أسعار الذهب تقفز لأعلى مستوى في أسبوع مع تراجع الدولار

ارتفعت أسعار الذهب خلال تداولات يوم الأربعاء، لتصل إلى أعلى مستوى لها في أكثر من أسبوع، مدعومة بتراجع الدولار الأمريكي وزيادة الطلب على الملاذات الآمنة. ويأتي هذا الصعود في وقت يواجه فيه المستثمرون حالة من عدم اليقين بشأن الوضع المالي للولايات المتحدة، خاصة بعد تخفيض وكالة “موديز” للتصنيف الائتماني للبلاد، بالإضافة إلى التحديات التي تواجه مشروع قانون الضرائب الذي يدفعه الرئيس دونالد ترامب، واستمرار ترقب التطورات في محادثات السلام بين روسيا وأوكرانيا ومستقبل السياسات التجارية الأمريكية.
وارتفع سعر الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 0.5% ليصل إلى 3,306.68 دولار للأونصة. كما صعدت العقود الأمريكية الآجلة للذهب بنسبة 0.7% لتسجل 3,308.60 دولار للأونصة.
الدولار الضعيف والمخاوف المالية الأمريكية تدفع أسعار الذهب للارتفاع
كان تراجع الدولار الأمريكي إلى أدنى مستوى له في أسبوعين مقابل سلة من العملات الرئيسية عاملا أساسيا في دعم أسعار الذهب، حيث إن ضعف الدولار يجعل المعدن الأصفر المقوم به أرخص لحاملي العملات الأخرى.
ويعزى ضعف الدولار جزئيًا إلى المخاوف المتزايدة بشأن الوضع المالي للولايات المتحدة. وفي هذا السياق، أشار جيوفاني ستانوفو، المحلل في بنك UBS، إلى أن “هناك تغييرًا جديدًا في الاتجاه يتعلق بالقلق بشأن الوضع المالي للولايات المتحدة، وكان المحرك هو تخفيض موديز للتصنيف الائتماني (يوم الجمعة الماضي)، وقد اجتذبت السوق مستوى 3,300 دولار يوم أمس (الثلاثاء)”. وأضاف ستانوفو: “هذا القلق المالي يلقي بثقله على الدولار، وضعف الدولار يدعم أسعار الذهب”.
وتزيد من هذه المخاوف المالية التحديات التي يواجهها الرئيس دونالد ترامب في تمرير مشروع قانون الضرائب الشامل. ففي اجتماع مغلق في الكابيتول هيل، حذر ترامب الجمهوريين في مجلس النواب بلهجة حادة من الضغط من أجل إدخال مزيد من التغييرات على مشروع القانون الضخم، الذي يهدف إلى خفض الضرائب وتشديد معايير الأهلية لبرنامج “ميديكيد” الصحي. هذه الصعوبات السياسية الداخلية تزيد من حالة عدم اليقين الاقتصادي وتدفع المستثمرين نحو الذهب كأصل آمن.
ترقب المستثمرين للتطورات الجيوسياسية يعزز الطلب على الذهب
بالإضافة إلى العوامل المالية الداخلية، يواصل المستثمرون مراقبة التطورات على الساحة الدولية عن كثب، مما يساهم في زيادة الطلب على الذهب:
- محادثات السلام الروسية الأوكرانية: لا تزال التطورات المتعلقة بمحادثات السلام بين روسيا وأوكرانيا محط أنظار الأسواق. فبينما يمكن لأي تقدم نحو السلام أن يقلل من جاذبية الذهب كملاذ آمن، فإن أي انتكاسات أو استمرار حالة عدم اليقين يمكن أن تعزز الطلب عليه.
- مستقبل السياسات التجارية الأمريكية: يزداد قلق المستثمرين مع اقتراب انتهاء فترة السماح البالغة 90 يومًا التي أعلنها الرئيس ترامب بشأن التعريفات الجمركية. إن عدم اليقين بشأن ما سيحدث بعد انتهاء هذه الفترة، وإمكانية تجدد الحروب التجارية، يدفع المستثمرين للتحوط باستخدام الذهب.
السياق الأوسع لأداء الذهب ودوره التقليدي كأصل آمن
يأتي ارتفاع أسعار الذهب اليوم في سياق أوسع شهد فيه المعدن الأصفر أداء قويا في الآونة الأخيرة. فقد سجل الذهب أعلى مستوى له على الإطلاق عند 3,500.05 دولار للأونصة الشهر الماضي (أبريل 2025)، مدفوعًا بمجموعة من العوامل شملت مشتريات البنوك المركزية، والمخاوف من تصاعد الحروب التجارية، والطلب الاستثماري القوي. ويعتبر الذهب تقليديا أصلًا آمنًا يلجأ إليه المستثمرون خلال فترات عدم اليقين السياسي والاقتصادي.
أداء المعادن النفيسة الأخرى
شهدت أسواق المعادن النفيسة الأخرى أداءً متباينا يوم الأربعاء:
- البلاديوم: انخفض سعر البلاديوم في المعاملات الفورية بنسبة 0.8% ليصل إلى 1,005.70 دولار للأونصة، وذلك بعد أن كان قد لامس أعلى مستوى له منذ 4 فبراير في وقت سابق من الجلسة. وعلق تاي وونغ، وهو تاجر معادن مستقل، على قوة البلاديوم السابقة قائلا: “البلاديوم كان متعطشا للأخبار الجيدة… وتحرك هوندا بشكل أكبر نحو السيارات الهجينة وليس السيارات الكهربائية بالكامل سبب وجيه لذلك”، حيث يعد البلاديوم مكونا رئيسيا في المحولات الحفازة المستخدمة في محركات الاحتراق الداخلي أو السيارات الهجينة لتقليل الانبعاثات الضارة.
- الفضة: ارتفع سعر الفضة في المعاملات الفورية بنسبة 0.3% ليصل إلى 33.15 دولار للأونصة.
- البلاتين: انخفض سعر البلاتين بنسبة 1% ليصل إلى 1,043.10 دولار للأونصة.
هذا التباين يشير إلى أن الذهب هو المستفيد الرئيسي حاليا من توجهات الملاذ الآمن.
في النهاية ارتفعت أسعار الذهب إلى أعلى مستوياتها في أكثر من أسبوع يوم الأربعاء، مدفوعة بتراجع الدولار الأمريكي وزيادة واضحة في الطلب على الملاذات الآمنة. وتُعزى هذه الزيادة في الطلب إلى تصاعد المخاوف بشأن الآفاق المالية للولايات المتحدة، خاصة بعد تخفيض تصنيفها الائتماني والصعوبات التي تواجه تمرير التشريعات الضريبية، بالإضافة إلى حالة عدم اليقين المستمرة المحيطة بالتوترات التجارية العالمية ومفاوضات السلام الروسية الأوكرانية.
يبدو أن أسعار الذهب تستفيد من هذه البيئة المعقدة، حيث يبحث المستثمرون عن أصول تحافظ على قيمتها في مواجهة التقلبات المحتملة. وستظل الأنظار متجهة نحو أي تطورات جديدة في السياسات المالية والتجارية الأمريكية، وكذلك أي مستجدات على الساحة الجيوسياسية، لتحديد المسار المستقبلي لأسعار الذهب.
اقرأ أيضا….