أخبار الأسواقأخبار الذهبسلع

أسعار الذهب ترتفع مع تراجع الدولار قبل قرار الفيدرالي

ارتفعت أسعار الذهب اليوم الأربعاء بشكل طفيف، مدعومة بتراجع محدود في قيمة الدولار الأمريكي. يترقب المستثمرون عن كثب قرار السياسة النقدية المرتقب من الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، بالإضافة إلى أي تصريحات قد تصدر عن مسؤوليه، والتي من شأنها أن تقدم إشارات أوضح حول التوقيت المحتمل للتحركات المستقبلية للبنك المركزي الأمريكي بخصوص أسعار الفائدة. هذه التوقعات غالبًا ما يكون لها تأثير مباشر على جاذبية الذهب كاستثمار، حيث يتأثر المعدن الأصفر بشكل كبير بتوقعات أسعار الفائدة وتكاليف الفرصة البديلة للاحتفاظ به.

زاد سعر الذهب الفوري بنسبة 0.1% ليصل إلى 3328.15 دولار للأونصة بحلول الساعة 10:56 بتوقيت جرينتش. في الوقت نفسه، ارتفعت العقود الآجلة للذهب في الولايات المتحدة بشكل طفيف بنسبة 0.1% لتصل إلى 3325.10 دولار. هذه التحركات الصغيرة تعكس حالة من الترقب والحذر في الأسواق قبيل الإعلانات الهامة التي يمكن أن تعيد تشكيل توقعات المستثمرين وتؤثر على تدفقات رأس المال.

تأثير الدولار على أسعار الذهب

يعد مؤشر الدولار الأمريكي (DXY)، الذي يقيس قوة الدولار مقابل سلة من العملات الرئيسية، عاملاً حاسمًا في تحديد أسعار الذهب. فقد تراجع المؤشر بنسبة 0.1% بعد أن سجل أعلى مستوى له في أكثر من شهر يوم الثلاثاء. هذا التراجع يجعل الذهب، الذي يتم تسعيره بالدولار الأمريكي في الأسواق العالمية، أقل تكلفة وأكثر جاذبية لحاملي العملات الأخرى.

على سبيل المثال، عندما يضعف الدولار، يحتاج المستثمرون في منطقة اليورو أو اليابان إلى عدد أقل من اليورو أو الين لشراء نفس الكمية من الذهب، مما يزيد الطلب عليه ويدعم أسعاره. والعكس صحيح؛ فالدولار القوي يجعل الذهب أكثر تكلفة ويقلل من جاذبيته، حيث يصبح شراءه أكثر كلفة على المستثمرين خارج الولايات المتحدة.

العوامل الجيوسياسية ومفاوضات التعريفات

أشارت المحللة رونا أوكونيل من StoneX إلى أن مجموعة من العوامل، مجتمعة، تبقي أسعار الذهب في حالة من الركود النسبي أو التحركات المحدودة. من المنظور الجيوسياسي، يبدو أن هناك تقدمًا ملحوظًا في مفاوضات التعريفات الجمركية بين القوى الاقتصادية الكبرى، إلا أن حالة عدم اليقين لا تزال قائمة، حيث “لا أحد مستعد للالتزام بشكل كامل” بمسار معين. هذا الغموض يحد من الارتفاعات الكبيرة في أسعار الذهب، الذي يُنظر إليه عادة كملاذ آمن في أوقات عدم الاستقرار الاقتصادي أو السياسي. ففي أوقات التوترات، يميل المستثمرون إلى تحويل أموالهم إلى أصول يُنظر إليها على أنها تحتفظ بقيمتها، والذهب هو أحد أبرز هذه الأصول.

سيكون التركيز الأكبر على التطورات في العلاقات التجارية بين الصين والولايات المتحدة. فقد اتفق المسؤولون من الجانبين على السعي لتمديد الهدنة الجمركية لمدة 90 يومًا، وذلك بعد يومين من المحادثات التي وصفها الطرفان بأنها “بناءة” في ستوكهولم. أي تقدم إيجابي في هذه المفاوضات، مثل التوصل إلى اتفاق تجاري شامل، يميل إلى تقليل الحاجة إلى الأصول الآمنة مثل الذهب، حيث تتزايد شهية المخاطرة لدى المستثمرين. بينما يمكن أن يؤدي التدهور في العلاقات التجارية أو فشل المفاوضات إلى زيادة الطلب على الذهب كملاذ آمن.

كما ساهمت اتفاقيات التجارة الأخيرة، مثل تلك التي تم التوصل إليها مع اليابان الأسبوع الماضي ومع الاتحاد الأوروبي خلال عطلة نهاية الأسبوع، في تخفيف قلق المستثمرين بشكل عام. هذه الاتفاقيات عززت معنويات المخاطرة في السوق هذا الأسبوع، مما دفع المستثمرين نحو الأصول الأكثر خطورة مثل الأسهم والابتعاد عن الذهب مؤقتًا. هذا التحول يعكس تفاؤلاً متزايدًا بشأن النمو الاقتصادي العالمي وتقليل مخاطر الحرب التجارية.

سياسة الاحتياطي الفيدرالي وأسعار الفائدة

من المتوقع على نطاق واسع أن يبقي الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة ثابتة اليوم الأربعاء. يأتي هذا التوقع على الرغم من الدعوات المتكررة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لخفض أسعار الفائدة بهدف تحفيز الاقتصاد. ستولي الأسواق اهتمامًا خاصًا لملاحظات رئيس الفيدرالي جيروم باول، حيث يمكن أن تقدم هذه الملاحظات إشارات حاسمة حول المسار المستقبلي لأسعار الفائدة، بما في ذلك أي تلميحات حول التيسير الكمي أو التشدد النقدي.

أوضحت أوكونيل أن “الأسواق تسعر خفضين لأسعار الفائدة قبل نهاية العام، وهو ما قد يكون مبالغًا فيه”. وأضافت أن الفيدرالي “لن يخضع للضغط السياسي”، ولكن سيكون من المثير للاهتمام معرفة ما إذا كان التصويت على قرار الفائدة اليوم بالإجماع أم لا. التصويت بالإجماع قد يشير إلى وحدة قوية داخل اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة (FOMC)، بينما أي انقسام قد يثير تساؤلات حول الاتجاه المستقبلي للسياسة النقدية. تاريخيًا، يميل الذهب إلى الأداء الجيد في بيئة أسعار الفائدة المنخفضة. وذلك لأن انخفاض الفائدة يقلل من تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الذهب، الذي لا يدر عائدًا مثل الفوائد على السندات أو الودائع المصرفية. عندما تكون أسعار الفائدة منخفضة، يصبح الاحتفاظ بالذهب أكثر جاذبية مقارنة بالبدائل التي تدر فائدة أقل، مما يعزز الطلب عليه. كما أن انخفاض الفائدة قد يؤدي إلى ضعف الدولار، مما يعزز جاذبية الذهب.

أداء المعادن الثمينة الأخرى

في سياق متصل، شهدت المعادن الثمينة الأخرى تحركات متباينة. انخفضت الفضة الفورية بنسبة 0.6% لتصل إلى 37.97 دولار للأونصة، بينما تراجع البلاتين بنسبة 0.5% ليصل إلى 1388.59 دولار. على النقيض، ارتفع البلاديوم بنسبة 0.3% ليصل إلى 1262.19 دولار. غالبًا ما تتبع هذه المعادن مسار الذهب إلى حد ما، نظرًا لارتباطها ببعض العوامل الاقتصادية الكلية، ولكن قد تتأثر أيضًا بعوامل خاصة بها مثل الطلب الصناعي (خاصة في صناعة السيارات للبلاديوم والبلاتين) والعرض من المناجم، بالإضافة إلى الاستخدامات في المجوهرات والاستثمار.

في الختام، تتأثر أسعار الذهب بعوامل متعددة ومعقدة تتشابك لتشكل ديناميكيات السوق. تشمل هذه العوامل قوة الدولار الأمريكي، وقرارات السياسة النقدية للبنوك المركزية الكبرى، بالإضافة إلى التطورات الجيوسياسية والاقتصادية العالمية مثل مفاوضات التجارة والتوترات الدولية. يبقى الذهب أصلًا مهمًا للمستثمرين الباحثين عن ملاذ آمن في أوقات عدم اليقين، أو كأداة لتنويع محافظهم الاستثمارية ضد تقلبات الأسواق الأخرى. إن فهم هذه العوامل المتشابكة أمر بالغ الأهمية لأي مستثمر مهتم بسوق الذهب.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى