أخبار الأسواقأسهم أمريكيةأسهم

الأسهم الأمريكية تحقق قفزة تاريخية: اتفاق صيني أمريكي مفاجئ يخفض التعريفات

 شهدت الأسهم الأمريكية يوم الاثنين ارتفاعا تجاوزت فيه المؤشرات الرئيسية كل التوقعات، مدفوعة باتفاق مفاجئ “أفضل من المتوقع” بين الولايات المتحدة والصين يقضي بخفض مؤقت وحاد للتعريفات الجمركية المتبادلة. هذا التطور الدراماتيكي، الذي جاء بعد مفاوضات مكثفة جرت في سويسرا خلال عطلة نهاية الأسبوع، أزال قدرا كبيرا من الضبابية التي كانت تخيم على الأسواق وأنعش الآمال بقوة في إمكانية تجنب حرب تجارية مدمرة قد تدفع الاقتصاد العالمي، وبالتالي الأسهم الأمريكية، نحو ركود عميق.

لقد كانت ردة فعل الأسهم الأمريكية فورية وقوية، حيث قفز مؤشر داو جونز الصناعي بأكثر من 1100 نقطة، مسجلا أحد أكبر مكاسبه اليومية. ولم تكن مؤشرات الأسهم الأمريكية الأخرى أقل حماسا، إذ ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة تجاوزت 3%، ليعوض بذلك جزءا كبيرا من خسائره منذ بداية العام ويقفز بأكثر من 20% من أدنى مستوياته التي سجلها في أبريل في ذروة التشاؤم بشأن التعريفات. كما حلق مؤشر ناسداك المركب، الذي تهيمن عليه أسهم التكنولوجيا، عاليا بمكاسب فاقت 4%. وبشكل عام، كان هذا هو أفضل يوم تداول لجميع المؤشرات الرئيسية للأسهم الأمريكية منذ التاسع من أبريل. 

تفاصيل الاتفاق الصيني الأمريكي

يكمن جوهر هذا التفاؤل العارم الذي اجتاح الأسواق الأمريكية في تفاصيل الاتفاق الذي فاق كل التوقعات. فقد أعلن وزير الخزانة الأمريكي، سكوت بيسنت، يوم الاثنين أن المحادثات مع الصين كانت مثمرة للغاية، وأن الجانبين اتفقا على خفض التعريفات الجمركية بشكل مؤقت. وبموجب هذا الاتفاق، ستخفض الولايات المتحدة التعريفات المفروضة على السلع الصينية من 145% إلى 30%، بينما ستخفض الصين تعريفاتها على الواردات الأمريكية من 125% إلى 10%.

هذه الخطوة الجوهرية، التي وصفها بعض المحللين بأنها جاءت كمفاجأة سارة للأسواق الأمريكية، خاصة وأن الرئيس ترامب نفسه كان قد أشار في وقت سابق إلى إمكانية خفض التعريفات على الصين إلى 80% أو حتى 60% في حال سارت المفاوضات بشكل جيد، وهي نسب أعلى بكثير من الرقم الفعلي الذي تم التوصل إليه. وأكد بيسنت أنه يتوقع عقد اجتماع آخر مع ممثلي بكين في الأسابيع القليلة المقبلة لبدء العمل على صياغة اتفاق أكبر وأكثر شمولا، مما يوحي بأن هذه الهدنة المؤقتة قد تكون بداية لمسار تفاوضي بناء.

موجة شراء قوية تجتاح الأسهم الأمريكية بقيادة قطاع التكنولوجيا 

لم تتأخر الأسهم الأمريكية في التفاعل مع هذه الأنباء الإيجابية. فقد أنهى مؤشر داو جونز الصناعي الجلسة مرتفعا 1,160.72 نقطة، أو بنسبة 2.81%، ليغلق عند 42,410.10 نقطة، مقتربًا من أعلى مستوياته خلال اليوم، مما يعكس استمرار حماس الشراء حتى نهاية التداولات. كما قفز مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 3.26% لينهي الجلسة عند 5,844.19 نقطة، وهو ما يعني أنه قلص خسائره منذ بداية العام إلى 0.6% فقط، بعد أن كان قد اقترب من منطقة السوق الهابطة (انخفاض بنسبة 20% من القمة) الشهر الماضي.

وكان مؤشر ناسداك المركب هو الأبرز أداء، حيث أضاف 4.35% ليستقر عند 18,708.34 نقطة. وجاء هذا الارتفاع الكبير مدفوعا بشكل أساسي بالقفزة الهائلة التي شهدتها أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى المرتبطة بالصين، والتي تعتبر من أكبر المستفيدين من تهدئة التوترات التجارية. فقد قفز سهم تسلا بنحو 7%، بينما ارتفع سهما آبل وإنفيديا بنسبة 6% و5% على التوالي.

ولم يقتصر الارتفاع على قطاع التكنولوجيا، بل امتد ليشمل الشركات التي تعتمد بشكل كبير على السلع الصينية في سلاسل إمدادها أو مبيعاتها. فقد ارتفع سهم بست باي بنسبة 6%، وصعد سهم ديل تكنولوجيز بنحو 8%، وقفز سهم أمازون بأكثر من 8%. هذا الأداء القوي عبر مختلف قطاعات الأسهم الأمريكية يعكس حجم الارتياح الذي ساد وول ستريت.

وعلق جيف كيلبورج، الرئيس التنفيذي لشركة “كي كي إم فاينانس، على هذا الارتفاع قائلاً: “الأسواق ترتفع لأن المستثمرين متفاجئون بسرعة التقدم في صفقة التعريفات التجارية الصينية”.

تحليلات الخبراء: تفاؤل حذر ومسار طويل للمفاوضات رغم النصر المبدئي

على الرغم من موجة الفرح التي عمت الأسهم الأمريكية، قدم بعض المحللين نظرة تحمل شيئًا من الحذر إلى جانب التفاؤل. فقد قال جيف بوكبندر، كبير استراتيجيي الأسهم في “إل بي إل فاينانشال”: “لم يكن أحد يتوقع هذه المعدلات المنخفضة للتعريفات الصينية. هذه مفاجأة إيجابية كبيرة”. لكنه أضاف مستدركا: “هذه تهدئة، وليست اتفاقا تجاريا نهائيا. لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به. والهدنة ليست دائمة. لقد حصلت الصين للتو على نفس الصفقة التي حصلت عليها جميع الدول الأخرى”.

ويأتي هذا الاتفاق في سياق متوتر، حيث بلغت التوترات بين الصين والولايات المتحدة ذروتها في أبريل بعد أن رفع الرئيس ترامب التعريفات على الصين إلى 145%، وردت بكين بفرض رسوم بنسبة 125% على السلع الأمريكية. وكان مؤشر ستاندرد آند بورز 500 قد اقترب من الإغلاق في منطقة السوق الهابطة الشهر الماضي بعد إعلان يوم التحرير كما أسماه ترامب. ثم بدأت الأسهم الأمريكية في التعافي مع تراجع ترامب عن المعدلات التبادلية الإضافية على معظم الدول الأخرى غير الصين في هدنة لمدة 90 يوما.

وقد راهن المستثمرون خلال عودة السوق على أن الإدارة ستكون قادرة على إبرام صفقات تجارية خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، بما في ذلك مع الصين، وهو ما بدأ يتحقق بالفعل. فقد أعلنت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة عن إطار اتفاق تجاري الأسبوع الماضي، والآن يأتي هذا الاتفاق الصيني الأولي هذا الأسبوع، والذي تبين أنه أفضل مما توقعه المتعاملون. ومن الجدير بالذكر أن الرئيس ترامب نفسه أشار يوم الاثنين إلى أن التوصل إلى اتفاق نهائي مع بكين لن يتم بسرعة.

تأثير الاتفاق على أسواق أخرى

لم يقتصر تأثير الاتفاق الإيجابي على الأسهم الأمريكية وحدها، بل امتد ليشمل أسواقًا أخرى:

  • عوائد سندات الخزانة: ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأمريكية بشكل حاد، حيث اعتُبر الاتفاق الصيني بمثابة إزالة لخطر الركود الاقتصادي عن الطاولة في الوقت الحالي. بالإضافة إلى ذلك، قلل الاتفاق من احتمالية قيام مجلس الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة في أي وقت قريب، وهو ما يدعم ارتفاع العوائد.
  • أسعار النفط: قفزت أسعار النفط أيضًا مع تراجع مخاوف الركود، حيث يُتوقع أن يؤدي تحسن العلاقات التجارية إلى زيادة الطلب العالمي على الطاقة.
  • الأسهم الدفاعية: في المقابل، شهدت الأسهم الدفاعية، التي يلجأ إليها المستثمرون عادة في أوقات الاضطراب والترقب، تراجعًا يوم الاثنين. فقد انخفض سهم كوكا كولا بنسبة 1.4%، وتراجع سهم “فيليب موريس” بنسبة 2.9%، كما فقد سهم “إيه تي آند تي” ما يقرب من 3%. هذا التحول يعكس انتقال المستثمرين من الملاذات الآمنة إلى الأصول ذات التوجه نحو النمو، وفي مقدمتها الأسهم الأمريكية.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى