الذهب يواصل مكاسبه الأسبوعية مع تراجع الدولار وترقب محادثات التجارة والتوترات الجيوسياسية

واصلت أسعار الذهب ارتفاعها يوم الجمعة، متجهة نحو تحقيق مكاسب أسبوعية، مدعومة بتراجع الدولار الأمريكي واستمرار التوترات الجيوسياسية في بعض المناطق. وفيما يترقب المستثمرون بقلق وحذر المحادثات التجارية المرتقبة بين الولايات المتحدة والصين نهاية هذا الأسبوع، يظل المعدن الأصفر ملاذًا جاذبًا في أوقات عدم اليقين.
ففي تعاملات اليوم، سجل سعر الذهب في المعاملات الفورية ارتفاعًا بنسبة 0.7% ليصل إلى 3,326.99 دولار للأونصة. وبهذا، يكون المعدن النفيس قد اكتسب نحو 2.5% حتى الآن هذا الأسبوع. كما ارتفعت العقود الأمريكية الآجلة للذهب بنسبة 0.7% لتسجل 3,328.10 دولار للأونصة.
العوامل الداعمة لأسعار الذهب هذا الأسبوع
يستمد الذهب زخمه الحالي من عدة عوامل متداخلة، أبرزها:
- تراجع الدولار الأمريكي: انخفض مؤشر الدولار (DXY)، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة من العملات الرئيسية، بنسبة 0.3%. هذا التراجع يجعل الذهب المقوم بالدولار أكثر جاذبية للمشترين من حاملي العملات الأخرى، مما يزيد الطلب عليه ويرفع أسعاره.
- التوترات الجيوسياسية المستمرة: لا تزال بعض بؤر التوتر في العالم تغذي الطلب على الذهب كأصل آمن. وفي هذا السياق، أفاد الجيش الهندي بأن القوات المسلحة الباكستانية شنت هجمات متعددة باستخدام طائرات بدون طيار وذخائر أخرى على طول الحدود الغربية للهند ليلة الخميس وصباح الجمعة. مثل هذه الأحداث تزيد من المخاوف بشأن الاستقرار الإقليمي وتدفع المستثمرين نحو الأصول التي يُنظر إليها على أنها تحتفظ بقيمتها في أوقات الأزمات.
تحليل سوق الذهب وترقب المستثمرين لمحادثات التجارة
يرى المحلل المستقل روس نورمان أن “التحركات المبالغ فيها (في أسعار الذهب) تشير إلى وجود عمليات شراء قوية من جهة بسبب عدم اليقين الاقتصادي، بينما يتضح وجود عمليات بيع قوية من جهة أخرى حيث يرى البعض في ارتفاع الأسعار فرصة لجني الأرباح”. هذا يعكس حالة الشد والجذب التي يشهدها سوق الذهب حاليا.
وأضاف نورمان: “تركز الأسواق بشكل خاص على صفقة تجارية محتملة بين الولايات المتحدة والصين… وفي الوقت نفسه، تشعر الأسواق بالقلق أيضا بشأن الأزمة بين الهند وباكستان”.
وبالفعل، تتجه أنظار العالم إلى سويسرا نهاية هذا الأسبوع، حيث من المقرر أن يلتقي مسؤولون أمريكيون وصينيون في خطوة قد تكون الأولى نحو تهدئة الحرب التجارية الضارة بين أكبر اقتصادين في العالم. إن نتائج هذه المحادثات سيكون لها تأثير كبير على معنويات الأسواق العالمية، وبالتالي على الطلب على الذهب. ففي حال حدوث انفراجة، قد يتراجع الطلب على الملاذات الآمنة، أما إذا استمرت التوترات أو تصاعدت، فقد يشهد الذهب مزيدا من الدعم.
الأداء التاريخي للذهب ودوافعه كأصل آمن
يُستخدم الذهب تقليديًا كمخزن آمن للقيمة خلال أوقات عدم اليقين السياسي والمالي. ولم يكن الشهر الماضي استثناءً، حيث سجل المعدن الأصفر أعلى مستوى له على الإطلاق عند 3,500.05 دولار للأونصة. وجاء هذا الارتفاع مدفوعًا بمجموعة من العوامل، بما في ذلك مشتريات البنوك المركزية التي تسعى لتنويع احتياطياتها، والمخاوف من تداعيات الحرب التجارية، والطلب الاستثماري القوي على الذهب.
بالإضافة إلى المحادثات التجارية، يترقب المستثمرون أيضًا تصريحات من المقرر أن يدلي بها العديد من مسؤولي مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي) في وقت لاحق من اليوم. من المحتمل أن توفر هذه التصريحات مزيدًا من الأفكار حول وضع الاقتصاد الأمريكي والمسار المستقبلي لسياسة البنك المركزي. وأي تلميحات حول أسعار الفائدة أو النظرة المستقبلية للنمو والتضخم يمكن أن تؤثر بشكل كبير على قيمة الدولار الأمريكي، وبالتالي على أسعار الذهب.
أداء المعادن النفيسة الأخرى
في أسواق المعادن النفيسة الأخرى، شهدت الأسعار تحركات إيجابية أيضًا يوم الجمعة، حيث ارتفع سعر الفضة في المعاملات الفورية بنسبة 0.3% ليصل إلى 32.56 دولارًا للأونصة. كما صعد سعر البلاتين بنسبة 0.9% إلى 984.16 دولارًا، وارتفع سعر البلاديوم بنسبة 0.4% ليصل إلى 979.75 دولارًا للأونصة.
في النهاية يبدو أن الذهب في طريقه لتسجيل أسبوع من المكاسب، مدعومًا بضعف الدولار والبحث عن الأمان في ظل التوترات الجيوسياسية. ومع ذلك، فإن الأنظار تظل شاخصة نحو مخرجات المحادثات التجارية الأمريكية الصينية الهامة، بالإضافة إلى أي إشارات قد تصدر عن مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي. هذه العوامل مجتمعة سترسم ملامح الاتجاه القادم لأسعار الذهب، الذي يظل أداة رئيسية للمستثمرين للتحوط ضد المخاطر في عالم يموج بالتقلبات الاقتصادية والسياسية.
اقرأ أيضا…
تعليق واحد