الأسهم الأمريكية تحقق قفزة تاريخية مدفوعة بتصريحات باول

في تحول دراماتيكي، شهدت الأسهم الأمريكية ارتفاعًا هائلاً يوم الجمعة، منهية أسبوعًا من التداولات الحذرة بنبرة متفائلة للغاية. قفز مؤشر “داو جونز” الصناعي بأكثر من 800 نقطة ليحقق إغلاقًا تاريخيًا جديدًا، جاء كرد فعل مباشر على خطاب رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، الذي فتح الباب أمام إمكانية تخفيف وشيك للسياسة النقدية، مما أطلق العنان لموجة شراء قوية في وول ستريت.
موجة صعود تجتاح وول ستريت وتكسر الأرقام القياسية
في ختام جلسة تداول حماسية شهدت زخمًا متصاعدًا، أغلق مؤشر داو جونز الصناعي مرتفعًا بمقدار 846.24 نقطة، أي بنسبة 1.89%، ليصل إلى مستوى قياسي غير مسبوق عند 45,631.74 نقطة. هذا الارتفاع لم يكن مجرد أرقام، بل كان بمثابة حاجز نفسي تم كسره، مما يعزز ثقة المستثمرين. كما لحق به مؤشر “ستاندرد آند بورز 500″، الذي يضم أكبر 500 شركة في أمريكا، حيث صعد بنسبة 1.52% ليغلق عند 6,466.91 نقطة، مقتربًا بفارق ضئيل من أعلى مستوى له على الإطلاق. ولم يتخلف مؤشر “ناسداك المركب” ، الذي تغلب عليه أسهم التكنولوجيا، عن الركب، حيث ارتفع بنسبة 1.88% ليستقر عند 21,496.53 نقطة.
يأتي هذا الأداء القوي للأسهم الأمريكية في تناقض واضح مع الأداء الضعيف الذي شهدته السوق في الأيام السابقة من الأسبوع، حيث سادت حالة من الترقب والقلق بشأن تشدد السياسة النقدية. وقد ساعد هذا الارتفاع الكاسح المستثمرين على تعويض معظم الخسائر التي تكبدوها، محولاً أسبوعًا كان يبدو سلبيًا إلى أسبوع إيجابي لأغلب المؤشرات.
خطاب باول في جاكسون هول كلمة السر وراء الارتفاع
كان المحرك الرئيسي لهذا الصعود هو الخطاب الذي طال انتظاره لجيروم باول في الندوة السنوية للبنوك المركزية في جاكسون هول، وايومنغ، وهو حدث يراقبه المستثمرون عن كثب بحثًا عن أي إشارات حول السياسة المستقبلية. في خطابه، استخدم باول لغة حذرة ولكنها كانت كافية لإشعال حماس السوق. أشار باول إلى أن “التوقعات الأساسية وتوازن المخاطر المتغير قد يبرران تعديل موقف سياستنا”، مضيفًا أن “توازن المخاطر يبدو أنه يتحول” بين التفويض المزدوج للبنك المركزي المتمثل في تحقيق أقصى قدر من التوظيف والحفاظ على استقرار الأسعار.
هذه العبارات فسرها السوق على أنها إشارة واضحة إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي أصبح أقل قلقًا بشأن التضخم وأكثر اهتمامًا بدعم النمو الاقتصادي. ووفقًا لأداة FedWatch التابعة لمجموعة CME، قفزت توقعات خفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية في اجتماع سبتمبر إلى ما يقرب من 83% بعد الخطاب مباشرة، مقارنة بحوالي 75% في وقت سابق من الأسبوع، مما يعكس تحولًا كبيرًا في توقعات السوق.
وفي هذا السياق، علق كريس زاكاريلي، كبير مسؤولي الاستثمار في “نورثلايت لإدارة الأصول”، قائلاً: “لقد أصبح من الصعب للغاية الآن على بنك الاحتياطي الفيدرالي أن يترك أسعار الفائدة دون تغيير في أقل من شهر. لقد أعطى باول للسوق ما كانت تريده”.
أسهم التكنولوجيا تقود المكاسب بقوة
كان قطاع التكنولوجيا هو الرابح الأكبر من هذا التحول في التوقعات. فأسهم النمو، وخاصة في قطاع التكنولوجيا، تعتبر شديدة الحساسية لأسعار الفائدة، حيث أن انخفاض تكاليف الاقتراض يزيد من قيمة أرباحها المستقبلية. استجابت أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى بشكل إيجابي وفوري لتصريحات باول. حيث ارتفعت أسهم شركة الرقائق العملاقة “إنفيديا” (Nvidia) بنسبة 1.7%، بينما قفزت أسهم “ميتا بلاتفورمز” (Meta Platforms)، الشركة الأم لفيسبوك، بأكثر من 2%.
كما سجلت أسهم كل من عملاقي التكنولوجيا “ألفابت” (Alphabet) و “أمازون” (Amazon) ارتفاعًا تجاوز 3% لكل منهما، في حين كانت القفزة الأكبر من نصيب شركة السيارات الكهربائية “تسلا” (Tesla) التي ارتفعت أسهمها بنحو 6%، مدفوعة بآمال المستثمرين في أن بيئة الفائدة المنخفضة ستعزز الطلب على منتجاتها.
على الرغم من التراجع في بداية الأسبوع، أنهت المؤشرات الرئيسية الأسبوع على أداء متباين. حيث تقدم مؤشر داو جونز المكون من 30 سهمًا بنسبة 1.5% على مدار الأسبوع، وارتفع مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” بنسبة 0.3%، بينما انخفض مؤشر “ناسداك” بشكل طفيف بنسبة 0.6%، متأثرًا بالضغوط التي واجهتها أسهم التكنولوجيا الكبرى في جلسات التداول الأولى من الأسبوع قبل أن تعاود الصعود بقوة يوم الجمعة.
اقرأ أيضا…