أخبار الأسواقأخبار الذهبسلع

أسعار الذهب تتراجع مع تراجع حدة المخاطر التجارية

شهدت أسعار الذهب تراجعا إلى أدنى مستوى لها في أكثر من أسبوع يوم الخميس، بعد أن قضت محكمة تجارية أمريكية بحظر معظم التعريفات الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. يشير هذا القرار إلى تخفيف حدة المخاطر التجارية العالمية، وهو ما أثر سلبا على الطلب على الذهب، الذي ينظر إليه عادة كأصل ملاذ آمن في أوقات عدم اليقين.

الذهب يتراجع: الأرقام ومؤشرات السوق

انخفض سعر الذهب الفوري بنسبة 0.3% ليصل إلى 3281.19 دولارا للأونصة، بعد أن سجل أدنى مستوى له منذ 20 مايو في وقت سابق من الجلسة. كما تراجعت العقود الآجلة للذهب الأمريكي بنسبة 0.5% لتسجل 3279.10 دولار.

عزز قرار المحكمة من شهية المخاطرة في الأسواق المالية، مما قلل من جاذبية الذهب. في هذا الصدد، صرح ريكاردو إيفانجيليستا، كبير المحللين في شركة ActivTrades للوساطة: “قرار المحكمة أدى إلى حالة من الارتياح في الأسواق المالية، ومع ذلك جاءت شهية أكبر للمخاطرة، مما يضغط على الذهب”.

قرار المحكمة الأمريكية والدولار القوي

جاء قرار محكمة التجارة الدولية ومقرها مانهاتن ليقضي بأن ترامب “تجاوز سلطته” بفرضه رسوما جمركية شاملة على شركاء التجارة الأمريكيين. هذا الحكم كان له تأثير فوري على الأسواق؛ فقد ارتفع الدولار الأمريكي وعقود وول ستريت الآجلة، مما يشير إلى تفاؤل المستثمرين بشأن مستقبل التجارة العالمية.

وكما هو معروف، فإن قوة الدولار الأمريكي تجعل السلع المقومة به، مثل الذهب، أكثر تكلفة لحاملي العملات الأخرى. هذا الارتباط العكسي التقليدي بين الدولار وأسعار الذهب يفسر جزءا كبيرا من التراجع الذي شهده المعدن الثمين اليوم.

ومع ذلك، من المهم الإشارة إلى أن البيت الأبيض سارع بالطعن في القرار وأشار إلى أنه قد يرفع القضية إلى المحكمة العليا إذا لزم الأمر. هذا يعني أن التخفيف الحالي للمخاطر التجارية قد يكون مؤقتاً، وأن شبح التوترات التجارية قد يعود ليخيم على الأسواق مرة أخرى. كان ترامب قد فرض “تعريفات متبادلة” على عدة دول في أوائل أبريل، مما أثار مخاوف من ركود عالمي. وقد تم إيقاف العديد من تلك التعريفات الخاصة ببلدان معينة مؤقتاً بعد أسبوع واحد.

الذهب كملاذ آمن

يعتبر الذهب تقليديا ملاذا آمنا في أوقات عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي. وقد سجل المعدن الأصفر مستويات قياسية متعددة هذا العام، مدعوماً بالتوترات التجارية، والمخاوف بشأن الدين الأمريكي، والمخاطر الجيوسياسية المتزايدة. ففي أوقات الأزمات، يلجأ المستثمرون إلى الذهب لحماية ثرواتهم من تآكل قيمة العملات أو تقلبات الأسواق المالية الأخرى.

على الرغم من التراجع الحالي، لا تزال هناك عوامل قد تدعم أسعار الذهب على المدى الطويل. فقد أقر مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي في اجتماعهم في 6-7 مايو بـ”مقايضات صعبة” محتملة في المستقبل، مع ارتفاع التضخم والبطالة، وحذروا من تزايد مخاطر الركود، وفقا لمحضر الاجتماع.

ترقب البيانات الاقتصادية وإشارات الفائدة

تتجه أنظار المستثمرين هذا الأسبوع إلى بيانات الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي المقرر صدورها في وقت لاحق من اليوم، بالإضافة إلى أرقام مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي (PCE) في الولايات المتحدة يوم الجمعة، للحصول على مزيد من الإشارات حول مسار سياسة الاحتياطي الفيدرالي النقدية. أي إشارات تشير إلى أن التضخم قد يظل مرتفعاً، أو أن مخاطر الركود تتزايد، قد تدفع المستثمرين للعودة إلى الذهب. يرى متداولو العقود الآجلة لأموال الاحتياطي الفيدرالي أن البنك المركزي الأمريكي من المرجح أن يستأنف تخفيضات أسعار الفائدة في سبتمبر، وهو عامل قد يدعم الذهب على المدى الطويل إذا تحققت هذه التوقعات.

وعلى الرغم من التراجع الأخير، تحافظ بعض التوقعات على نظرة صعودية لأسعار الذهب. فقد ذكر بنك ANZ في مذكرة أنهم “يحتفظون بموقفهم الصعودي تجاه الذهب، على الرغم من أن التراجع نحو 3050 دولار للأونصة يبدو ممكنا بعد الارتفاع السريع الأخير في الأسعار”. وأضاف البنك أن “التوترات الجيوسياسية من المرجح أن تتعقد بسبب سياسات الرئيس ترامب التجارية والخارجية في عام 2025، مما يدفع الطلب على الذهب كملاذ آمن”.

أداء المعادن الثمينة الأخرى

لم تكن حركة التراجع مقتصرة على الذهب وحده. فقد ارتفع سعر الفضة الفورية بنسبة 0.9% ليصل إلى 33.29 دولار للأونصة، وارتفع البلاتين بنسبة 0.1% إلى 1075.95 دولار، بينما ارتفع البلاديوم بنسبة 0.8% إلى 969.87 دولار. هذه التحركات المختلطة في سوق المعادن الثمينة تعكس المشهد المتغير للمخاطر الاقتصادية والسياسية.

ختاما تراجعت أسعار الذهب يوم الخميس مدفوعة بقرار محكمة أمريكية خفف مؤقتا من مخاوف التعريفات الجمركية وقوة الدولار. ومع ذلك، تظل المخاوف بشأن السياسة المالية الأمريكية، وتصريحات الاحتياطي الفيدرالي حول التضخم والركود، والمخاطر الجيوسياسية المحتملة، عوامل دعم قوية لجاذبية الذهب كملاذ آمن على المدى الطويل. على المستثمرين الأفراد والقراء العاديين متابعة هذه العوامل المتعددة، حيث أن التطورات القادمة في الاقتصاد الأمريكي والسياسة التجارية ستلعب دوراً حاسماً في تحديد مسار أسعار الذهب المستقبلي.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى