أسعار النفط تواصل ارتفاعها الطفيف وسط حذر من استدامة الهدنة التجارية وزيادة الإمدادات

واصلت أسعار النفط ارتفاعها بشكل طفيف خلال تداولات يوم الثلاثاء، وذلك بعد القفزة الكبيرة التي سجلتها في الجلسة السابقة على خلفية الاتفاق المفاجئ بين الولايات المتحدة والصين لخفض التعريفات الجمركية. ومع ذلك، بدت مكاسب اليوم محدودة، حيث يقيّم المستثمرون بحذر مدى استدامة هذه الهدنة التجارية وتأثيرها على المدى الطويل، في ظل مخاوف متزايدة بشأن ارتفاع إمدادات النفط العالمية.
وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت بمقدار 21 سنتًا، أو ما يعادل 0.3%، لتصل إلى 65.18 دولارًا للبرميل. كما صعد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 30 سنتًا، أو حوالي 0.5%، مسجلاً 62.25 دولارًا للبرميل.
تقييم السوق لهدنة التجارة وتأثيرها المستقبلي على أسعار النفط
كانت أسعار النفط قد شهدت ارتفاعا قويا يوم الاثنين، حيث قفز كلا الخامين القياسيين بنحو 4% أو أكثر. وجاء هذا الارتفاع مدفوعا بإعلان الولايات المتحدة والصين عن اتفاق لخفض حاد في التعريفات الجمركية المتبادلة لمدة 90 يوما على الأقل، مما أدى أيضا إلى ارتفاع أسواق الأسهم العالمية والدولار الأمريكي، في إشارة إلى تزايد شهية المخاطرة.
ومع ذلك، دخلت السوق يوم الثلاثاء مرحلة تقييم أكثر عمقًا لتداعيات هذه الهدنة التجارية. ويرى تاماس فارغا، المحلل في PVM، أن “السوق تقوم الآن بتقييم تأثير الهدنة التجارية”. وأضاف فارغا محذرا: “بالإضافة إلى الزيادة الحادة المقررة في إمدادات أوبك+ في مايو ويونيو، قد يكون الاتجاه الصعودي (لأسعار النفط) محدودًا”. هذا الحذر يعكس الشكوك حول ما إذا كانت هذه التهدئة المؤقتة ستتحول إلى اتفاق دائم ينهي النزاع التجاري الذي هدد بجر الاقتصاد العالمي إلى ركود، وهو ما سيكون له تأثير سلبي كبير على الطلب على النفط.
زيادة إنتاج أوبك+ تلقي بظلالها على الأسعار
تعتبر خطط زيادة الإنتاج من قبل منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفائها، المجموعة المعروفة باسم “أوبك+”، من أبرز العوامل التي تحد من ارتفاع أسعار النفط. فقد رفعت أوبك إنتاجها النفطي بأكثر مما كان متوقعًا منذ أبريل، ومن المرجح أن يرتفع إنتاج المجموعة في مايو بمقدار 411,000 برميل يوميا.
هذه الزيادات المجدولة في الإمدادات من قبل كبار المنتجين تأتي في وقت حساس، حيث يمكن أن تعوض أي زيادة محتملة في الطلب ناتجة عن تحسن العلاقات التجارية. وبالتالي، يجد المستثمرون أنفسهم أمام معادلة معقدة عند تقييم الاتجاه المستقبلي لأسعار النفط.
إشارات إيجابية من أسواق الوقود المكرر تقدم بعض الدعم
على الرغم من النظرة الحذرة بشأن الطلب على النفط الخام، أشار محللون في “جي بي مورغان” في مذكرة حديثة إلى وجود “إشارات إيجابية من أسواق الوقود لا يمكن تجاهلها”. وأوضحوا أنه “على الرغم من انخفاض أسعار النفط الخام العالمية بنسبة 22% منذ ذروتها في 15 يناير، ظلت أسعار المنتجات المكررة وهوامش التكرير مستقرة”.
ويعزو المحللون هذه الظاهرة إلى انخفاض طاقة التكرير – خاصة في الولايات المتحدة وأوروبا – مما يؤدي إلى شح في موازين البنزين والديزل، وزيادة الاعتماد على الواردات، وارتفاع قابلية التأثر بتقلبات الأسعار خلال فترات الصيانة والانقطاعات غير المخطط لها في المصافي. هذه القوة في أسواق المنتجات النهائية قد توفر دعما غير مباشر لأسعار النفط الخام، أو على الأقل تحد من احتمالات حدوث انخفاضات حادة، حيث تشير إلى أن الطلب النهائي على الوقود لا يزال قويًا.
تواصل أسعار النفط حركتها الصعودية الطفيفة يوم الثلاثاء، مستفيدة من الزخم الإيجابي الذي ولّدته الهدنة التجارية بين الولايات المتحدة والصين. ومع ذلك، فإن هذا الارتفاع يواجه رياحًا معاكسة قوية تتمثل في المخاوف بشأن استدامة هذا الاتفاق التجاري على المدى الطويل، والأهم من ذلك، الزيادة الملموسة في إمدادات النفط من قبل تحالف “أوبك+”.
وبينما تقدم أسواق الوقود المكرر بعض الإشارات المطمئنة حول قوة الطلب النهائي، فإن التوازن العام لسوق النفط الخام سيظل مرهونًا بالتطورات الفعلية في المفاوضات التجارية بين واشنطن وبكين خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، وقدرة السوق على استيعاب الزيادات المقررة في إنتاج “أوبك+”. وبالتالي، من المتوقع أن تستمر حالة الحذر والتقلب في تحديد مسار أسعار النفط في الفترة القادمة.
اقرأ أيضا…