أخبار الأسواقأخبار النفطسلع

أسعار النفط ترتفع مع تصاعد الصراع الإسرائيلي-الإيراني

شهدت أسعار النفط ارتفاعًا يوم الثلاثاء، مدفوعة بتصاعد الصراع بين إسرائيل وإيران، على الرغم من أن البنية التحتية لإنتاج النفط والغاز وتدفقاته الرئيسية في المنطقة لم تتأثر بشكل كبير حتى الآن. هذا الارتفاع يعكس قلق السوق من اتساع نطاق الصراع، حتى لو كانت التقارير الأولية تُشير إلى عدم وجود تأثيرات جوهرية على العرض.

النفط يعاود الارتفاع: الأرقام ومؤشرات السوق

ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت بواقع 1.56 دولار، أو ما يعادل 2.1%، لتصل إلى 74.79 دولار للبرميل. كما صعد خام غرب تكساس الأمريكي بواقع 1.42 دولار، أو ما يقرب من 2%، ليبلغ 73.19 دولار.

كان كلا الخامين قد ارتفعا بأكثر من 2% في وقت مبكر من الجلسة، لكنهما تراجعا في تداولات متقلبة قبل أن يعاودا الارتفاع، مما يظهر حساسية السوق الشديدة للأخبار الجيوسياسية. وقد كانت الأسعار قد قفزت بأكثر من 5% يوم الجمعة لتتجاوز 74 دولار للبرميل، مدفوعة بالمخاطر على إمدادات الشرق الأوسط.

صراع الشرق الأوسط: ضربات مستمرة وقلق على البنية التحتية

تعد التوترات المتصاعدة بين إسرائيل وإيران هي المحرك الرئيسي لارتفاع أسعار النفط. فقد أعلنت إيران أنها علقت جزئيا إنتاج الغاز في حقل “فارس الجنوبي” (South Pars)، الذي تتقاسمه مع قطر، بعد أن تسببت ضربة إسرائيلية في نشوب حريق هناك يوم السبت. ويعد حقل فارس الجنوبي أكبر حقل غاز في العالم. كما ضربت إسرائيل مستودع شاهران للنفط في إيران.

وعلق أولي هانسن، محلل ساكسو بنك، قائلا: “السوق قلقة إلى حد كبير بشأن الاضطراب عبر (مضيق) هرمز، لكن خطر ذلك منخفض جدا”. وأضاف أن “لا يوجد رغبة في إغلاق الممر المائي، بالنظر إلى أن إيران ستخسر الإيرادات وأن الولايات المتحدة تريد أسعار نفط أقل وتضخما أقل”.

وفي تطور مقلق، اصطدمت ناقلتا نفط واشتعلت فيهما النيران يوم الثلاثاء بالقرب من مضيق هرمز، حيث ارتفعت “التدخلات الإلكترونية” بشكل كبير، مما يبرز المخاطر التي تواجه الشركات التي تنقل النفط والوقود في المنطقة.

آفاق العرض والطلب العالمية: تقديرات “وكالة الطاقة الدولية”

على الرغم من إمكانية حدوث اضطرابات، هناك مؤشرات على أن إمدادات النفط لا تزال وفيرة وسط توقعات بانخفاض الطلب. فقد خفضت وكالة الطاقة الدولية (IEA)، في تقريرها الشهري عن النفط يوم الثلاثاء، تقديراتها للطلب العالمي على النفط بمقدار 20 ألف برميل يوميا من توقعات الشهر الماضي، وزادت تقديرات العرض بمقدار 200 ألف برميل يوميا لتصل إلى 1.8 مليون برميل يوميا.

ورغم رؤيتها لذروة مبكرة للطلب في الصين، تتمسك وكالة الطاقة الدولية بتوقعاتها بأن الطلب العالمي على النفط سيبلغ ذروته بحلول عام 2029. هذا الرأي يتناقض بشدة مع رأي مجموعة أوبك، التي تقول إن الاستهلاك سيستمر في النمو لفترة أطول بكثير.

تشير توقعات وكالة الطاقة الدولية إلى أن الطلب على النفط سيبلغ ذروته عند 105.6 مليون برميل يوميا بحلول عام 2029 ثم سينخفض قليلا في عام 2030. في الوقت نفسه، من المتوقع أن ترتفع القدرة الإنتاجية العالمية بأكثر من 5 ملايين برميل يوميا لتصل إلى 114.7 مليون برميل يومياً بحلول عام 2030. هذا يشير إلى وفرة محتملة في الإمدادات حتى عام 2030 إذا لم تحدث اضطرابات كبيرة.

وعلق فاتح بيرول، المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية، قائلاً: “بناءً على الأساسيات، تبدو أسواق النفط مجهزة جيدا في السنوات القادمة”. وأضاف: “لكن الأحداث الأخيرة تبرز بحدة المخاطر الجيوسياسية الكبيرة على أمن إمدادات النفط”.

ذروة الطلب الصيني: بعد عقود من قيادة نمو الطلب العالمي على النفط، يُظهر مساهمة الصين تباطؤاً، حيث تواجه تحديات اقتصادية وتحولا كبيرا نحو السيارات الكهربائية. من المتوقع أن يبلغ استهلاك النفط في الصين ذروته في عام 2027. وعلى النقيض، يُعزز انخفاض أسعار البنزين وتباطؤ تبني السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة توقعات الطلب على النفط حتى عام 2030.

اجتماعات البنوك المركزية: عامل مراقبة آخر

بالإضافة إلى التطورات الجيوسياسية، يركز المستثمرون أيضاً على قرارات أسعار الفائدة للبنوك المركزية، حيث تُعقد لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية الأمريكية (FOMC) اجتماعها لمناقشة أسعار الفائدة في وقت لاحق من يوم الثلاثاء. يُراقب المستثمرون عن كثب هذه الاجتماعات، حيث تُحدد السياسات النقدية مسار النمو الاقتصادي، وبالتالي الطلب على النفط.

ختاما ارتفعت أسعار النفط يوم الثلاثاء مدفوعة بتصاعد الصراع الإسرائيلي-الإيراني، لكن استقرار البنية التحتية لإنتاج وتصدير النفط حتى الآن يُبقي على حالة من التوازن الحذر في السوق. ورغم المخاوف من تأثيرات جيوسياسية على مضيق هرمز، فإن توقعات وكالة الطاقة الدولية تُشير إلى وفرة في الإمدادات العالمية حتى عام 2030، وهو ما قد يُخفف من تأثير أي اضطرابات قصيرة الأجل. ستبقى أنظار المستثمرين متجهة إلى تطورات الصراع في الشرق الأوسط، وقرارات البنوك المركزية، وتأثيرها على ديناميكيات العرض والطلب في سوق النفط.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى