الأسهم الأمريكية تغلق عند مستوى قياسي والأسواق تتجاوز مخاوف التجارة المتجددة

سجل مؤشر S&P 500 ارتفاعات قياسية جديدة يوم الجمعة، متجاوزًا بذلك القلق المتجدد بشأن التعريفات الجمركية الأمريكية-الكندية. يُمثل هذا الارتفاع للمؤشر الرئيسي تحولاً حادًا عن المستويات المنخفضة التي شهدها في أبريل الماضي، والتي كانت ذروة التوترات المتعلقة بالسياسة التجارية.
المؤشرات الرئيسية تسجل مستويات قياسية: انتعاش لافت
أضاف مؤشر S&P 500 0.52% ليُغلق عند مستوى قياسي بلغ 6,173.07 نقطة. وفي وقت سابق من الجلسة، ارتفع المؤشر بنسبة 0.76% ليصل إلى 6,187.68 نقطة، متجاوزًا بذلك رقمه القياسي السابق البالغ 6,147.43 نقطة. كما سجل مؤشر ناسداك المركب رقماً قياسياً جديداً وأغلق عند 20,273.46 نقطة، بارتفاع 0.52%. أما مؤشر داو جونز الصناعي، فقد أضاف 432.43 نقطة، أي 1%، ليستقر عند 43,819.27 نقطة.
تُشير هذه الارتفاعات إلى انتعاش قوي في الأسهم الأمريكية، حيث صعد مؤشر S&P 500 بأكثر من 20% منذ أن بلغ أدنى مستوياته في 8 أبريل، وأصبح الآن مرتفعًا بنحو 5% لهذا العام.
وول ستريت تتنقل في مشهد تجاري متغير: تفاؤل ثم قلق متجدد
تراجعت الأسهم عن أعلى مستوياتها خلال الجلسة بعد أن صرح الرئيس دونالد ترامب على منصة “تروث سوشيال” بأن المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة وكندا “يتم إنهاؤها”. هذا الإعلان جاء ليُبدد بعض التفاؤل الأولي الذي ساد السوق بعد أن صرح وزير التجارة هوارد لوتنيك لبلومبرج نيوز في وقت متأخر من يوم الخميس بأن إطار عمل التجارة بين الصين والولايات المتحدة قد تم الانتهاء منه. وأضاف لوتنيك أن إدارة ترامب تتوقع التوصل إلى اتفاقيات مع 10 شركاء تجاريين رئيسيين قريبًا.
تُشير التحركات الحادة يوم الجمعة إلى أحدث حلقة في محاولات وول ستريت للتنقل في مشهد تجاري عالمي دائم التغير. فبعد أن ارتفعت الأسهم إلى مستوى قياسي جديد في فبراير الماضي على أمل سياسات ترامب الصديقة للأعمال، تراجعت الأسهم مع قرار الرئيس بتطبيق تعريفات جمركية صارمة أولاً. وفي أدنى مستوى له في أبريل، كان مؤشر S&P 500 قد انخفض بنحو 18% لعام 2025. وبدأ المؤشر تعافيًا مذهلاً بعد أن تراجع ترامب عن أعلى معدلات التعريفات الجمركية وبدأت الولايات المتحدة مفاوضات لإبرام صفقات تجارية.
محركات الانتعاش: الذكاء الاصطناعي وتجاهل المخاطر
رغم التوترات التجارية المتجددة، استمر المستثمرون في الشراء. وقد ساهم في هذا الانتعاش عدة عوامل:
- انتعاش تداول الذكاء الاصطناعي: قادت شركات مثل نفيديا (Nvidia) ومايكروسوفت (Microsoft) انتعاشًا قويًا في قطاع الذكاء الاصطناعي، مما كان بمثابة وقود رئيسي لعودة السوق. يُذكر أن سهم نفيديا قد سجل مستويات قياسية جديدة في الأيام الأخيرة وسط تفاؤل بآفاق أعمالها في سوق رقائق الذكاء الاصطناعي.
- تجاهل مخاطر النفط والدين: استمر المستثمرون في الشراء على الرغم من ارتفاع أسعار النفط الذي أثاره الصراع الإسرائيلي-الإيراني، والارتفاع في عوائد السندات بسبب المخاوف المتعلقة بعجز الميزانية الأمريكية. هذا يُشير إلى أن السوق تُقلل من شأن هذه المخاطر في الوقت الحالي، وتُركز على آفاق النمو.
وعلق تييري ويزمان، خبير استراتيجيات العملات الأجنبية والفوائد العالمية في Macquarie Group، قائلاً: “أرى أين تكمن المخاطر هنا – إذا كان التقدم التجاري مجرد ضجيج من البيت الأبيض ولم تُبرم أي صفقات حقيقية، فإن هذا السوق سينهار”. وأضاف: “في النهاية، كل هذا يعود إلى النمو في الاقتصاد الأمريكي ونمو الأرباح”. هذا يُبرز أن المحللين يُراقبون عن كثب ما إذا كانت الوعود التجارية ستُترجم إلى أفعال حقيقية تدعم النمو.
في النهاية يُغلق مؤشر S&P 500 عند مستوى قياسي جديد، مما يُظهر مرونة الأسهم الأمريكية في مواجهة القلق المتجدد بشأن التعريفات الجمركية. ورغم تصريحات ترامب حول إنهاء المحادثات مع كندا، إلا أن تفاؤل المستثمرين بشأن آفاق النمو في ظل اتفاقات تجارية محتملة، ودعم قطاع الذكاء الاصطناعي، قد دفع السوق للارتفاع. ومع ذلك، تُبقي المخاوف حول تنفيذ هذه الصفقات وتأثيرها على الاقتصاد، بالإضافة إلى المخاطر الجيوسياسية، السوق في حالة من الترقب الحذر.
اقرأ أيضا…