أخبار الأسواقأسهم أمريكيةأسهم

الأسهم الأمريكية: بين طفرة “آبل” وحذر المستثمرين من الرسوم الجمركية

شهدت الأسهم الأمريكية ارتفاعاً ملحوظاً في تداولات الأربعاء، مدفوعة بشكل أساسي بالقفزة الكبيرة في سهم شركة آبل، بينما يواصل المستثمرون تحليل أحدث نتائج أرباح الشركات وتأثير التوترات التجارية المتزايدة. هذا الارتفاع يأتي بمثابة استراحة قصيرة بعد سلسلة من الانخفاضات التي سيطرت على السوق مؤخراً، مما يطرح تساؤلات حول ما إذا كان هذا الارتفاع يمثل نقطة تحول أم مجرد فترة “هضم” مؤقتة للأسواق.

“آبل” تقود الارتفاعات: استثمارات محلية وريادة تكنولوجية

كانت الأخبار المتعلقة بشركة آبل هي المحرك الرئيسي لارتفاعات السوق، حيث قفز سهم الشركة بنسبة 5% بعد أن أكد مسؤول في البيت الأبيض لشبكة CNBC أن الشركة تخطط لزيادة استثماراتها في التصنيع المحلي بمقدار 100 مليار دولار إضافية. هذا التعهد الجديد يرفع إجمالي استثمارات الشركة في الولايات المتحدة إلى 600 مليار دولار على مدى السنوات الأربع القادمة.

يُعد هذا القرار بمثابة خطوة استراتيجية من عملاق التكنولوجيا، لا تهدف فقط إلى تعزيز الإنتاج المحلي وخلق فرص عمل جديدة، بل أيضاً إلى استباق أي تداعيات محتملة للسياسات التجارية الحالية. لطالما كانت إدارة الرئيس دونالد ترامب تدعو الشركات الأمريكية لنقل مصانعها إلى داخل البلاد، وتعهد “آبل” الأخير قد يقلل من الضغوط التنظيمية والجمارك التي يمكن أن تفرض على منتجاتها. هذا التفاعل بين السياسة والاقتصاد يُظهر كيف أن القرارات الحكومية يمكن أن تؤثر بشكل مباشر على تقييمات الشركات الكبرى وأداء سوق الأسهم بشكل عام.

تباين في نتائج أرباح الشركات: قوة في القطاع الاستهلاكي وضعف في التكنولوجيا

لم تكن القصة مقتصرة على “آبل” فقط، فقد واصل موسم أرباح الشركات تقديم نتائج متباينة أثرت على مزاج المستثمرين. وفقاً لبيانات FactSet، تفوقت 81% من شركات مؤشر S&P 500 التي أعلنت عن نتائجها حتى الآن على التوقعات.

من بين الشركات التي قدمت أداءً قوياً، ارتفع سهم ماكدونالدز بنسبة 3% بعد أن تجاوزت نتائج الربع الثاني للشركة تقديرات المحللين. كما حققت سلسلة المطاعم نمواً في المبيعات للمتاجر المماثلة هو الأسرع في عامين تقريباً، مما يعكس قوة في قطاع الاستهلاك. وبالمثل، قفز سهم Arista Networks بنسبة 17% بعد إعلانها عن تقرير فصلي أقوى من المتوقع.

على الجانب الآخر، واجهت شركات أخرى انتكاسات. تراجع سهم Snap بنسبة 17% بعد أن جاءت إيراداتها أقل قليلاً من التوقعات، مما أثار قلق المستثمرين بشأن مستقبل المنصة. كما انخفض سهم Advanced Micro Devices (AMD) بنسبة 6% بعد أن جاءت أرباحها المعدلة للسهم الواحد دون التقديرات، مما يشير إلى التحديات التي تواجه قطاع أشباه الموصلات.

يشير مايكل جرين، مدير المحافظ وكبير الاستراتيجيين في “سيمبليفا أسيت مانجمنت”، إلى أن المستثمرين لم يعودوا يكافئون الشركات التي تتجاوز التوقعات بنفس القدر الذي كانوا عليه في الماضي، مما يلمح إلى أن توقعات السوق كانت مرتفعة جداً قبل بداية موسم الأرباح.

الرسوم الجمركية والتوترات التجارية: هدوء نسبي في العاصفة

لا يمكن فصل أداء الأسهم الأمريكية عن السياق الاقتصادي الأوسع، لا سيما فيما يتعلق بالتوترات التجارية وسياسات الرسوم الجمركية التي تنتهجها إدارة ترامب. ففي الوقت الذي أعلنت فيه الإدارة عن فرض رسوم جمركية جديدة بنسبة 25% على السلع القادمة من الهند، ليرتفع إجمالي الرسوم على السلع الهندية إلى 50%، يرى المحللون أن تأثير هذه الرسوم على الاقتصاد الأمريكي ليس بالسوء الذي كان متوقعاً.

أوضح جرين أن الناس بدأوا يدركون أن تأثير الرسوم الجمركية على الولايات المتحدة كمستورد يختلف عن تأثيرها إذا كانت الولايات المتحدة مُصدراً رئيسياً. وقد أدى هذا الإدراك إلى “هدوء عام” في الأسواق. ومع ذلك، فإن السوق الآن في حالة من “الانتظار والترقب” لرؤية التطورات المستقبلية. هذا الحذر يعكس حالة من عدم اليقين التي تسيطر على المستثمرين، وتجعلهم يراقبون أي إشارات قد تؤثر على مسار التجارة العالمية والاقتصاد الأمريكي.

تحليل حذر لحركة السوق

وصف مايكل جرين الحركة الحالية للسوق بأنها “هضم” مستمر لتقلبات الأسبوع الماضي التي حدثت بعد أن جاء تقرير الوظائف مخيباً للآمال وقرر الاحتياطي الفيدرالي عدم خفض أسعار الفائدة. هذا الوصف يعكس بدقة حالة السوق التي ليست في حالة صعود قوي ولا هبوط حاد، بل هي في “حالة انتظار” (holding pattern).

هذه الحالة من الهضم والترقب تشير إلى أن المستثمرين يأخذون وقتاً لإعادة تقييم أوضاعهم، بعد أن تداخلت العوامل الاقتصادية الأساسية (مثل تقرير الوظائف والسياسة النقدية) مع العوامل السياسية (الرسوم الجمركية) ونتائج الشركات. إنها مرحلة طبيعية في دورة السوق، حيث يفسح المجال أمام المزيد من التطورات التي قد تحدد الاتجاه القادم.

نظرة مستقبلية للأسهم الأمريكية”

في الختام، يظهر أداء الأسهم الأمريكية في الفترة الأخيرة أنه محكوم بتفاعل معقد بين عدة عوامل. فمن جهة، هناك قوة دفع كبيرة من أخبار الشركات الكبرى مثل آبل التي تقوم باستثمارات ضخمة، ومن جهة أخرى، هناك حذر وتساؤلات حول جودة الأرباح والآثار طويلة المدى للسياسات التجارية. يظل السوق في حالة ترقب، يحلل كل معلومة جديدة بحذر، سواء كانت من تقارير الأرباح أو من قرارات السياسة النقدية أو التوترات الجمركية. المرحلة القادمة ستعتمد بشكل كبير على كيفية تطور هذه العوامل، وما إذا كانت الأخبار الإيجابية ستتمكن من التغلب على حالة عدم اليقين السائدة.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى