الأسهم الأمريكية تتأرجح والأنظار على إنفيديا

شهدت الأسهم الأمريكية جلسة تداول متأرجحة ومائلة قليلاً نحو الانخفاض يوم الأربعاء، حيث قام المستثمرون بتحليل أحدث تقارير أرباح الشركات ومحضر اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي، بينما حبست الأسواق أنفاسها ترقباً لصدور النتائج الفصلية لعملاق الرقائق “إنفيديا” بعد جرس الإغلاق.
جاء هذا الأداء الحذر بعد يوم من الانتعاش القوي، ليعكس حالة من الترقب وعدم اليقين بشأن الخطوات التالية للأسواق. انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 (S&P 500) بشكل طفيف بنسبة 0.2%، في حين تراجع مؤشر ناسداك المركب (Nasdaq Composite) بنسبة 0.1%. أما مؤشر داو جونز الصناعي (Dow Jones Industrial Average)، فسجل انخفاضاً بنحو 159 نقطة، أو ما يعادل 0.4%.
ترقب نتائج “إنفيديا” يهيمن على معنويات السوق
كانت نتائج شركة “إنفيديا”، المقرر إعلانها بعد إغلاق السوق، هي الحدث الأبرز الذي هيمن على اهتمام المستثمرين والمتعاملين في وول ستريت. ويولي السوق أهمية قصوى لهذه النتائج ليس فقط لأداء الشركة نفسها، بل لما قد تكشفه عن اتجاهات أوسع في قطاع التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.
- مؤشر على استثمارات الأعمال: يرى توم هاينلين، كبير استراتيجيي الاستثمار في “يو إس بانك”، أن “المحركات الكبيرة للاقتصاد التي تبقيه نوعاً ما بعيداً عن الركود وتحافظ على إيجابية أرباح الشركات هي الإنفاق الاستهلاكي واستثمار الشركات”. وأضاف أن “نتائج إنفيديا مؤشر رئيسي على ما إذا كانت الشركات قد سرعت استثماراتها أم لا”.
- تأثير قيود الصين والطلب على الرقائق: يراقب المستثمرون عن كثب ما ستعنيه القيود المفروضة على الصين بالنسبة لشركة صناعة رقائق الذكاء الاصطناعي، التي لا تشهد أي تباطؤ في الطلب على معالجاتها الرسومية. وقد ارتفعت أسهم “إنفيديا” بنسبة تقارب 1% قبيل صدور التقرير، مما يعكس بعض التفاؤل الحذر.
تباين أداء أسهم الشركات وسط ضبابية اقتصادية
شهدت جلسة الأربعاء تبايناً واضحاً في أداء أسهم الشركات بناءً على تقارير أرباحها وتوقعاتها المستقبلية:
- سهم “أوكتا” (Okta) يتراجع: هوى سهم شركة برمجيات إدارة الهوية بأكثر من 13% بعد أن أبقت الشركة على توجيهاتها المستقبلية دون تغيير على الرغم من تحقيقها نتائج فاقت التوقعات في الربع الأخير. وعزت الشركة هذا النهج الحذر إلى “عدم اليقين الاقتصادي الكلي”.
- أسهم التجزئة تحقق مكاسب: على النقيض من ذلك، ارتفعت أسهم شركة “أبركرومبي آند فيتش” (Abercrombie & Fitch) بأكثر من 16%، كما صعد سهم “ديكس سبورتنج جودز” (Dick’s Sporting Goods) بأكثر من 2%، وذلك في أعقاب تقارير فصلية إيجابية من شركتي التجزئة.
محضر الفيدرالي يؤكد نهج الحذر و”المقايضات الصعبة”
بقيت الأسهم الأمريكية تتحرك في نطاق محدود بعد أن أصدر مجلس الاحتياطي الفيدرالي بعد ظهر الأربعاء محضر اجتماعه لشهر مايو. وأظهر المحضر أن المشاركين وجدوا أن اتباع نهج حذر في السياسة النقدية أمر مناسب وسط فترة من عدم اليقين الاقتصادي، وأن البنك المركزي قد يواجه “مقايضات صعبة” إذا ارتفع التضخم. هذا التأكيد على الحذر من جانب الفيدرالي لم يقدم مفاجآت كبيرة للسوق، ولكنه عزز الشعور العام بالترقب.
وإلى جانب نتائج الشركات ومحضر الفيدرالي، راقب المتداولون أيضاً الارتفاع في عوائد السندات. والجدير بالذكر أن عائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل 30 عاماً وصل إلى مستوى 5% خلال جلسة الأربعاء. يمكن أن يؤدي ارتفاع عوائد السندات في بعض الأحيان إلى زيادة الضغط على أسواق الأسهم، حيث يوفر بديلاً استثمارياً أقل مخاطرة، ويزيد من تكلفة الاقتراض للشركات.
تحركات السوق بعد انتعاش الثلاثاء بفضل تهدئة تجارية
يأتي الأداء الحذر يوم الأربعاء بعد جلسة قوية شهدتها الأسهم الأمريكية يوم الثلاثاء. حيث ارتفع مؤشر داو جونز بأكثر من 700 نقطة، أو حوالي 1.8%، بينما صعد مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 2%، وأنهى كل منهما سلسلة خسائر استمرت أربعة أيام. كما تقدم مؤشر ناسداك المركب بنحو 2.5%.
كان الدافع وراء تلك التحركات الإيجابية هو إعلان الرئيس دونالد ترامب يوم الأحد أنه سيؤجل فرض تعريفة جمركية بنسبة 50% على الاتحاد الأوروبي إلى التاسع من يوليو، بعد أن كان قد صرح يوم الجمعة بأنه “لا يتطلع إلى صفقة”. هذا التطور أضاف إلى آمال المستثمرين في أن يتمكن سوق الأسهم من ترك أسوأ فترات الفوضى الناجمة عن التعريفات الجمركية وراءه.
اتسمت جلسة تداول يوم الأربعاء في سوق الأسهم الأمريكية بالحذر والترقب، مع تحركات طفيفة للمؤشرات الرئيسية. وبينما استوعب المستثمرون أحدث تقارير الأرباح ومحضر اجتماع الفيدرالي الذي أكد على نهج الحيطة، بقيت الأنظار شاخصة نحو عملاق التكنولوجيا “إنفيديا”، التي يُنظر إلى نتائجها على أنها مؤشر هام ليس فقط على صحة قطاع أشباه الموصلات والذكاء الاصطناعي، بل وأيضاً على اتجاهات الإنفاق الاستثماري للشركات.
سيكون لنتائج “إنفيديا” وتوجيهاتها المستقبلية، إلى جانب التطورات المستمرة فيما يتعلق بالسياسة النقدية وعوائد السندات، تأثير كبير على معنويات السوق وتحديد مسار الأسهم الأمريكية في الجلسات القادمة. في الوقت الحالي، يبدو أن “الانتظار والترقب” هو العنوان الأبرز في وول ستريت.
اقرأ أيضا…