أخبار الأسواقأخبار النفطسلع

أسعار النفط ترتفع وسط مخاوف من تعطل الإمدادات

شهدت أسعار النفط الخام ارتفاعًا طفيفًا اليوم، حيث يوازن المتداولون بعناية بين المخاوف المستمرة من تعطل الإمدادات الروسية نتيجة لتهديدات أمريكية بفرض مزيد من العقوبات والهجمات الأوكرانية المتواصلة على البنية التحتية الحيوية للطاقة في روسيا. ويعكس هذا الارتفاع الحذر حالة عدم اليقين المتزايدة التي تسيطر على أسواق النفط العالمية، حيث يتصارع تأثير العوامل الجيوسياسية المباشرة مع ديناميكيات العرض والطلب الأساسية.

خام برنت والنفط الخام الأمريكي (WTI) يسجلان ارتفاعًا

في تعاملات اليوم، ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت بمقدار 29 سنتًا، أي بنسبة 0.4%، لتصل إلى 68.02 دولارًا للبرميل، بينما ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس (WTI) بمقدار 36 سنتًا، أو 0.6%، لتصل إلى 64.02 دولار.

ويُرجع المحللون هذا الارتفاع إلى عدة عوامل متداخلة، أبرزها المخاوف الجيوسياسية. وفي هذا الصدد، يقول أولي هانسن، رئيس استراتيجية السلع في “ساكسو بنك”، إن “السوق قلقة إلى حد ما من أن مفاوضات السلام لا تحقق أي تقدم”، مضيفًا: “السوق تتطلع إلى أن يتجاوز العرض الطلب في أشهر الخريف، لكن هذا الأمر يواجه تحديًا على المدى القصير بسبب احتمال حدوث اضطراب جيوسياسي”.

هذه التصريحات تسلط الضوء على أن مجرد التهديد بتعطل الإمدادات، حتى لو لم يحدث فعليًا بعد، كافٍ لتحفيز سلوك الشراء الاحترازي ورفع أسعار النفط مؤقتًا.

التوترات الجيوسياسية تضغط على أسعار النفط

تشكل التوترات الجيوسياسية في شرق أوروبا عاملًا رئيسيًا في دعم أسعار النفط الحالية. فمن جهة، حذر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مرة أخرى من أنه سيفرض عقوبات على روسيا إذا لم يتم إحراز تقدم نحو تسوية سلمية في أوكرانيا خلال أسبوعين.

وتأتي هذه التحذيرات كجزء من استراتيجية الضغط الاقتصادي التي تستهدف قطاع الطاقة الروسي، وهو شريان الحياة لاقتصاد البلاد. من جهة أخرى، تأتي هذه التحذيرات في ظل استهداف أوكرانيا المتكرر للبنية التحتية للطاقة الروسية، بهدف تعطيل قدرة موسكو على تمويل جهودها العسكرية. ففي يوم الأحد، شنّت هجومًا بطائرة مسيرة أدى إلى اندلاع حريق ضخم في محطة “أوست-لوغا” لتصدير الوقود، وهي نقطة استراتيجية رئيسية لشحنات النفط الروسية.

بالإضافة إلى ذلك، استمر حريق في مصفاة “نوفوشاختينسك” الروسية لليوم الرابع على التوالي بعد هجوم بطائرة مسيرة أوكرانية. وتعد هذه المصفاة، التي تبيع الوقود بشكل أساسي للتصدير، عاملًا مهمًا في إمدادات السوق، حيث تبلغ طاقتها الإنتاجية السنوية حوالي 5 ملايين طن متري من النفط، أو ما يعادل نحو 100 ألف برميل يوميًا.

“أوبك+” ومؤشرات اقتصادية عالمية

تُخفف من حدة القلق بشأن تعطل الإمدادات الروسية قرارات مجموعة “أوبك+”، التي عكست سلسلة من تخفيضات الإنتاج التي كانت قد نفذتها سابقًا للحفاظ على توازن السوق. ومع إضافة ملايين البراميل إلى السوق تدريجيًا، يعمل هذا على معادلة التأثير الصعودي للمخاوف الجيوسياسية. ومن المقرر أن يجتمع ثمانية أعضاء من المجموعة في السابع من سبتمبر المقبل للموافقة على زيادة أخرى في الإنتاج، مما يؤكد التزامهم بتلبية الطلب العالمي.

وعلى الصعيد الاقتصادي، تحسن الإقبال على المخاطرة لدى المستثمرين عقب إشارة رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول يوم الجمعة إلى احتمال خفض سعر الفائدة في اجتماع البنك المركزي الأمريكي في سبتمبر. هذا التلميح يعطي إشارة إيجابية للمستثمرين بأن السياسة النقدية قد تصبح أكثر تيسيرًا، مما يمكن أن يحفز النمو الاقتصادي ويزيد من الطلب على الطاقة في المستقبل.

ومع ذلك، وعلى الرغم من هذه العوامل، يبدو أن كلًا من أسعار النفط القياسية تفتقر إلى الزخم القوي، بحسب بريانكا ساكديفا، محللة الأسواق البارزة في شركة “فيليب نوفا” للوساطة المالية. وأضافت أن الأسواق تبدو مقتنعة بشكل متزايد بأن الرسوم الجمركية التي يهدد بها ترامب ستضر بالنمو الاقتصادي، مما قد يؤدي إلى تباطؤ الطلب العالمي على الطاقة. وهذا التوقع يوازن التفاؤل الناجم عن إشارات الاحتياطي الفيدرالي، مما يترك الأسواق في حالة من الحذر.

في الختام، تتأرجح أسعار النفط بين قوى متضادة ومعقدة، حيث تتقابل المخاوف الجيوسياسية مع الحقائق الاقتصادية. فمن جهة، تدفعها المخاوف الجيوسياسية الناتجة عن التوترات في شرق أوروبا وتهديدات العقوبات إلى الارتفاع، حيث يميل المتداولون إلى تسعير “علاوة مخاطرة” تحسبًا لأي اضطرابات محتملة في الإمدادات. هذا السلوك يعكس حساسية السوق المفرطة لأي إشارة قد تهدد تدفق النفط، حتى لو كانت مجرد تحذيرات لفظية.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى