الأسهم الأمريكية تتحدى خفض التصنيف الائتماني

واصل مؤشر الأسهم الأمريكية الرئيسي “ستاندرد آند بورز 500” مسيرته الصعودية للجلسة السادسة على التوالي يوم الاثنين، مغلقا على مكاسب طفيفة، في دلالة على قدرة السوق على تجاوز الأخبار السلبية والتركيز على العوامل الإيجابية المحتملة. جاء هذا الصمود رغم الضغوط الأولية التي تعرضت لها الأسهم الأمريكية بعد قيام وكالة “موديز” بتخفيض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة، وهو ما أدى إلى ارتفاع عوائد سندات الخزانة في بداية الجلسة. ومع ذلك، تمكنت السوق من استيعاب الصدمة والتعافي مع تراجع هذه العوائد لاحقا.
فقد أنهى مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” الجلسة مرتفعا بنسبة 0.09% ليغلق عند 5,963.60 نقطة. كما صعد مؤشر “داو جونز الصناعي” بمقدار 137.33 نقطة، أو ما يعادل 0.32%، ليستقر عند 42,792.07 نقطة. وفي المقابل، سجل مؤشر “ناسداك المركب” ارتفاعا هامشيا بنسبة 0.02% ليغلق عند 19,215.46 نقطة.
الأسهم الأمريكية تتجاوز صدمة خفض التصنيف الائتماني
كانت الأنباء عن قيام وكالة “موديز” بخفض التصنيف الائتماني السيادي للولايات المتحدة درجة واحدة من Aaa إلى Aa1 هي الحدث الأبرز الذي أثر على الأسواق الأمريكية في بداية تداولات الأسبوع. وعزت الوكالة، التي كانت آخر وكالات التصنيف الكبرى التي تحتفظ بأعلى تصنيف للولايات المتحدة، قرارها إلى التحديات التمويلية المرتبطة بالعجز المتزايد في الميزانية الفيدرالية وتداعيات تدوير الديون الأمريكية القائمة في فترة تتسم بارتفاع تكاليف الاقتراض.
هذا التخفيض أدى في البداية إلى ضغوط على أسعار سندات الخزانة الأمريكية، مما دفع عوائدها للارتفاع. وفي ذروة الجلسة، قفز العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل 30 عامًا فوق مستوى 5%، وتجاوز العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات مستوى 4.5%. وتعتبر هذه المستويات من العوائد ذات تأثير سلبي على الأسهم الأمريكية، حيث إنها تزيد من جاذبية الاستثمار في السندات مقارنة بالأسهم، كما أنها أثرت سلبا على أسواق الأسهم الشهر الماضي وساهمت في دفع الرئيس دونالد ترامب للتراجع عن أشد إجراءاته التعريفية. وترتبط أسعار الفائدة على الرهن العقاري بشكل وثيق بعائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات، مما يعني أن ارتفاعها قد يؤثر على قطاع الإسكان.
ونتيجة لهذا الارتفاع في العوائد، شهدت مؤشرات الأسهم الأمريكية تراجعا في بداية الجلسة، حيث انخفض مؤشر داو جونز بأكثر من 300 نقطة في أدنى مستوياته خلال اليوم، وتراجع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنحو 1%. ومع ذلك، تمكنت المؤشرات الرئيسية من تقليص خسائرها والإغلاق على ارتفاع مع تراجع عوائد سندات الخزانة من أعلى مستوياتها التي سجلتها خلال الجلسة، مما يشير إلى أن الأسواق الأمريكية قد استوعبت تأثير الخبر وقررت المضي قدمًا.
أداء مؤشرات الأسهم الرئيسية وانتعاش سهم “يونايتد هيلث”
كان أداء مؤشرات الأسهم الأمريكية على النحو التالي عند إغلاق يوم الاثنين:
- مؤشر ستاندرد آند بورز 500 (S&P 500): ارتفع بنسبة 0.09% إلى 5,963.60 نقطة.
- مؤشر داو جونز الصناعي (Dow Jones Industrial Average): ارتفع بنسبة 0.32% (137.33 نقطة) إلى 42,792.07 نقطة.
- مؤشر ناسداك المركب (Nasdaq Composite): ارتفع بنسبة طفيفة بلغت 0.02% إلى 19,215.46 نقطة.
وقد وجد مؤشر داو جونز دعما خاصا من الانتعاش القوي الذي شهده سهم شركة “يونايتد هيلث”، عملاق التأمين الصحي، والذي قفز بنسبة 8% بعد موجة بيع عنيفة تعرض لها مؤخرًا. هذا الانتعاش في أحد مكونات المؤشر الرئيسية ساهم في تعويض بعض الضغوط التي واجهتها الأسهم الأمريكية الأخرى.
هل خفض التصنيف الائتماني مجرد “غطاء لالتقاط الأنفاس” أم مؤشر على تحديات أعمق؟
قلل بعض المحللين من التأثير طويل الأمد لخفض التصنيف الائتماني على الأسواق الأمريكية. فقد قال روس مايفيلد، محلل الاستثمار في “بيرد”: “تقرير موديز لم يسلط الضوء على أي شيء لا يعرفه كل مستثمر بالفعل عن الوضع المالي للولايات المتحدة”. وأضاف: “بالنسبة لي، يبدو الأمر وكأنه قدم نوعًا من الغطاء للسوق لالتقاط الأنفاس هنا، لكن لا شيء يغير هيكليًا تفاؤلنا بشأن ما نعتقد أننا سنكون عليه في الأشهر الستة إلى الاثني عشر المقبلة”.
تشير هذه الرؤية إلى أن الأسواق الأمريكية قد تكون قد استوعبت بالفعل المخاوف المتعلقة بالمالية العامة، وأن التركيز الحالي ينصب على عوامل أخرى، مثل تطورات السياسة التجارية والنمو الاقتصادي.
العوامل المستقبلية للأسهم الأمريكية
يرى المتعاملون الآن أن إبرام المزيد من الاتفاقات التجارية هو مفتاح استمرار انتعاش الأسواق الأمريكية، شريطة ألا يؤدي ارتفاع عوائد سندات الخزانة إلى إبعاد المستثمرين أولاً. ففي ظل سياسة التعريفات الجمركية التي يتبعها الرئيس دونالد ترامب، والتي لا تزال تتكشف تفاصيلها وتأثيراتها، تبقى اتفاقات التجارة بارقة أمل لتحقيق الاستقرار وتجنب تباطؤ اقتصادي حاد.
وفي النهاية أظهرت الأسهم الأمريكية، بقيادة مؤشر “ستاندرد آند بورز 500″، مرونة ملحوظة يوم الاثنين، حيث تمكنت من الإغلاق على ارتفاع للجلسة السادسة على التوالي، متجاهلة إلى حد كبير الصدمة الأولية الناجمة عن خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة من قبل وكالة “موديز”. ويشير تعافي السوق بعد تراجع أولي، بالتزامن مع انحسار ارتفاع عوائد سندات الخزانة، إلى أن المستثمرين قد يرون أن القضايا المالية للحكومة الأمريكية معروفة بالفعل أو يمكن التحكم فيها على المدى القصير، وأن التركيز ينصب بشكل أكبر على آفاق النمو الاقتصادي التي قد تتحسن مع التوصل إلى اتفاقات تجارية.
ومع ذلك، فإن ارتفاع العوائد في بداية الجلسة إلى مستويات أضرت بالأسهم الأمريكية في السابق، يُعد تذكيرًا بأن المخاطر لا تزال قائمة. وسيكون نجاح الإدارة الأمريكية في إبرام المزيد من الصفقات التجارية، بالإضافة إلى مسار السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي في مواجهة هذه التطورات، من العوامل الحاسمة التي ستشكل أداء الأسهم الأمريكية في الفترة المقبلة.
اقرأ أيضا…
- مكاسب أسبوعية قوية للأسهم الأمريكية
- الأسهم الأمريكية تواصل صعودها للجلسة الرابعة على التوالي
- الأسهم الأمريكية تواصل الصعود: S&P 500 يمحو خسائر 2025 بدعم انفراجة التجارة وبيانات التضخم الإيجابية