أخبار الأسواقأخبار الدولار الأمريكيفوركس

ارتفاع الدولار الأمريكي مقابل اليورو والين قبل بيانات اقتصادية أمريكية

شهد الدولار الأمريكي ارتفاعاً طفيفاً مقابل العملات الرئيسية، وتحديداً اليورو والين، ولكنه ظل يتداول بالقرب من أدنى مستوياته التي وصل إليها يوم الجمعة الماضي. جاء هذا التحرك المتقلب في أعقاب بيانات الوظائف الأمريكية التي جاءت أضعف من المتوقع، وهو ما فاجأ الأسواق وعزز التكهنات بأن الاحتياطي الفيدرالي قد يتجه نحو خفض أسعار الفائدة في وقت أقرب مما كان يُعتقد. هذه التوقعات دفعت الدولار إلى موجة بيع حادة في الأسبوع الماضي، وهو ما يعكس حساسية الأسواق تجاه أي إشارة على تباطؤ الاقتصاد الأكبر في العالم.

وعلى الرغم من الانتعاش الطفيف الذي شهده الدولار مؤخراً، لا يزال المستثمرون يترقبون بيانات اقتصادية جديدة قد تغير مسار السوق وتوجهات السياسة النقدية. ويُعتبر مؤشر الدولار، الذي يقيس قوة العملة الأمريكية مقابل سلة من ست عملات رئيسية، مقياساً حيوياً لمزاج السوق العام.

تتركز أنظار المستثمرين الآن على بيانات قطاع الخدمات القادمة من معهد إدارة التوريد (ISM). يُعد هذا المؤشر مقياساً رئيسياً للصحة الاقتصادية الأمريكية، وتُشير التوقعات إلى أنه قد يُظهر تحسناً طفيفاً، وهو ما قد يُبين مرونة القطاع غير الصناعي رغم حالة عدم اليقين.

إذا جاءت القراءة إيجابية وتجاوزت التوقعات، فمن المرجح أن يؤدي ذلك إلى دعم الدولار مرة أخرى، حيث ستُشير إلى أن قطاع الخدمات، الذي يُشكل جزءاً كبيراً من الاقتصاد الأمريكي، لا يزال مرناً وقوياً. وعلى العكس، إذا جاءت البيانات أضعف من المتوقع، فقد تزيد من الضغوط على الفيدرالي لخفض الفائدة بشكل أسرع.

توقعات خفض الفائدة وتأثيرها على الأسواق

تُشير التوقعات الحالية إلى تحول كبير في سياسة الاحتياطي الفيدرالي. فقد زادت احتمالية خفض الفائدة في الاجتماع المقبل بشهر سبتمبر بشكل ملحوظ، حيث تُسعر الأسواق الآن فرصة بنسبة 92% لهذا الخفض، ارتفاعاً من 63% فقط في الأسبوع السابق. هذا التحول يعكس القلق المتزايد بشأن تباطؤ الاقتصاد الأمريكي، خاصة بعد أن أظهرت بيانات مكتب إحصاءات العمل أن الاقتصاد أضاف عدداً أقل بكثير من الوظائف مقارنة بالتوقعات.

وتذهب التوقعات إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث تتوقع مؤسسة جولدمان ساكس أن يبدأ الفيدرالي سلسلة من ثلاثة تخفيضات متتالية لأسعار الفائدة، تبدأ في سبتمبر المقبل. حيث لا تستبعد المؤسسة خفضاً أكبر بنسبة 50 نقطة أساس (أي نصف نقطة مئوية) إذا أظهر تقرير الوظائف القادم تراجعاً إضافياً في سوق العمل وارتفاعاً أكبر في معدل البطالة.

هذه التحركات المتوقعة تعكس محاولة من الفيدرالي للحيلولة دون دخول الاقتصاد في ركود. إن خفض الفائدة بهذا الحجم سيكون إشارة قوية من البنك المركزي بأنه يأخذ مخاطر التباطؤ على محمل الجد، وقد يؤثر سلباً على قيمة الدولار في الأجل القصير.

الديناميكيات السياسية والمالية

أثارت الأحداث السياسية الأخيرة في الولايات المتحدة جدلاً واسعاً في الأوساط المالية. فقد جاءت إقالة رئيس مكتب إحصاءات العمل (BLS)، إيريكا ماكينتارفر، واستقالة حاكمة الاحتياطي الفيدرالي أدريانا كوجلر يوم الجمعة في وقت حرج. يرى المحللون أن هذه الأحداث قد تُعزز من إصرار لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية (FOMC) على حماية استقلاليتها، خاصة وأن المعين الجديد سيكون له صوت واحد فقط في اللجنة. يُفسر البعض هذا التطور على أنه قد يعزز موقف الفيدرالي في مواجهة الضغوط السياسية التي قد تهدف إلى التدخل في سياسته النقدية، وهو ما يزيد من حالة عدم اليقين.

من جانب آخر، علق تيري ويزمان، الخبير الاستراتيجي في مجموعة “ماكواري”، قائلاً إن تقرير الوظائف الأخير ربما أعطى الرئيس دونالد ترامب مبرراً إضافياً “لإقالة” رئيس الفيدرالي جيروم باول، أو على الأقل، دعماً لتعيين رئيس آخر يكون “أكثر مرونة” تجاه السياسة النقدية. وتُثار المخاوف بشأن استقلالية الفيدرالي مع كل تصريح من الإدارة الأمريكية، مما يجعل من الصعب على المستثمرين تقييم المسار المستقبلي لسعر الفائدة بناءً على المؤشرات الاقتصادية وحدها.

أداء العملات الرئيسية

على صعيد العملات، استمر اليورو في التراجع، حيث انخفض بنسبة 0.25% ليصل إلى 1.1544 دولار، بعد أن لامس مستوى 1.15855 دولار يوم الجمعة. هذا الانخفاض يأتي على الرغم من أن الاقتصاديين قد قاموا برفع توقعاتهم للنمو في منطقة اليورو واليابان، مما يعكس الأثر القوي لبيانات الوظائف الأمريكية الضعيفة.

وفي المقابل، ارتفع مؤشر الدولار الذي يقيس العملة الأمريكية مقابل سلة من ست عملات أخرى بنسبة 0.30% إلى 98.864، بعد أن وصل في وقت سابق من الجلسة إلى أدنى مستوى له في أسبوع عند 98.609.

تراجع الين الياباني بنسبة 0.34% ليصل إلى 147.6 للدولار، بعدما أظهر محضر اجتماع بنك اليابان لشهر يونيو أن بعض أعضاء مجلس الإدارة قد يفكرون في استئناف رفع أسعار الفائدة إذا تراجعت التوترات التجارية. وأشار ديريك هالبي، رئيس الأبحاث في “ميزوهو”، إلى أن هناك ضغطاً لرفع الفائدة قد يأتي من الرغبة في دعم استقرار سوق السندات الحكومية اليابانية (JGB) التي شهدت تقلبات مؤخراً.

ويعتبر استقرار هذا السوق أمراً بالغ الأهمية للاقتصاد الياباني.أما الجنيه الإسترليني، فقد ارتفع بشكل طفيف بنسبة 0.05% مقابل الدولار، حيث يتوقع المتداولون أن بنك إنجلترا سيحافظ على سياسته النقدية دون تغيير في اجتماع السياسة القادم هذا الأسبوع. يأتي هذا التوقع في ظل البيانات الاقتصادية المختلطة في المملكة المتحدة والتي تدعم موقف البنك الحذر.

التوترات التجارية والفرنك السويسري

لا يزال التركيز الرئيسي في الأسواق العالمية على حالة عدم اليقين المتعلقة بالتعريفات الجمركية. أثارت الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها ترامب على الواردات من عشرات الدول مخاوف بشأن صحة الاقتصاد العالمي.

في هذا السياق، انخفض الفرنك السويسري لليوم الثاني على التوالي، متراجعاً بنسبة 0.25% إلى 0.8103 مقابل الدولار، بعد انخفاضه بنسبة 0.5% في الجلسة السابقة. هذا الانخفاض يأتي في ظل سعي سويسرا لتقديم “عرض أكثر جاذبية” في مفاوضاتها التجارية مع واشنطن، بهدف تجنب فرض تعريفة جمركية بنسبة 39% على السلع السويسرية، والتي تُهدد اقتصادها المعتمد على التصدير.

ويرى المحللون أن هذا التحرك يعكس مدى الضغط الذي تواجهه سويسرا، خاصة وأن الولايات المتحدة هي أكبر شريك تجاري لها، وستكون التعريفات الجمركية الجديدة بمثابة ضربة قاصمة لقطاعات رئيسية مثل الساعات والأدوية والمنتجات الفاخرة.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى