أخبار الأسواقأخبار الذهبسلع

الذهب يتراجع مع قوة الدولار وترقب قرارات الفيدرالي الأمريكي

شهدت أسعار الذهب تراجعاً طفيفاً يوم الأربعاء، مدفوعة بقوة الدولار الأمريكي، بينما يترقب المستثمرون بحذر شديد قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن التعيينات الجديدة في مجلس الاحتياطي الفيدرالي. هذا الترقب يلقي بظلاله على السوق العالمية، مما يجعل المستثمرين يحجمون عن اتخاذ رهانات كبيرة أو اتجاهات استثمارية واضحة في الوقت الحالي، مفضلين الانتظار حتى تتضح الرؤية بشأن القيادة المستقبلية للبنك المركزي الأقوى عالمياً.

تراجع سعر الذهب الفوري بنسبة 0.1% ليصل إلى 3376.69 دولار للأوقية بحلول الساعة 06:31 بتوقيت جرينتش، بعد أن سجل أعلى مستوى له في أسبوعين يوم الثلاثاء. كما انخفضت العقود الآجلة للذهب الأمريكي بنسبة 0.1% لتصل إلى 3432.40 دولار. يُعد الذهب تقليدياً ملاذاً آمناً في أوقات عدم اليقين الاقتصادي والجيوسياسي، لكن العلاقة المعقدة بينه وبين الدولار الأمريكي والسياسة النقدية تفرض ديناميكيات فريدة على تحركاته السعرية.

الدولار وقرارات الفيدرالي عوامل مؤثرة على سعر الذهب

ارتد مؤشر الدولار الأمريكي من أدنى مستوى له في أسبوع، والذي سجله في الجلسة السابقة بعد بيانات وظائف أمريكية ضعيفة. هذه البيانات، التي جاءت أضعف من التوقعات، عززت بشكل كبير آمال خفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي في سبتمبر. عادةً ما يؤدي خفض أسعار الفائدة إلى تقليل تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الذهب، الذي لا يدر عائداً، مما يزيد من جاذبيته. ومع ذلك، فإن قوة الدولار الأمريكي في هذه الحالة قد طغت على هذا التأثير الإيجابي، حيث يصبح الذهب المقوم بالدولار أكثر تكلفة لحاملي العملات الأخرى، مما يقلل من الطلب عليه.

وفي هذا السياق، علق إيليا سبيفاك، رئيس قسم الاقتصاد الكلي العالمي في Tastylive، قائلاً: “لقد انحصر الذهب بين قوى متضاربة. ساعد انخفاض العوائد، لكن الدولار الأمريكي تمكن من الصمود بشكل جيد على الرغم من عمليات البيع يوم الجمعة. وقد أدى ذلك إلى النطاق الذي نراه الآن، حيث تنتظر الأسعار قناعة عبر المحفزات.” هذا التصريح يلخص بدقة الوضع الحالي لسوق الذهب، الذي يتأرجح بين دعم من توقعات خفض الفائدة وضغط من قوة الدولار، مما يخلق حالة من التذبذب بدلاً من اتجاه واضح.

تتجه الأنظار الآن نحو البيت الأبيض، حيث صرح الرئيس ترامب يوم الثلاثاء بأنه سيعلن قريباً عن بديل مؤقت لحاكمة الاحتياطي الفيدرالي أدريانا كوجلر، التي أعلنت استقالتها يوم الجمعة. الأهم من ذلك، أنه سيعلن أيضاً عن اختياره لرئيس الفيدرالي القادم. هذه التعيينات لها تأثير مباشر ومحوري على السياسة النقدية الأمريكية، وبالتالي على قيمة الدولار وأسعار الذهب. فتعيين رئيس جديد قد يغير من التوجهات المستقبلية للبنك المركزي، سواء نحو سياسة أكثر تشدداً (رفع الفائدة) أو أكثر تيسيراً (خفض الفائدة)، مما سيؤثر بشكل مباشر على تكلفة الاقتراض، التضخم، وجاذبية الأصول المختلفة، بما في ذلك الذهب.

آمال خفض الفائدة والتوترات التجارية

يشير مؤشر CME FedWatch حالياً إلى أن احتمالات خفض الفائدة في سبتمبر تقترب من 88%، وذلك بعد بيانات نمو التوظيف الأضعف من المتوقع التي صدرت يوم الجمعة. هذه البيانات، التي تعتبر مؤشراً حيوياً على صحة سوق العمل الأمريكي، جاءت بمثابة مفاجأة للسوق، مما دفع التوقعات نحو سياسة نقدية أكثر تيسيراً. وقد أعقب هذه البيانات قرار الرئيس ترامب بإقالة مفوض مكتب إحصاءات العمل الأمريكي (BLS)، وهو ما أثار تساؤلات حول التدخل السياسي في البيانات الاقتصادية، مما يزيد من حالة عدم اليقين في الأسواق ويؤثر على توقعات سعر الذهب.

على الصعيد التجاري، عاد ترامب لتهديده برفع الرسوم الجمركية على السلع الهندية بسبب مشترياتها من النفط الروسي. وقد وصفت نيودلهي هذا الهجوم بأنه “غير مبرر” وتعهدت بحماية مصالحها الاقتصادية، مما يعمق الخلاف التجاري بين البلدين. هذه التوترات التجارية العالمية، التي تتسم بالتقلب وعدم القدرة على التنبؤ، غالباً ما تدفع المستثمرين نحو الأصول الآمنة مثل الذهب، حيث يسعون للتحوط ضد المخاطر الاقتصادية والجيوسياسية. ومع ذلك، في هذه الحالة، يبدو أن قوة الدولار وتوقعات الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة لها تأثير أكبر وأكثر فورية على تحركات أسعار الذهب.

أداء المعادن الثمينة الأخرى

في سياق متصل، أعلنت دار سك العملة في بيرث (Perth Mint)، وهي واحدة من أكبر مصافي الذهب في العالم، أن مبيعات منتجاتها من الذهب انخفضت بنسبة 33% في يوليو مقارنة بالشهر السابق، بينما تراجعت مبيعات الفضة إلى أدنى مستوى لها في ستة أشهر. هذا الانخفاض في المبيعات المادية قد يعكس تراجعاً في الطلب الفعلي على الذهب والفضة من قبل المستثمرين الأفراد أو المؤسسات، ربما بسبب تفضيلهم للأصول التي تدر عائداً في بيئة أسعار الفائدة المرتفعة نسبياً، أو بسبب عمليات جني الأرباح بعد الارتفاعات الأخيرة في أسعار المعادن. كما يمكن أن يشير إلى تحول في التركيز الاستثماري نحو الأسهم أو السندات في ظل التوقعات الاقتصادية المتغيرة.

بالنسبة للمعادن الثمينة الأخرى، استقرت الفضة الفورية عند 37.85 دولار للأوقية، وتراجعت البلاتين بنسبة 0.1% إلى 1319.35 دولار، بينما انخفض البلاديوم بنسبة 0.6% ليصل إلى 1168.17 دولار. عادةً ما تتبع هذه المعادن مسار الذهب بشكل عام، لكن لكل منها ديناميكياته الخاصة المتعلقة بالطلب الصناعي والاستثماري. على سبيل المثال، يتأثر البلاديوم والبلاتين بشكل كبير بقطاع السيارات نظراً لاستخدامهما في المحولات الحفازة.

في الختام، يظل سوق الذهب تحت تأثير مجموعة معقدة من القوى المتضاربة. فبينما توفر آمال خفض الفائدة دعماً محتملاً، تفرض قوة الدولار والتوترات الجيوسياسية ضغوطاً هبوطية. ستكون القرارات المتعلقة بالاحتياطي الفيدرالي، وخاصة تعيين قيادته الجديدة، بالإضافة إلى البيانات الاقتصادية الكلية الأمريكية، هي المحركات الرئيسية لأسعار الذهب في الأيام والأسابيع القادمة. يجب على المستثمرين مراقبة هذه العوامل عن كثب لاتخاذ قرارات مستنيرة في سوق الذهب المتقلب.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى