أسعار النفط تتجه لتحقيق مكاسب أسبوعية مع انفراجة في التوترات التجارية العالمية

ارتفعت أسعار النفط خلال تداولات يوم الجمعة، متجهة نحو تسجيل مكاسب أسبوعية ملموسة، في ظل بوادر إيجابية تشير إلى تهدئة التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، أكبر مستهلكين للنفط في العالم. وجاء هذا الارتفاع مدعومًا أيضًا بإعلان بريطانيا عن “انفراجة” في اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة، مما عزز المعنويات في الأسواق العالمية.
وبحلول الساعة 09:05 بتوقيت جرينتش، ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت بمقدار 83 سنتًا، أو ما يعادل 1.3%، لتصل إلى 63.27 دولارًا للبرميل. كما صعد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 85 سنتًا، أو بنسبة 1.4%، مسجلاً 60.76 دولارًا للبرميل. ويتجه كلا الخامين لتحقيق مكاسب أسبوعية بنحو 4%، مما يعكس تحسن النظرة المستقبلية للطلب على النفط.
انفراجة في التوترات التجارية تدعم أسعار النفط
كانت الآمال المعقودة على تهدئة الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين هي المحرك الرئيسي لارتفاع أسعار النفط. وأشار جون إيفانز، المحلل في PVM، إلى أن هذه الآمال ساعدت العقود الآجلة لخام برنت على القفز بنسبة 3% يوم الخميس.
ويترقب المستثمرون باهتمام كبير الاجتماع المقرر يوم 10 مايو في سويسرا بين وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت ونائب رئيس مجلس الدولة الصيني هي ليفينغ، كبير المسؤولين الاقتصاديين في الصين. ويهدف هذا الاجتماع إلى العمل على حل النزاعات التجارية التي هددت الطلب العالمي على النفط وأثقلت كاهل الاقتصاد العالمي.
وفي هذا السياق، قالت فاندانا هاري، مؤسسة شركة “فاندا إنسايتس” لتحليل أسواق النفط: “إذا حدد الطرفان موعدًا لبدء مفاوضات تجارية رسمية واتفقا على خفض التعريفات الجمركية الحالية شديدة الارتفاع ضد بعضهما البعض أثناء سير المحادثات، فإن الأسواق ستلتقط أنفاسها وقد يضيف النفط الخام ما بين 2 إلى 3 دولارات أخرى للبرميل”. هذا يعكس مدى حساسية أسعار النفط لأي تطورات إيجابية على جبهة التجارة.
بالإضافة إلى ذلك، ساهم إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر عن موافقة بريطانيا على خفض التعريفات الجمركية على الواردات الأمريكية في تعزيز هذه النظرة المتفائلة، مما قدم دعما إضافيا لأسعار النفط.
بيانات صينية إيجابية تعزز المعنويات في أسواق النفط
جاءت البيانات الاقتصادية من الصين لتعزز هذه الحالة الإيجابية في أسواق النفط. فقد أظهرت بيانات الجمارك الصادرة يوم الجمعة أن صادرات الصين ارتفعت بوتيرة أسرع من المتوقع في أبريل، بينما قلصت الواردات من تراجعها. هذه البيانات قدمت بعض الارتياح لبكين قبيل محادثات التعريفات الجمركية، وأشارت إلى تحسن محتمل في الطلب.
وفيما يتعلق بالنفط تحديدًا، انخفضت واردات الصين من النفط الخام في أبريل مقارنة بالشهر السابق، لكنها ارتفعت بنسبة 7.5% على أساس سنوي. ويُعزى هذا الارتفاع السنوي إلى قيام المصافي الحكومية بتكوين مخزونات خلال فترات الصيانة، مما يشير إلى استعداد لطلب مستقبلي قوي، وهو ما يدعم أسعار النفط.
عوامل العرض وتأثيرها المتضارب على أسعار النفط
في مقابل هذه العوامل الإيجابية من جانب الطلب، يشهد جانب العرض تطورات متباينة قد تؤثر على مسار أسعار النفط:
- خطط أوبك+ لزيادة الإنتاج: تخطط منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاؤها، المجموعة المعروفة باسم “أوبك+”، لزيادة الإنتاج، وهو ما يمثل عادة ضغطا على أسعار النفط من خلال زيادة المعروض.
- تراجع إنتاج أوبك الفعلي في أبريل: على الرغم من خطط زيادة الإنتاج، أظهر مسح أجرته وكالة رويترز أن إنتاج نفط أوبك انخفض بشكل طفيف في أبريل. وعزت الوكالة هذا الانخفاض إلى تراجع الإنتاج في ليبيا وفنزويلا والعراق، وهو ما طغى على الزيادة المقررة في الإنتاج من قبل أعضاء آخرين. هذا التضارب بين الخطط والإنتاج الفعلي يضيف عنصر عدم يقين لسوق النفط.
- تشديد العقوبات الأمريكية على إيران: من ناحية أخرى، يمكن أن يؤدي تشديد العقوبات الأمريكية على إيران إلى تقييد المعروض ودفع أسعار النفط للارتفاع. وفي هذا الأسبوع، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على مصفاة صينية صغيرة ثالثة لشرائها النفط الإيراني، مما يؤكد استمرار الضغوط الأمريكية على صادرات النفط الإيرانية.
في النهاية تتجه أسعار النفط نحو تسجيل أسبوع إيجابي، مدفوعة بشكل أساسي بتجدد الآمال في انفراج التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، والاتفاق التجاري المعلن بين الولايات المتحدة وبريطانيا. هذه التطورات عززت توقعات الطلب العالمي على الخام.
ومع ذلك، يظل المشهد معقدا، حيث تتداخل عوامل العرض، مثل خطط إنتاج “أوبك+” والإنتاج الفعلي لبعض أعضائها، بالإضافة إلى تأثير العقوبات على إيران، لتضيف طبقة من عدم اليقين. سيظل المتعاملون في أسواق النفط يراقبون عن كثب نتائج المحادثات التجارية المقررة نهاية الأسبوع، بالإضافة إلى أي تطورات في سياسات الإنتاج والمشهد الجيوسياسي، والتي سيكون لها الكلمة الفصل في تحديد اتجاه أسعار النفط في الفترة المقبلة.
اقرأ أيضا…
2 تعليقات