أسعار النفط تستقر: التوترات الجيوسياسية وضعف الدولار يدعمان السوق رغم زيادة “أوبك+”

شهدت أسعار النفط استقرارا يوم الثلاثاء، مدعومة بتزايد التوترات الجيوسياسية، حيث كثفت روسيا وأوكرانيا الحرب، بينما تستعد إيران لرفض مقترح صفقة نووية أمريكية قد تكون حاسمة في تخفيف العقوبات المفروضة على هذا المنتج النفطي الكبير. يأتي هذا الاستقرار بعد مكاسب قوية حققها النفط يوم الاثنين، عقب قرار “أوبك+” بالإبقاء على زيادات الإنتاج لشهر يوليو عند مستوياتها السابقة، وهو ما قلل من مخاوف السوق من زيادة أكبر في المعروض.
استقرار الأسعار: الأرقام ومؤشرات السوق
ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت بواقع 5 سنتات، أو ما يعادل 0.1%، لتصل إلى 64.68 دولار للبرميل. كما صعد خام غرب تكساس الأمريكي بواقع 16 سنتا، أو 0.3%، ليبلغ 62.68 دولار. هذه التحركات الطفيفة تشير إلى توازن مؤقت في السوق، حيث تتصارع قوى الدعم مع عوامل الضغط.
وكان النفط قد حقق مكاسب بنحو 3% يوم الاثنين، بعد أن قررت منظمة البلدان المصدرة للنفط وحلفائها، المعروفة باسم “أوبك+”، يوم السبت الإبقاء على زيادة الإنتاج لشهر يوليو عند 411 ألف برميل يوميا. هذه هي الزيادة الشهرية الثالثة على التوالي بنفس الكمية، وهو مستوى أقل مما كان يخشاه البعض في السوق، مما أدى إلى تبديد المخاوف من ضخ كميات أكبر بشكل مفاجئ.
التوترات الجيوسياسية: عامل دعم رئيسي
تعد التوترات الجيوسياسية المتصاعدة محركا رئيسيا لطلب الملاذ الآمن ودعم أسعار النفط. يرى هاري تشيلينجويان، المحلل في Onyx Capital Group، أن “علاوات المخاطر قد عادت إلى أسعار النفط بعد الضربات الأوكرانية العميقة لروسيا خلال عطلة نهاية الأسبوع”. وأضاف: “ولكن الأهم بالنسبة لكمية البراميل، هناك تبادل الاتهامات بين الولايات المتحدة وإيران بشأن تخصيب اليورانيوم”.
ففي عطلة نهاية الأسبوع، كثفت أوكرانيا وروسيا الحرب بأحد أكبر معارك الطائرات المسيرة في صراعهما، وتفجير جسر طريق سريع روسي فوق قطار ركاب، وهجوم على قاذفات قادرة على حمل أسلحة نووية في عمق سيبيريا. هذه الأحداث تُشعل فتيل القلق بشأن استقرار الإمدادات العالمية.
وفي سياق متصل، تستعد إيران لرفض مقترح أمريكي لإنهاء نزاع نووي مستمر منذ عقود، حسبما صرح دبلوماسي إيراني يوم الاثنين، قائلا إن المقترح لا يلبي مصالح طهران أو يخفف من موقف واشنطن بشأن تخصيب اليورانيوم. إذا فشلت المحادثات النووية، فقد يعني ذلك استمرار العقوبات على إيران، مما سيحد من الإمدادات النفطية الإيرانية في السوق، وبالتالي سيكون داعما لأسعار النفط.
ضعف الدولار الأمريكي: عامل إيجابي للنفط
جاء دعم إضافي لأسعار النفط من ضعف الدولار الأمريكي. فقد ظل مؤشر الدولار الأمريكي قرب أدنى مستوياته في ستة أسابيع، حيث يوازن المستثمرون آفاق سياسة التعريفات الجمركية للرئيس دونالد ترامب وإمكانية تأثيرها سلباً على النمو وإشعال التضخم.
وتؤدي العملة الأمريكية الضعيفة إلى جعل السلع المقومة بالدولار، مثل النفط، أقل تكلفة لحاملي العملات الأخرى، مما يزيد من جاذبيتها ويرفع الطلب عليها. في هذا الصدد، قالت بريانكا ساشديفا، كبيرة محللي السوق في Phillip Nova: “أسعار النفط الخام تواصل الارتفاع، مدعومة بضعف الدولار”.
حرائق كندا ومخزونات أمريكا: مخاوف إمدادات إضافية
تضاف إلى مخاوف الإمدادات، حرائق الغابات المستمرة في مقاطعة ألبرتا الكندية. فقد أثرت هذه الحرائق على أكثر من 344 ألف برميل يومياً من إنتاج رمال النفط، أو حوالي 7% من إجمالي إنتاج البلاد من النفط الخام، وفقا لحسابات رويترز. هذا التوقف المؤقت في الإنتاج يقلص من المعروض العالمي.
كما أن هناك توقعات بانخفاض في مخزونات النفط الخام الأمريكية، وهو ما يمكن أن يوفر دعما إضافيا للأسعار إذا تحققت هذه التوقعات في الجولة الأخيرة من تقارير الإمدادات الأسبوعية. عادة ما يشير انخفاض المخزونات إلى طلب قوي أو نقص في المعروض، وهو ما يدعم أسعار النفط.
في النهاية تستقر أسعار النفط يوم الثلاثاء، مدعومة بمجموعة من العوامل التي توازن بعضها بعضا. فبينما كان قرار “أوبك+” بالإبقاء على زيادات الإنتاج عند المستوى المتوقع قد أزال بعض الضغط، فإن تصاعد التوترات الجيوسياسية في أوكرانيا والشرق الأوسط، وضعف الدولار الأمريكي، ومخاوف الإمدادات من حرائق كندا وتوقف الإنتاج الفنزويلي المحتمل، كلها عوامل قوية تدعم الأسعار. على المستثمرين الأفراد والقراء العاديين مراقبة هذه الديناميكيات المعقدة بعناية، حيث أن التوازن بين العرض والطلب، والأحداث السياسية، سيشكلان مسار أسعار النفط في الفترة المقبلة.
اقرأ أيضا…