أخبار الأسواقأخبار النفطسلع

أسعار النفط تترقب نتائج قمة ترامب-زيلينسكي

شهدت أسعار النفط استقرارًا ملحوظًا يوم الإثنين، حيث يترقب المتداولون والمحللون على حد سواء أي مؤشرات قد تظهر من اجتماع مرتقب بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. يأتي هذا الاجتماع في إطار محاولات دبلوماسية مكثفة للتوصل إلى اتفاق سلام شامل لإنهاء الصراع الأكثر دموية في أوروبا خلال 80 عامًا، والذي كان له تأثير مباشر وعميق على أسواق الطاقة العالمية. إن أي تقدم نحو السلام من شأنه أن يزيل حالة عدم اليقين الجيوسياسية التي كانت تدفع أسعار النفط نحو الارتفاع.

استقرار السوق في انتظار الحسم السياسي

استقرت العقود الآجلة لخام برنت عند 65.87 دولارًا للبرميل، بينما ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بواقع 9 سنتات، أو 0.14%، لتصل إلى 62.89 دولارًا للبرميل. يأتي هذا الاستقرار الحذر في ظل تحول كبير في المواقف، بعد أن التقى ترامب بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا يوم السبت، وظهر متوائمًا بشكل أكبر مع موقف موسكو المطالب باتفاق سلام مباشر بدلاً من وقف إطلاق النار أولاً. هذا التحول يشير إلى أن الديناميكيات السياسية تتغير بسرعة، وأن التركيز قد تحول من إدارة الأزمة إلى حلها جذريًا.

ويرى المحللون أن السوق يركز بشكل كامل الآن على نتائج اجتماع واشنطن اليوم بحثًا عن أي إشارات تدل على اتفاق قد يعزز في نهاية المطاف إمدادات الخام والغاز. وفي هذا الصدد، قال أولي هانسن، رئيس استراتيجيات السلع في “ساكسو بنك”، إن “أسواق النفط قد لا تكون قد استوعبت بالكامل ما يُعرف بـ ‘عائد السلام’، الذي قد يؤدي إلى انخفاض إضافي في أسعار النفط والغاز في الاتحاد الأوروبي”.

عائد السلام هذا يشير إلى الفوائد الاقتصادية التي تتحقق بعد انتهاء الصراع، مثل استعادة خطوط الأنابيب التي كانت متوقفة، وإعادة فتح طرق الشحن البحرية والبرية، وإزالة جزء كبير من علاوة المخاطر التي كانت مضمنة في الأسعار بسبب الحرب. هذه التطورات من شأنها أن تزيد المعروض في السوق بشكل كبير، مما يضع ضغطًا هبوطيًا على الأسعار.

تأثير العوامل الجيوسياسية على تدفقات الطاقة

لم تقتصر العوامل المؤثرة على القمة السياسية فحسب، بل أدت تصريحات بيتر نافارو، المستشار التجاري بالبيت الأبيض، بشأن شراء الهند للنفط الروسي وتمويلها للحرب في موسكو إلى ارتفاع طفيف في أسعار النفط في وقت سابق من الجلسة. وقال نافارو إن “الهند تعمل كمركز عالمي لتجارة النفط الروسي، حيث تحول الخام المحظور إلى صادرات عالية القيمة وتمنح موسكو الدولارات التي تحتاجها”.

هذا التصريح يسلط الضوء على دور الهند كـ “مصفاة” للنفط الروسي، حيث تستورده بأسعار مخفضة ثم تقوم بتكريره وبيعه كمنتجات نفطية مكررة (مثل البنزين والديزل) إلى أسواق أخرى، مما يساعد روسيا على تجاوز العقوبات الغربية. هذه الاستراتيجية لا تخدم مصالح روسيا الاقتصادية فحسب، بل تمنح الهند أيضًا ميزة تنافسية كبيرة في أسواق الطاقة العالمية.

من جانبها، علقت بريانكا ساشديفا، محللة السوق الأول في “فيليب نوفا”: “إن كلمات المستشار الأمريكي الحادة على واردات الهند من الخام الروسي، بالإضافة إلى تأجيل المحادثات التجارية، تعيد إحياء المخاوف من أن تدفقات الطاقة تظل رهينة للاحتكاكات التجارية والدبلوماسية، حتى مع تزايد آفاق السلام في أوكرانيا”.

هذه الاحتكاكات تشير إلى أن السياسة التجارية يمكن أن تؤثر على أسعار النفط تمامًا مثل العوامل الجيوسياسية، حيث أن أي تهديد بفرض عقوبات أو تعريفات جديدة يمكن أن يسبب اضطرابات في سلاسل الإمداد العالمية.

وفي سياق متصل، كان ترامب قد صرح يوم السبت بأنه لا يحتاج إلى النظر على الفور في فرض تعريفات انتقامية على دول مثل الصين والهند بسبب شرائها النفط الروسي، ولكنه قد يضطر إلى ذلك “في غضون أسبوعين أو ثلاثة أسابيع”. هذا التصريح كان له أثر مهدئ على الأسواق، حيث خفف من المخاوف الأولية بشأن حدوث اضطراب كبير في الإمدادات الروسية. وتعتبر الصين، أكبر مستورد للنفط في العالم، أكبر مشترٍ للنفط الروسي، تليها الهند.

إن أي إجراءات تجارية ضد هذين البلدين ستخلق صدمة كبيرة في سوق الطاقة العالمية، نظرًا لحجمهما الهائل. فمثل هذه الخطوة قد تجبرهما على البحث عن مصادر جديدة للنفط، مما يغير ديناميكيات الطلب والعرض بشكل جذري ويؤثر على أسعار النفط بشكل مباشر.

دور السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي في التأثير على أسعار النفط

بالإضافة إلى العوامل الجيوسياسية، يواصل المستثمرون مراقبة تصريحات رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في اجتماع جاكسون هول هذا الأسبوع للحصول على أي مؤشرات بشأن مسار تخفيضات أسعار الفائدة الأمريكية. إن قرارات السياسة النقدية للبنوك المركزية الكبرى، وخاصة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، لها تأثير بالغ على أسعار النفط عبر تأثيرها على الطلب العالمي.

فعندما يقوم الاحتياطي الفيدرالي بتخفيض أسعار الفائدة، يصبح الاقتراض أرخص، مما يشجع الشركات على الاستثمار والتوسع، ويحفز الإنفاق الاستهلاكي. هذا التحفيز الاقتصادي يؤدي إلى نمو اقتصادي أكبر، وبالتالي زيادة الطلب على الطاقة، مما يدعم أسعار النفط.

علاوة على ذلك، يرتبط سعر النفط عكسيًا بقيمة الدولار الأمريكي. فعندما تنخفض أسعار الفائدة، تضعف قيمة الدولار، مما يجعل النفط المسعر بالدولار أرخص لحاملي العملات الأخرى، وهو ما يزيد من الطلب. وعلى العكس، فإن رفع أسعار الفائدة يهدف إلى كبح جماح التضخم عن طريق تباطؤ النشاط الاقتصادي، مما يؤدي إلى انخفاض محتمل في الطلب على النفط وبالتالي الضغط على الأسعار. لذا، فإن تصريحات باول في جاكسون هول تعتبر بمثابة بوصلة للمستقبل الاقتصادي، وهو ما يفسر الاهتمام الكبير من قبل متداولي الطاقة.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى