أسعار النفط تقفز بعد توسيع إسرائيل هجماتها على المواقع النووية الإيرانية

شهدت أسعار النفط ارتفاعا ملحوظا اليوم الخميس، بعد أن أعلنت إسرائيل أنها هاجمت مواقع نووية إيرانية في نطنز وأراك خلال الليل. تتزايد مخاوف المستثمرين بشكل حاد من اتساع نطاق الصراع في الشرق الأوسط، مما قد يؤدي إلى اضطراب كبير وغير متوقع في إمدادات النفط الخام العالمية التي تُعد حيوية للاقتصاد العالمي.
قفزة في أسعار النفط: الأرقام ومؤشرات السوق
ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت بواقع 88 سنتا، أو ما يعادل 1.15%، لتصل إلى 77.58 دولار للبرميل. وكان خام برنت قد حقق مكاسب بنسبة 0.3% في الجلسة السابقة، على الرغم من التقلبات الحادة التي شهدت تراجع الأسعار بنسبة 2.7%.
كما صعد خام غرب تكساس الأمريكي (WTI) لشهر يوليو بواقع 1.11 دولار، أو 1.48%، ليبلغ 76.25 دولار للبرميل، وذلك بعد أن ارتفع بنسبة 0.4% في الجلسة السابقة عندما تراجع بنسبة 2.4%. ينتهي عقد يوليو يوم الجمعة، بينما ارتفع عقد أغسطس، الأكثر نشاطا، بواقع 92 سنتا، أو 1.25%، ليصل إلى 74.42 دولار للبرميل. تشير هذه التحركات إلى علاوة مخاطر كبيرة تضاف إلى الأسعار مع تصاعد التوترات.
صراع الشرق الأوسط: استهداف المنشآت النووية وتزايد مخاطر الإمدادات
تعد الهجمات الإسرائيلية الجديدة على مواقع نووية إيرانية تصعيدًا خطيرًا يُغذي المخاوف من حرب إقليمية أوسع نطاقاً. وقد امتد الصراع لليوم السابع على التوالي يوم الخميس.
وقال توني سيكامور، محلل السوق في IG، في مذكرة لعملائه، إنه لا يزال هناك “علاوة مخاطر صحية مُضمنة في السعر، حيث يترقب المتداولون معرفة ما إذا كانت المرحلة التالية من الصراع الإسرائيلي-الإيراني ستكون ضربة أمريكية أم محادثات سلام”. هذا يعني أن السوق يتوقع احتمالية تدخل أطراف أخرى، مما يُزيد من تعقيد المشهد.
وقد ذكر بنك جولدمان ساكس يوم الأربعاء أن علاوة المخاطر الجيوسياسية البالغة حوالي 10 دولارات للبرميل مبررة، بالنظر إلى انخفاض الإمدادات الإيرانية وخطر حدوث اضطراب أوسع قد يدفع خام برنت إلى ما فوق 90 دولار. هذا التقييم يبرز مدى جدية المخاطر التي يواجهها سوق النفط.
سياسة ترامب الخارجية: عامل حاسم وغير متوقع يضاعف التوتر
تزيد سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الخارجية، التي لطالما اتسمت بعدم القدرة على التنبؤ، من حالة التوتر في الأسواق. فقد صرح ترامب يوم الأربعاء للصحفيين بأنه قد يقرر أو لا يقرر ما إذا كانت الولايات المتحدة ستنضم إلى إسرائيل في هجماتها على إيران. هذا الغموض يُبقي على حالة من الترقب الشديد، حيث أن أي قرار أمريكي يمكن أن يُغير ديناميكيات الصراع بشكل جذري.
وعلقت بريانكا ساشديفا، كبيرة محللي السوق في Phillip Nova، قائلة إنه نتيجة لعدم القدرة على التنبؤ الذي لطالما ميز سياسة ترامب الخارجية، “تظل الأسواق متوترة، وتترقب إشارات أكثر قوة يمكن أن تؤثر على إمدادات النفط العالمية والاستقرار الإقليمي”.
وتحذر هيليما كروفت، محللة RBC Capital، من أن خطر حدوث اضطرابات كبيرة في الطاقة سيزداد إذا شعرت إيران بتهديد وجودي، وأن دخول الولايات المتحدة في الصراع يمكن أن يؤدي إلى هجمات مباشرة على ناقلات النفط والبنية التحتية للطاقة، مما قد يُحدث صدمة غير مسبوقة في سوق الطاقة.
تُعد إيران ثالث أكبر منتج في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك)، حيث تُنتج حوالي 3.3 مليون برميل يومياً من النفط الخام. ويُقدر أن حوالي 19 مليون برميل يومياً من النفط والمنتجات النفطية تُنقل عبر مضيق هرمز على طول الساحل الجنوبي لإيران، وهناك قلق واسع النطاق من أن القتال قد يُعطل تدفقات التجارة عبر هذا الممر المائي الحيوي، مما سيُحدث تداعيات اقتصادية عالمية واسعة النطاق.
الفيدرالي الأمريكي: معادلة معقدة بين الفائدة والتضخم
في سياق منفصل، أبقى الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة ثابتة يوم الأربعاء، لكنه أشار إلى احتمال خفضين في أسعار الفائدة بحلول نهاية العام. وقد صرح رئيسه جيروم باول بأن تخفيضات الفائدة ستكون “تعتمد على البيانات”، وتوقع تسارعًا في تضخم أسعار المستهلك بسبب تعريفات ترامب الاستيرادية المخطط لها.
وعادة ما تُحفز أسعار الفائدة المنخفضة النمو الاقتصادي، وبالتالي تزيد الطلب على النفط. ولكن في ظل المخاوف الحالية من ارتفاع أسعار النفط بسبب التوترات الجيوسياسية، فإن خفض الفائدة قد يُفاقم التضخم، مما يضع الفيدرالي الأمريكي أمام معادلة معقدة، حيث يتعين عليه الموازنة بين دعم النمو والسيطرة على الأسعار.
ختاما قفزت أسعار النفط اليوم الخميس مع تصاعد هجمات إسرائيل على المواقع النووية الإيرانية، مما يُثير مخاوف من اتساع نطاق الصراع في الشرق الأوسط وتأثيره على إمدادات النفط العالمية. ومع استمرار سياسة ترامب الخارجية غير المتوقعة وتهديدات إيران، تظل السوق في حالة يقظة قصوى. في الوقت نفسه، تُعقد توقعات الاحتياطي الفيدرالي بتخفيض أسعار الفائدة، والتي قد تُحفز الطلب لكنها تُهدد بتغذية التضخم، من المشهد العام لأسعار النفط. ستبقى أنظار المستثمرين متجهة إلى تطورات الصراع في الشرق الأوسط، وقرارات البنوك المركزية، وتأثيرها على ديناميكيات العرض والطلب في سوق النفط العالمية.
اقرأ أيضا…