أسعار النفط تقفز بأكثر من 1% بفعل مخاوف من ضربة إسرائيلية لإيران وتعطل الإمدادات في الشرق الأوسط

شهدت أسعار النفط ارتفاعا ملحوظا تجاوز 1% خلال تداولات يوم الأربعاء، مدفوعة بتصاعد المخاوف من تعطل محتمل للإمدادات في منطقة الشرق الأوسط الحيوية. ويأتي هذا الارتفاع في أعقاب تقارير تشير إلى أن إسرائيل قد تكون تستعد لشن ضربات على منشآت نووية إيرانية، مما أثار قلق المستثمرين بشأن استقرار المنطقة وتدفقات النفط العالمية.
وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت بمقدار 79 سنتا، أو ما يعادل 1.2%، لتصل إلى 66.17 دولار للبرميل. وفي الوقت نفسه، قفزت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الأمريكي بمقدار 82 سنتا، أو بنسبة 1.3%، لتسجل 62.85 دولار للبرميل.
تقارير عن ضربة إسرائيلية محتملة لإيران تضغط على أسعار النفط
كانت التقارير الإخبارية التي ظهرت يوم الثلاثاء هي المحرك الرئيسي لارتفاع أسعار النفط يوم الأربعاء. فقد نقلت شبكة “سي إن إن” الإخبارية عن عدة مسؤولين أمريكيين قولهم إن معلومات استخباراتية أمريكية تشير إلى أن إسرائيل تستعد لشن ضربات على منشآت نووية إيرانية. ورغم أن التقرير أشار إلى أنه لم يتضح ما إذا كان القادة الإسرائيليون قد اتخذوا قرارا نهائيا بهذا الشأن، إلا أن مجرد ورود هذه الأنباء كان كافيا لإثارة حالة من القلق في الأسواق.
وتكمن خطورة هذا السيناريو في تداعياته المحتملة على إمدادات النفط العالمية. وفي هذا السياق، حذر استراتيجيو السلع في بنك “آي إن جي” من أن “مثل هذا التصعيد لن يعرض الإمدادات الإيرانية للخطر فحسب، بل سيعرض الإمدادات في أجزاء كبيرة من المنطقة الأوسع للخطر أيضًا”.
من جانبه، أشار جيوفاني ستانوفو، المحلل في بنك UBS، إلى أن إيران تصدر أكثر من 1.5 مليون برميل يوميًا، وأن المخاوف من تعطل هذه الإمدادات ساهمت في دفع أسعار النفط للارتفاع. وتعتبر إيران ثالث أكبر منتج للنفط ضمن أعضاء منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، وأي هجوم إسرائيلي قد يؤدي إلى اضطراب كبير في تدفقات النفط من البلاد.
ولا تقتصر المخاوف على تعطل الإنتاج الإيراني المباشر، بل تمتد لتشمل احتمالية قيام إيران بالرد عن طريق إغلاق مضيق هرمز الاستراتيجي، الذي تمر عبره كميات هائلة من النفط الخام والوقود من السعودية والكويت والعراق والإمارات العربية المتحدة إلى الأسواق العالمية. إن أي تهديد لهذا الممر المائي الحيوي عادة ما يؤدي إلى قفزات حادة في أسعار النفط.
سياق التوترات الإيرانية الأمريكية والمفاوضات النووية يزيد من حدة القلق
تأتي هذه التقارير في وقت تشهد فيه العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران توترًا مستمرًا، على الرغم من انعقاد عدة جولات من المحادثات هذا العام بشأن برنامج إيران النووي. وقد أعاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إحياء حملة فرض عقوبات أشد على صادرات النفط الخام الإيرانية.
ورغم هذه المناقشات، أشارت تصريحات صدرت يوم الثلاثاء عن مسؤولين أمريكيين والمرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي إلى أن الجانبين لا يزالان بعيدين عن التوصل إلى حل للنزاع النووي. هذه الخلفية من التوتر القائم تجعل الأسواق أكثر حساسية لأي أنباء عن تصعيد عسكري محتمل، مما ينعكس مباشرة على أسعار النفط.
بيانات المخزونات الأمريكية في ظل المخاوف الجيوسياسية
على الرغم من أن المخاوف الجيوسياسية هيمنت على معنويات السوق يوم الأربعاء، إلا أن هناك عوامل أخرى متعلقة بالعرض يراقبها المستثمرون:
- بيانات مخزونات النفط الأمريكية: أظهرت بيانات أولية من معهد البترول الأمريكي يوم الثلاثاء ارتفاع مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة الأسبوع الماضي، وهو ما قد يشير إلى ضعف في الطلب أو زيادة في المعروض المحلي. ومع ذلك، أظهرت نفس البيانات انخفاضًا في مخزونات البنزين ونواتج التقطير. ويترقب المستثمرون صدور البيانات الرسمية من إدارة معلومات الطاقة الأمريكية في وقت لاحق يوم الأربعاء للحصول على صورة أوضح.
- إنتاج كازاخستان النفطي: أفاد مصدر صناعي يوم الثلاثاء بأن إنتاج النفط في كازاخستان ارتفع بنسبة 2% في مايو، متجاهلاً ضغوط مجموعة “أوبك+” لخفض الإنتاج.
في العادة، قد تؤدي مثل هذه الإشارات المتعلقة بزيادة المخزونات أو الإنتاج إلى الضغط على أسعار النفط. ولكن في ظل المخاطر الجيوسياسية الكبيرة التي تلوح في الأفق حاليا، يبدو أن تأثير هذه العوامل محدود، حيث تطغى عليها المخاوف الأكبر بشأن تعطل محتمل للإمدادات من منطقة الشرق الأوسط.
قفزت أسعار النفط بشكل ملحوظ يوم الأربعاء، مدفوعة بمخاوف حقيقية من تصعيد عسكري في الشرق الأوسط قد يشمل ضربات إسرائيلية محتملة للمنشآت النووية الإيرانية. هذه المخاوف بشأن تعطل إمدادات النفط من إيران والمنطقة المحيطة بها طغت على أي عوامل أخرى قد تؤثر على السوق، مثل بيانات المخزونات الأمريكية أو مستويات إنتاج بعض الدول خارج أوبك.
إن حساسية أسعار النفط الشديدة للتطورات الجيوسياسية في الشرق الأوسط تُعد تذكيرًا دائمًا بأهمية هذه المنطقة الحيوية لاستقرار أسواق الطاقة العالمية. وستبقى الأنظار متجهة نحو أي تطورات في الموقف بين إسرائيل وإيران، وكذلك مسار المفاوضات النووية الإيرانية، حيث سيكون لهذه العوامل الكلمة الفصل في تحديد اتجاه أسعار النفط على المدى القصير والمتوسط.
اقرأ أيضا…
تعليق واحد