أسعار الذهب تستقر مع ترقب المستثمرين لتطورات صراع الشرق الأوسط وقرار الفيدرالي الأمريكي

شهدت أسعار الذهب استقراراً يوم الثلاثاء، حيث يُقيّم المستثمرون الصراع الدائر بين إسرائيل وإيران، بينما تتجه أنظارهم إلى اجتماع السياسة النقدية للبنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي هذا الأسبوع. يأتي هذا الاستقرار في الأسعار وسط تبادل الهجمات المستمر في الشرق الأوسط، وتوقعات متباينة بشأن مسار الذهب في المدى القريب والبعيد.
الذهب يتماسك: الأرقام ومؤشرات السوق
ظل سعر الذهب الفوري مستقرا عند 3383.01 دولار للأونصة. فيما تراجعت العقود الآجلة للذهب الأمريكي بنسبة 0.5% لتسجل 3401.30 دولار.
وعلق هان تان، كبير محللي السوق في Exinity Group، قائلاً: “الأسواق تنتظر أحدث الإشارات حول ما إذا كانت الأعمال العدائية بين إسرائيل وإيران ستتصاعد أم ستبقى محتواة”. وأضاف: “الذهب لا يزال يحتفظ بميله للارتفاع في حال تفاقم الصراع في الشرق الأوسط، بالنظر إلى مكانة المعدن الثمين كملاذ آمن مفضل مؤخرا”.
صراع الشرق الأوسط: استمرار الهجمات والجهود الدبلوماسية
شهدت إسرائيل وإيران تبادل الهجمات لليوم الخامس على التوالي يوم الثلاثاء. وقد حث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على إجلاء العاصمة الإيرانية طهران، كما قطع زيارته لقمة مجموعة السبع في كندا، مشيرًا إلى أنه طلب من مجلس الأمن القومي في إدارته أن يكون مستعدًا في غرفة العمليات. هذه التطورات تُبرز القلق المتزايد من تصاعد الصراع الإقليمي.
وفي محاولة لتهدئة التوترات، أبلغت مصادر لرويترز أن طهران قد طلبت من سلطنة عمان، وقطر، والمملكة العربية السعودية حث ترامب على دفع إسرائيل باتجاه وقف إطلاق النار في المنطقة، مع تقديم إيران مرونة في المحادثات النووية مقابل ذلك. تُعتبر هذه المساعي الدبلوماسية مهمة لتهدئة المخاوف، ولكن نجاحها لا يزال غير مؤكد.
الفيدرالي الأمريكي: ترقب لقرار الفائدة وتوقعات السوق
يعد الذهب، الذي لا يدر عائداً، ملاذاً آمناً خلال فترات عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي، ويميل إلى الازدهار في بيئة أسعار الفائدة المنخفضة. وتترقب الأسواق قرار البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بشأن أسعار الفائدة وتصريحات رئيسه جيروم باول، والمقرر صدورهما يوم الأربعاء.
ويتوقع على نطاق واسع أن يُبقي البنك المركزي الأمريكي أسعار الفائدة ثابتة. ومع ذلك، تشير أسواق العقود الآجلة إلى توقعات بخفضين في أسعار الفائدة بحلول نهاية العام، قد يبدأان في سبتمبر، وقد تعززت هذه التوقعات بفضل بيانات التضخم المعتدلة التي صدرت الأسبوع الماضي. أي إشارة من الفيدرالي تعزز هذه التوقعات يمكن أن تقدم دعما لأسعار الذهب.
توقعات سيتي: نظرة متشائمة للذهب وتفاؤلية للفضة
في مفارقة ملحوظة، خفض بنك سيتي أهداف أسعاره للذهب على المدى القصير والطويل في مذكرة بتاريخ الاثنين. وتوقع البنك أن تنخفض أسعار الذهب إلى ما دون 3000 دولار للأونصة بحلول أواخر عام 2025 أو أوائل عام 2026، مدفوعة بتراجع الطلب الاستثماري وتحسن آفاق النمو العالمي.
وقد عدل سيتي أهدافه لأسعار الذهب لتصبح 3300 دولار للأونصة (لفترة 0-3 أشهر) من 3500 دولار، و2800 دولار للأونصة (لفترة 6-12 شهرًا) من 3000 دولار. ومع ذلك، توقع سيتي أن تستمر أسعار الذهب في التماسك بين 3100 و3500 دولار للأونصة في الربع الثالث، مدعومة بالمخاطر الجيوسياسية والتغيرات المحتملة في سياسة التعريفات الجمركية الأمريكية والمخاوف المتعلقة بالميزانية الأمريكية، قبل أن يبدأ اتجاه هبوطي.
ورأى سيتي أن الطلب الاستثماري على الذهب سيتراجع في أواخر عام 2025 و2026، مع بدء ظهور تأثير شعبية الرئيس ترامب ونمو الاقتصاد الأمريكي، خاصة مع اقتراب انتخابات التجديد النصفي الأمريكية. وتوقع البنك أن يعود الذهب إلى حوالي 2500-2700 دولار للأونصة بحلول النصف الثاني من عام 2026. ورغم أن سيتي حدد 20% فقط كاحتمال لسيناريو صعودي قد تتجاوز فيه الأسعار 3500 دولار للأونصة، إلا أنه أشار إلى أن ذلك قد يحدث بسبب تصاعد التوترات الجيوسياسية والاقتصادية الأمريكية.
في المقابل، توقع سيتي ارتفاع أسعار الفضة لتصل إلى 40 دولار للأونصة خلال الأشهر الـ 6-12 القادمة، مدفوعة بتضييق توافرها والطلب القوي. وقد تصل الفضة إلى 46 دولار للأونصة بحلول الربع الثالث من عام 2025 في سيناريو صعودي، مدعومة بحل أسرع للحرب التجارية الأمريكية-الصينية وسياسة الاحتياطي الفيدرالي المتشددة.
أداء المعادن الثمينة الأخرى
في أسواق المعادن الثمينة الأخرى، ارتفعت الفضة الفورية بنسبة 0.3% لتصل إلى 36.45 دولار للأونصة. بينما ظل البلاتين دون تغيير عند 1246.59 دولار، وتراجع البلاديوم بنسبة 0.4% ليصل إلى 1025.44 دولار.
ختاما تستقر أسعار الذهب يوم الثلاثاء، في ظل توازن بين استمرار التوتر في الشرق الأوسط الذي يدعم الطلب على الملاذ الآمن، وبين ترقب قرار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وتوقعات سيتي المتشائمة على المدى الطويل. بينما يرى بعض المحللين أن الصراع قد يُبقي على دعم الذهب، فإن بنك سيتي يرى أن عوامل أخرى مثل تحسن النمو العالمي قد تُقلل من جاذبيته مستقبلاً، مع تفاؤل أكبر بشأن الفضة. ستبقى أنظار المستثمرين مُترقبة لتصريحات الاحتياطي الفيدرالي، وأي تطورات جيوسياسية، لتحديد مسار أسعار الذهب في الفترة المقبلة.
اقرأ أيضا…