاه واضح، حيث تواجه الأسواق مخاوف متزايدة من وجود فائض في المعروض في الربع الأخير من العام. هذه المخاوف تنبع بشكل رئيسي من الزيادة في الإنتاج من قبل مجموعة “أوبك+”، التي أعلنت عن خطط لزيادة إمداداتها تدريجياً. إلا أن هذه المخاوف تقابلها حالة من التوترات الجيوسياسية المستمرة، التي تعتبر عامل دعم أساسي للأسعار، حيث يدرك المستثمرون أن المخاطر السياسية قد تؤدي إلى تضييق السوق في أي لحظة.

ويترقب المستثمرون عدة أحداث رئيسية خلال هذا الشهر، منها اجتماع مجموعة “أوبك+” المقرر في السابع من سبتمبر، والذي قد يحدد سياسات الإنتاج المستقبلية. من المحتمل أن تبقي المجموعة على خططها بزيادة الإنتاج بشكل تدريجي، ولكن أي تغيير في هذه السياسة قد يؤثر بشكل كبير على السوق. كما أن هناك تركيزاً على التقرير القادم لسوق العمل الأمريكي، والذي سيقدم مؤشراً حيوياً حول صحة أكبر اقتصاد في العالم، مما قد يؤثر على ثقة المستثمرين في قرار بنك الاحتياطي الفيدرالي بتخفيض أسعار الفائدة. أي تفاؤل بشأن قرب خفض أسعار الفائدة يميل إلى تعزيز شهية المستثمرين للمخاطرة، مما يزيد من الطلب على الأصول مثل السلع الأساسية.

التوقعات المستقبلية لأسعار النفط

أظهر استطلاع أجرته رويترز مؤخراً أن أسعار النفط من غير المرجح أن ترتفع بشكل كبير عن مستوياتها الحالية هذا العام. ويعود السبب في ذلك إلى أن زيادة الإنتاج من كبار المنتجين قد تزيد من مخاطر وجود فائض في المعروض، في الوقت الذي تؤثر فيه التهديدات المتعلقة بالتعريفات الجمركية على نمو الطلب العالمي، مما يخلق ضغوطاً هبوطية. هذا السيناريو يضع المنتجين أمام تحدٍ كبير لتحقيق التوازن بين زيادة حصتهم في السوق وتجنب إغراقها.

يبقى وضع الدولار الأمريكي عاملاً مهماً أيضاً ومؤثراً على أسعار النفط. حيث يؤثر ضعف الدولار بشكل مباشر على أسعار النفط، بجعله أقل تكلفة للمشترين الذين يستخدمون عملات أخرى، مما يعزز من جاذبيته ويزيد من الطلب. هذا التفاعل المعقد بين العوامل الاقتصادية والسياسية يجعل التنبؤات المستقبلية لأسعار النفط أمراً صعباً، وتظل الأسواق في حالة ترقب مستمر لأي تطورات جديدة قد تغير مسارها.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى