أخبار الأسواقأسهم أمريكيةأسهم

الأسهم الأمريكية تتكبد خسائر فادحة: داو جونز يهوي بأكثر من 800 نقطة مع قفزة عوائد السندات ومخاوف تفاقم العجز المالي

شهدت الأسهم الأمريكية موجة بيع عنيفة خلال تداولات يوم الأربعاء، حيث تراجعت المؤشرات الرئيسية بشكل حاد، ليفقد مؤشر “داو جونز الصناعي” أكثر من 800 نقطة. ويأتي هذا التراجع الكبير مدفوعا بشكل أساسي بقفزة حادة في عوائد سندات الخزانة الأمريكية، وتزايد قلق المستثمرين من أن مشروع قانون الميزانية الأمريكية الجديد قد يزيد من الضغوط على العجز المالي الكبير بالفعل في البلاد. تأتي هذه التطورات السلبية لتنهي فترة من التعافي القوي شهدتها الأسهم الأمريكية مؤخرا، وتعيد إلى الأذهان المخاوف التي سادت الأسواق في وقت سابق.

تفاصيل الانهيار في الأسهم الأمريكية يوم الأربعاء

كانت الخسائر واضحة ومؤثرة في جميع مؤشرات الأسهم الأمريكية الرئيسية عند إغلاق جلسة الأربعاء:

  • مؤشر داو جونز الصناعي (Dow Jones Industrial Average): خسر 816.80 نقطة، أو ما يعادل 1.91%، ليغلق عند 41,860.44 نقطة.
  • مؤشر ستاندرد آند بورز 500 (S&P 500): تراجع بنسبة 1.61%، ليغلق عند 5,844.61 نقطة.
  • مؤشر ناسداك المركب (Nasdaq Composite): انخفض بنسبة 1.41%، ليغلق عند 18,872.64 نقطة.

ويأتي هذا التراجع الحاد بعد جلسة صعبة شهدتها الأسواق يوم الثلاثاء، حيث أنهى مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” سلسلة مكاسب استمرت لستة أيام، بينما سجل مؤشر “ناسداك” أول يوم سلبي له في ثلاث جلسات.

ارتفاع سندات الخزانة تضغط على الأسهم الأمريكية

كان الارتفاع الحاد في عوائد سندات الخزانة الأمريكية هو المحرك الرئيسي وراء موجة البيع التي اجتاحت الأسهم الأمريكية. فقد وصل العائد على سندات الخزانة لأجل 30 عاما في أحدث التعاملات إلى حوالي 5.09%، ملامسا أعلى مستوى له منذ أكتوبر 2023. كما ارتفع العائد على سندات الخزانة القياسية لأجل 10 سنوات ليتداول عند 4.59%.

ويعتبر ارتفاع عوائد السندات عادة عامل ضغط على الأسهم الأمريكية لعدة أسباب، منها أنه يزيد من تكاليف الاقتراض للشركات والمستهلكين، ويجعل الاستثمار في السندات أكثر جاذبية مقارنة بالأسهم التي تُعتبر أصولًا ذات مخاطر أعلى. وكانت عوائد السندات قد شهدت قفزة مماثلة الشهر الماضي (أبريل) وسط مخاوف بشأن التعريفات الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب، وتأثيرها على ثقة المستثمرين في وضع الديون الأمريكية كملاذ آمن. وفي ذلك الوقت، ارتفع العائد على سندات العشر سنوات من أقل من 3.9% إلى أكثر من 4.5% في غضون أيام قليلة، قبل أن يتراجع قليلاً بعد إعلان ترامب عن تأجيلات في تطبيق بعض الرسوم. القفزة الحالية تعيد هذه العوائد إلى مستويات أبريل المثيرة للقلق أو تتجاوزها.

مخاوف تفاقم العجز المالي تزيد من توتر الأسواق

تزايدت مخاوف المستثمرين بشأن الوضع المالي للولايات المتحدة مع اقتراب إقرار مشروع قانون ميزانية جديد. ويُخشى أن يؤدي هذا القانون إلى تفاقم العجز المالي الكبير بالفعل في البلاد. وقد شهدت السندات طويلة الأجل عمليات بيع مكثفة يوم الأربعاء بسبب هذه المخاوف. ومن المتوقع أن يتم تمرير مشروع القانون مع توصل المشرعين إلى تسوية بشأن الخصومات الضريبية للولايات والمحليات (SALT) قبيل الموعد النهائي الذي حدده رئيس مجلس النواب مايك جونسون في عطلة يوم الذكرى.

وزادت حدة ارتفاع العوائد بعد نتيجة مزاد ضعيفة لبيع سندات خزانة لأجل 20 عامًا بعد ظهر الأربعاء، مما أثار مخاوف من أن المستثمرين قد يفقدون شهيتهم لتمويل العجز المالي الأمريكي. هذا الوضع يضع ضغوطًا إضافية على الأسهم الأمريكية التي تتأثر سلبا بارتفاع تكاليف التمويل وتوقعات تباطؤ النمو.

وفي مقابلة مع شبكة “سي إن بي سي”، قال سام ستوفال، كبير استراتيجيي الاستثمار في “سي إف آر إيه ريسيرش”: “السؤال الآن، من منظور مالي، هو كيف سيبدو مشروع قانون الضرائب، وهل سيلغي كل التقشف المالي الأخير بمجرد رفع مستوى الدين بوتيرة أبطأ؟ لذا أعتقد أن هذا هو السبب وراء ارتفاع عائد سندات العشر سنوات – لأن المستثمرين قلقون من أننا لا نفعل شيئا حقا لإبطاء وتيرة التضخم وتقليل الدين”. وأضاف: “الآن يبدو أن هناك فرصة أكبر لتمرير مشروع قانون الضرائب، وهذا قد ينتهي به الأمر ببساطة إلى الاستمرار في رفع مستوى الدين الإجمالي”.

تحركات أسهم بارزة في ظل التراجع العام للأسواق الأمريكية

لم تقتصر الخسائر على المؤشرات العامة، بل امتدت لتشمل العديد من الأسهم الأمريكية البارزة، خاصة تلك الحساسة لارتفاع أسعار الفائدة وتوقعات النمو الاقتصادي:

  • سهم شركة تارجت (Target): انخفض بنسبة 5.2% بعد أن قامت سلسلة متاجر التجزئة الكبرى بخفض توقعاتها للمبيعات للعام بأكمله. وأشار المسؤولون التنفيذيون في الشركة إلى عدم اليقين بشأن التعريفات الجمركية وردود الفعل السلبية على تراجع الشركة عن جهود التنوع والإنصاف والشمول (DEI).
  • سهم يونايتد هيلث (UnitedHealth): كان الأسوأ أداء بين مكونات مؤشر داو جونز، حيث فقد 5.8% من قيمته بعد تخفيض تصنيفه من قبل بنك “إتش إس بي سي”.
  • أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى: شهدت أسهم شركات عملاقة مثل “آبل” و”أمازون” تراجعا أيضا مع ارتفاع أسعار الفائدة، مما يسلط الضوء على حساسية أسهم النمو لبيئة الفائدة المرتفعة.

سياق التعافي الأخير ومخاوف “التشبع الشرائي” في الأسهم الأمريكية

يأتي تراجع يوم الأربعاء الحاد بعد فترة من الانتعاش القوي الذي شهدته الأسهم الأمريكية. فمنذ موجة البيع التي اجتاحت الأسواق الشهر الماضي في أعقاب كشف الرئيس ترامب عن تعريفات جمركية حادة على السلع المستوردة، تمكنت المؤشرات الرئيسية من تحقيق تعاف ملحوظ. فقد ارتفع مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” بأكثر من 13% ومؤشر “ناسداك” بأكثر من 18% خلال الشهر الماضي.

هذا التعافي السريع والكبير أثار تساؤلات حول مدى استدامته، ودفع بعض المحللين إلى التحذير من احتمالية وصول السوق إلى مستويات “التشبع الشرائي”. وأضاف ستوفال في تعليقه: “بعض [المستثمرين] قلقون قليلاً من أننا ذهبنا بعيدًا جدًا، وبسرعة كبيرة، وأننا بحاجة إلى بعض الهضم للمكاسب الأخيرة”. وبالتالي، يمكن النظر إلى تراجع يوم الأربعاء ليس فقط كرد فعل على الأخبار السلبية المتعلقة بالعجز وعوائد السندات، ولكن أيضًا كعملية تصحيح أو جني أرباح طبيعية بعد ارتفاع سريع.

اقرأ أيضا….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى