أسعار النفط تتجه نحو أكبر خسارة أسبوعية منذ يونيو

تشهد أسعار النفط العالمية مساراً هبوطياً حاداً، وتتجه لتسجيل أكبر خسائرها الأسبوعية منذ أواخر يونيو الماضي، وسط تضافر عوامل اقتصادية وجيوسياسية تخلق حالة من عدم اليقين في أسواق الطاقة. هذا التراجع ليس مجرد تقلب عابر، بل هو نتيجة مباشرة لتراكم الضغوط من جبهات متعددة، بدءاً من التوترات التجارية الدولية وصولاً إلى قرارات الإنتاج الرئيسية. تتزايد المخاوف بشأن مستقبل الاقتصاد العالمي، مما يؤثر بشكل مباشر على التوقعات الخاصة بالطلب على الخام، في حين تلوح في الأفق احتمالات زيادة المعروض في السوق، الأمر الذي يضع المستثمرين أمام بيئة محفوفة بالمخاطر.
تراجع حاد يضرب أسواق النفط العالمية
شهدت أسواق الطاقة العالمية تراجعاً ملحوظاً في أسعار النفط، انعكس في أداء المؤشرات الرئيسية. فقد تراجعت العقود الآجلة لخام برنت، المعيار العالمي الذي تعتمد عليه معظم دول العالم، بنسبة تجاوزت 4% هذا الأسبوع، لتصل إلى 65.92 دولاراً للبرميل.
هذا الانخفاض يعكس قلق المستثمرين من الوضع الاقتصادي الكلي، وإدراكهم أن المخاطر الهيكلية باتت تفوق العوامل الداعمة للأسعار. وفي الوقت نفسه، كان أداء خام غرب تكساس الوسيط (WTI)، المعيار الأمريكي، أسوأ، حيث انخفض بأكثر من 6% ليبلغ 63.31 دولاراً للبرميل.
ويعتبر هذا التراجع الحاد الأكبر منذ أواخر يونيو، وهو ما يؤكد أن السوق يستجيب بقوة للإشارات السلبية التي تظهر على الساحة العالمية، مما قد يشير إلى بداية دورة هبوطية جديدة.
التوترات التجارية الأمريكية تضغط على النمو الاقتصادي والطلب
يُعد دخول جولة جديدة من التعريفات الجمركية الأمريكية حيز التنفيذ أحد أبرز الأسباب وراء هذا التراجع. تهدف هذه الرسوم الجمركية إلى حماية الصناعات المحلية، لكنها غالباً ما تثير إجراءات مضادة من قبل الدول المستهدفة، مما يعرقل سلاسل الإمداد العالمية ويزيد من تكاليف الإنتاج.
ويرى محللون في بنك ANZ أن هذه الرسوم الجمركية تثير قلقاً عميقاً بشأن تباطؤ النشاط الاقتصادي العالمي، خاصة في القطاعات الصناعية والتجارية كثيفة الاستهلاك للطاقة، وهو ما سيؤدي حتماً إلى تراجع الطلب على الخام المستخدم في النقل والشحن.
وتأتي هذه الخطوة في ظل بيانات ضعيفة لسوق العمل الأمريكية، حيث جاءت الأرقام أدنى من التوقعات، مما عزز مخاوف الركود المحتمل. هذه المؤشرات الاقتصادية المتراجعة تدفع التجار والمستثمرين إلى تقليل حيازاتهم من النفط تحسباً لضعف الطلب العالمي، مما يفاقم من ضغوط البيع.
اللقاء المرتقب بين ترامب وبوتين يثير التكهنات
تعتبر الأنباء عن اجتماع وشيك بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأمريكي دونالد ترامب عاملاً آخر يضغط على أسعار النفط. فالتوقعات تشير إلى أن هذا الاجتماع قد يفتح الباب أمام تسوية دبلوماسية للحرب في أوكرانيا، والتي قد تؤدي إلى تخفيف العقوبات المفروضة على روسيا. وفي حال حدوث ذلك، فمن المتوقع أن يتم إطلاق كميات إضافية من النفط الروسي في سوق تعاني بالفعل من وفرة المعروض، مما سيزيد الضغط على الأسعار. تعد روسيا أحد أكبر منتجي النفط في العالم، وأي زيادة في صادراتها سيكون لها تأثير كبير على التوازن بين العرض والطلب.
وكان الرئيس ترامب قد هدد في وقت سابق برفع التعريفات على الهند إذا استمرت في شراء النفط الروسي، وهو ما اعتبره المحللون ضغطاً إضافياً على روسيا للتوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة. كما أشار ترامب إلى إمكانية فرض رسوم جمركية مماثلة على الصين، أكبر مشترٍ للنفط الروسي، مما يزيد من تعقيد المشهد ويجعل كل خطوة سياسية لها تداعيات مباشرة على أسعار النفط العالمية. هذه التهديدات لا تؤثر فقط على روسيا، بل تخلق حالة من عدم اليقين لدى أكبر مستهلكي النفط، مما يدفعهم إلى إعادة تقييم استراتيجياتهم الشرائية.
قرار أوبك+ بزيادة الإنتاج يزيد من وفرة المعروض
جاء قرار مجموعة أوبك+ في نهاية الأسبوع الماضي بالتخلي عن أكبر حصة من تخفيضات الإنتاج في سبتمبر، وقبل الموعد المستهدف بأشهر، ليزيد من الضغط على أسعار النفط. وقد فاجأ هذا القرار الأسواق، حيث كان الكثيرون يتوقعون أن تستمر المجموعة في سياسة ضبط المعروض لفترة أطول.
هذا التخلي المبكر عن التخفيضات أرسل إشارة قوية إلى السوق بأن الدول المنتجة قد لا تكون قادرة على الحفاظ على مستويات الإنتاج المنخفضة، مما يفتح الباب أمام تدفق المزيد من النفط. ويُذكر أن العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط قد تراجعت لست جلسات متتالية، وهي أطول سلسلة انخفاضات منذ ديسمبر 2023، مما يعكس مدى تأثير هذه العوامل المتضافرة على معنويات المستثمرين. إذا استمرت الأسعار في التراجع في الجلسات القادمة، فسوف تكون هذه أطول سلسلة هبوط منذ أغسطس 2021، وهو مؤشر واضح على عمق الأزمة الحالية في سوق النفط.
اقرأ أيضا…