تأجيل التعريفات الأوروبية يشعل شرارة صعود قوي في الأسهم الأمريكية

شهدت الأسهم الأمريكية يوم الثلاثاء انتعاشا قويا، لتكسر بذلك سلسلة خسائر استمرت لأربعة أيام متتالية، في بداية أسبوع تداول قصير بعد عطلة يوم الذكرى في الولايات المتحدة. جاء هذا الارتفاع الملحوظ مدفوعا بشكل رئيسي بتصريحات الرئيس دونالد ترامب خلال عطلة نهاية الأسبوع، والتي أشار فيها إلى موافقته على تأجيل فرض تعريفات جمركية كانت مزمعة على الاتحاد الأوروبي، مما بث روح التفاؤل في الأسواق.
امتدت المكاسب لتشمل غالبية القطاعات، مع تألق لافت لأسهم التكنولوجيا، مما يعكس تجدد شهية المستثمرين للمخاطرة بعد فترة من الحذر سادت الأسبوع الماضي.
تأجيل التعريفات وتجدد آمال التهدئة التجارية
كان المحفز الرئيسي لهذا الصعود هو إعلان الرئيس ترامب يوم الأحد عن تأجيل الموعد النهائي لفرض رسوم جمركية بنسبة 50% على واردات الاتحاد الأوروبي إلى التاسع من يوليو، وذلك بناء على طلب من أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية. يأتي هذا القرار بعد أن كان ترامب قد اقترح الأسبوع الماضي فرض ضريبة استيراد بنسبة 50% على الاتحاد الأوروبي اعتبارا من الأول من يونيو، وهو ما أثار قلق الأسواق العالمية.
هذه الخطوة نحو التهدئة عززت من الآمال في إمكانية التوصل إلى اتفاقات تجارية، وهو ما أكده كيفن هاسيت، مدير المجلس الاقتصادي الوطني، حيث توقع “رؤية المزيد من الصفقات حتى هذا الأسبوع”. هذا التفاؤل انعكس أيضاً على بيانات ثقة المستهلك الأمريكي لشهر مايو، والتي جاءت أقوى من المتوقع، مدعومة بالآمال في التوصل إلى اتفاقيات تجارية.
أداء المؤشرات الرئيسية
استجابت مؤشرات الأسهم الأمريكية الرئيسية بشكل إيجابي لهذه التطورات:
- أغلق مؤشر داو جونز الصناعي (Dow Jones Industrial Average) على ارتفاع كبير بلغ 740.58 نقطة، أو ما يعادل 1.78%، ليصل إلى 42,343.65 نقطة.
- صعد مؤشر ستاندرد آند بورز 500 (S&P 500) بنسبة 2.05%، ليغلق عند 5,921.54 نقطة.
- كان مؤشر ناسداك المركب (Nasdaq Composite) الأفضل أداءً، حيث قفز بنسبة 2.47%، منهياً الجلسة عند 19,199.16 نقطة.
بهذه المكاسب، أنهت المؤشرات الثلاثة موجة خسائر دامت أربعة أيام متتالية، مما أعاد بعض الثقة إلى المستثمرين.
قطاع التكنولوجيا تقود المسيرة والأسهم الصغيرة تلحق بالركب
لم يكن الارتفاع مقتصرا على المؤشرات العامة، بل شمل قطاعات واسعة، وكان قطاع التكنولوجيا في طليعة الرابحين. شهد سهم شركة تسلا (Tesla) قفزة بنحو 7% بعد أن صرح رئيسها التنفيذي إيلون ماسك بأنه سيعيد تركيزه على شركاته مبتعداً عن السياسة. كما سجلت أسهم شركات تكنولوجية كبرى أخرى ارتفاعات ملحوظة، بما في ذلك إنفيديا (Nvidia)، وإيه إم دي (AMD)، وأبل (Apple)، ومايكروسوفت (Microsoft).
خارج قطاع التكنولوجيا، ارتفعت أسهم شركة يو إس ستيل (U.S. Steel) بنحو 2% بعد أن نقلت مصادر مطلعة شركة نيبون ستيل اليابانية من المتوقع أن تُتم صفقة الاستحواذ عليها مقابل 55 دولار للسهم.
كما شهدت أسهم الشركات الصغيرة مكاسب، حيث ارتفع مؤشر راسل 2000 (Russell 2000) بنحو 2.5%، مما يشير إلى اتساع نطاق التفاؤل في السوق. وأظهرت البيانات أن أكثر من تسعة من كل عشرة أسهم مدرجة في مؤشر S&P 500 سجلت ارتفاعا خلال الجلسة.
انعكاس للتشاؤم السائد الأسبوع الماضي
جاء تحرك يوم الثلاثاء المفعم بالحيوية بعد أسبوع صعب في وول ستريت، حيث تراجعت مؤشرات داو جونز وستاندرد آند بورز 500 وناسداك المركب بأكثر من 2% لكل منها، وذلك على خلفية دعوة ترامب الأولية لفرض تعريفات على الاتحاد الأوروبي، مما أثار قلق المشاركين في السوق.
وعلق دان رايان، الشريك الإداري في “سينسيروس أدفايزوري”، على هذا التحول قائلاً: “يبدو أن عطلة نهاية الأسبوع الطويلة لم تخدم سوى بناء الزخم لتقلبات اليوم الحادة”. وأضاف: “التوترات التجارية التي اشتعلت تم إخمادها مرة أخرى، والآن ستشمل مسارا سريعا (للتسويات)”.
ترقب بيانات الأرباح ومراقبة السوق
يتطلع المتداولون هذا الأسبوع إلى نتائج أرباح الشركات، حيث من المقرر أن تعلن شركة أوكتا (Okta) عن نتائجها بعد جرس الإغلاق يوم الثلاثاء، تليها شركات مثل إنفيديا (Nvidia)، ومايسيز (Macy’s)، وكوستكو (Costco) في وقت لاحق من الأسبوع.
وتجدر الإشارة إلى أن موسم الأرباح الحالي كان إيجابيا بشكل عام، فوفقا لـ “فاكت ست” (FactSet)، أعلنت أكثر من 95% من الشركات المدرجة في مؤشر S&P 500 عن نتائجها، وتمكن ما يقرب من 78% منها من تجاوز توقعات المحللين.
هل يستمر الانتعاش في الأسهم الأمريكية؟
شكل يوم الثلاثاء نقطة مضيئة للأسهم الأمريكية، حيث غذى التفاؤل بشأن تأجيل الحرب التجارية مع أوروبا شهية المخاطرة لدى المستثمرين. الارتفاعات الواسعة النطاق، بقيادة قطاع التكنولوجيا، تعكس ارتياح السوق لتراجع حدة التوترات التي خيمت على الأجواء الأسبوع الماضي.
ومع ذلك، بينما تم تأجيل التهديد المباشر للتعريفات، يظل شبح عدم اليقين التجاري قائماً، ويمكن للرياح أن تغير اتجاهها بسرعة. سيعتمد استمرار هذا الزخم الإيجابي على عدة عوامل، بما في ذلك التقدم الفعلي في المفاوضات التجارية، واستمرار الشركات في تحقيق أرباح قوية، بالإضافة إلى البيانات الاقتصادية القادمة التي ستعطي مؤشرات أوضح حول صحة الاقتصاد الأمريكي. يبقى على المستثمرين توخي الحذر ومتابعة التطورات عن كثب في سوق لا يزال حساساً للأخبار المتعلقة بالسياسة التجارية.
اقرأ أيضا…
تعليق واحد