أخبار الأسواقأخبار النفطسلع

أسعار النفط تستقر: ترقب حذر لاجتماع “أوبك+”

تشهد أسعار النفط حالة من الاستقرار النسبي اليوم الجمعة، لكنها تتجه نحو تسجيل انخفاض أسبوعي ثانٍ على التوالي. يأتي هذا الضغط المتزايد من توقعات بزيادة جديدة في الإنتاج من تحالف “أوبك+”، بالإضافة إلى حالة عدم اليقين المستمرة بشأن التعريفات الجمركية الأمريكية بعد التطورات القانونية الأخيرة التي أبقتها سارية المفعول. هذه الديناميكيات المتضاربة تُلقي بظلالها على السوق، وتجعل مسار أسعار النفط في الأيام والأسابيع القادمة محط أنظار الجميع.

تحركات طفيفة في أسعار النفط الخام: مؤشرات السوق تعكس الترقب

في تداولات اليوم، صعدت العقود الآجلة لخام برنت بواقع 23 سنتا، أو ما يعادل 0.36%، لتصل إلى 64.38 دولار للبرميل. وعلى الجانب الآخر، ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الأمريكي (WTI) بواقع 32 سنتا، أو 0.53%، لتسجل 61.26 دولار للبرميل. هذه التحركات الطفيفة نسبيا تشير إلى أن السوق في حالة ترقب حذر، بانتظار إشارات أوضح من الأحداث القادمة.

يذكر أن عقد خام برنت لشهر يوليو من المقرر أن ينتهي اليوم الجمعة. أما عقد أغسطس، وهو الأكثر سيولة حاليا، فقد كان يتداول بسعر أعلى بواقع 30 سنتا، أو 0.47%، ليصل إلى 63.65 دولار للبرميل. وعلى الرغم من هذه الارتفاعات الطفيفة، يتجه العقدان لتسجيل انخفاض أسبوعي هامشي يبلغ حوالي 0.5%، مما يعكس الضغوط المستمرة التي تواجهها أسعار النفط.

ترقب لقرار “أوبك+” لزيادة الإنتاج وسط فائض عالمي متزايد

لقد قام المستثمرون بالفعل بتسعير توقعات بزيادة أخرى في الإنتاج من منظمة البلدان المصدرة للنفط وحلفائها، المعروفة باسم “أوبك+”، وذلك قبيل اجتماع ثمانية من أعضائها يوم السبت. هذا الاجتماع ينظر إليه على أنه محوري في تحديد اتجاه المعروض العالمي للنفط.

في هذا الصدد، صرح روبرت ريني، رئيس قسم أبحاث السلع والكربون في ويستباك، في مذكرة، أن “المسرح مهيأ لزيادة إنتاج ضخمة أخرى”. وأشار إلى أن هذه الزيادة قد تتجاوز الـ 411 ألف برميل يومياً التي تم الاتفاق عليها في الاجتماعين السابقين، مما قد يضيف كميات كبيرة من النفط إلى السوق. وأضاف محللو كومرتس بنك أن أسعار النفط قد انخفضت بالفعل بعد تقارير إعلامية تفيد بأن بعض المندوبين أشاروا بالفعل إلى أنهم سيتخذون قرارا بزيادة كبيرة أخرى في الإنتاج. وعليه، فإن “الإعلان الفعلي من المرجح أن يكون له تأثير محدود فقط” على الأسعار، نظراً لأن السوق قد استوعبت هذه التوقعات مسبقاً.

تأتي هذه الزيادة المحتملة في وقت تشير فيه البيانات إلى أن الفائض العالمي من النفط قد اتسع ليبلغ 2.2 مليون برميل يومياً. يرى محللو جي بي مورغان في مذكرة أن هذا الفائض قد يستلزم تعديلاً في الأسعار لتحفيز استجابة من جانب العرض واستعادة التوازن في السوق. هذا يعني أن زيادة الإنتاج من “أوبك+” قد تؤدي إلى تفاقم مشكلة الفائض، مما يضغط أكثر على أسعار النفط.

التعريفات الجمركية الأمريكية مصدر مستمر لعدم اليقين

على الجانب الآخر من المعادلة التي تؤثر على أسعار النفط، تظل قضية التعريفات الجمركية الأمريكية مصدر قلق كبير. ففي الولايات المتحدة، ستظل تعريفات الرئيس السابق دونالد ترامب سارية المفعول بعد أن أعادت محكمة استئناف فدرالية تفعيلها مؤقتاً يوم الخميس. هذا القرار جاء عكس حكم محكمة تجارية صدر يوم الأربعاء كان قد أمر بوقف فوري لأغلب الرسوم الجمركية، مما أثار موجة من الارتياح المؤقت في الأسواق قبل أن يتبدد هذا الارتياح.

وكان هذا الحظر المؤقت، الذي صدر يوم الأربعاء، قد دفع أسعار النفط للانخفاض بأكثر من 1% يوم الخميس، حيث كان المتداولون يوازنون بين آثاره المحتملة على الاقتصاد العالمي والطلب على الوقود. وأشار المحللون إلى أن حالة عدم اليقين ستظل قائمة مع استمرار معارك التعريفات الجمركية في المحاكم، مما يخلق بيئة متقلبة تؤثر على استقرار أسعار النفط.

الجدير بالذكر أن أسعار النفط قد خسرت أكثر من 10% منذ أن أعلن ترامب عن تعريفات “يوم التحرير” في 2 أبريل. هذا التراجع يسلط الضوء على حساسية السوق الشديدة للتوترات التجارية، وكيف يمكن للقرارات السياسية أن تُحدث تأثيرات فورية وملموسة على الأسواق العالمية.

عوامل أخرى تؤثر على العرض والطلب

على صعيد إمدادات النفط، تتزايد المخاوف بشأن عقوبات جديدة محتملة على الخام الروسي. أي قيود جديدة على تدفقات النفط الروسي يمكن أن تؤثر بشكل كبير على المعروض العالمي وتدعم أسعار النفط، حيث أن روسيا تعد من كبار المنتجين.

تضاف إلى مخاطر العرض، أخبار عن إنهاء شركة شيفرون (CVX.N) لإنتاجها النفطي وعدة أنشطة أخرى في فنزويلا. هذا القرار جاء بعد أن سحبت إدارة ترامب ترخيصها الرئيسي في مارس. وفي أبريل، ألغت فنزويلا الشحنات المجدولة إلى شيفرون، مشيرة إلى عدم اليقين بشأن المدفوعات المتعلقة بالعقوبات الأمريكية. كانت شيفرون تصدر 290 ألف برميل يوميا من النفط الفنزويلي، أو أكثر من ثلث إجمالي إنتاج البلاد، قبل ذلك. هذا التوقف يمثل خسارة كبيرة في الإمدادات العالمية التي ستؤثر على أسعار النفط.

توقع موكيش ساهديف، الرئيس العالمي لأسواق السلع في Rystad Energy، في مذكرة، أن “نقاط البيانات من مايو حتى أغسطس تشير إلى تحيز إيجابي وصعودي مع توقع أن يتجاوز الطلب على السوائل العرض”. ويتوقع أن يتجاوز نمو الطلب نمو العرض بما يتراوح بين 600 ألف و700 ألف برميل يومياً، مما يدعم النظرة الصعودية للأسعار.

في غضون ذلك، أجبر حريق غابات في مقاطعة ألبرتا الكندية السكان على الإخلاء وأدى إلى إغلاق مؤقت لبعض إنتاج النفط والغاز، مما قد يقلل من الإمدادات. هذه الأحداث غير المتوقعة تذكر السوق بهشاشة سلاسل الإمداد العالمية وتأثرها بالكوارث الطبيعية.

في النهاية يستقر سوق أسعار النفط في الوقت الحالي نتيجة توازن دقيق بين عوامل متضاربة. فبينما يترقب السوق تأكيد زيادة الإنتاج من “أوبك+”، والتي يتوقع المستثمرون بالفعل أن تحدث، تظل معارك التعريفات الجمركية الأمريكية مصدر قلق مستمر يضيف طبقة من عدم اليقين. في الوقت نفسه، تلعب المخاطر الجيوسياسية المتعلقة بالعقوبات الروسية المحتملة، وتوقف إنتاج النفط في فنزويلا، بالإضافة إلى تأثير حرائق الغابات الكندية، دوراً حاسماً في تشكيل مشهد العرض والطلب. على المستثمرين الأفراد والقراء العاديين متابعة هذه الديناميكيات المعقدة عن كثب، حيث أن كل منها يحمل القدرة على تحريك أسعار النفط في اتجاهات مختلفة في الفترة المقبلة.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى