الأسهم الأمريكية تكسر سلسلة مكاسب استمرت 9 أيام

انخفضت الأسهم الأمريكية، لتضع حدًا لسلسلة مكاسب يومية متتالية استمرت لتسع جلسات، وهي الأطول له منذ عقدين من الزمن. جاء هذا التراجع مع عودة حالة الحذر والترقب لتسيطر على المستثمرين الذين يراقبون عن كثب أحدث التطورات المتضاربة والمتعلقة بملف التجارة العالمية الشائك وتأثيراته المحتملة على النمو الاقتصادي.
أداء المؤشرات الرئيسية ونهاية سلسلة المكاسب التاريخية
شهدت المؤشرات الرئيسية تراجعا جماعيا، حيث انخفض مؤشر S&P 500 الأوسع نطاقًا بنسبة 0.64% ليغلق عند 5,650.38 نقطة. كان هذا الانخفاض كافيا لكسر سلسلة المكاسب الاستثنائية التي استمرت لتسع جلسات متتالية، وهي أطول فترة صعود يومي متواصل للمؤشر منذ عام 2004، مما يسلط الضوء على قوة الدفع التي كانت سائدة مؤخرا ومدى أهمية توقفها.
كما انخفض مؤشر ناسداك المركب، الذي يضم نسبة كبيرة من أسهم شركات التكنولوجيا الحساسة للنمو، بنسبة 0.74% ليغلق عند 17,844.24 نقطة. وتراجع مؤشر داو جونز الصناعي للشركات الكبرى بمقدار 98.60 نقطة، أو ما يعادل 0.24%، ليستقر عند 41,218.83 نقطة.
وعلى الرغم من أن الإغلاق جاء على انخفاض، إلا أن المؤشرات تمكنت من تقليص خسائرها بشكل كبير مقارنة بالمستويات المتدنية التي سجلتها خلال الجلسة. ففي أدنى مستوياته، كان مؤشر داو جونز قد انخفض بما يصل إلى 253.99 نقطة، بينما خسر مؤشرا S&P 500 وناسداك حوالي 1% لكل منهما قبل أن ينجحا في التعافي جزئيا في الساعات الأخيرة من التداول. هذا التعافي الجزئي يشير إلى وجود بعض القوة الشرائية الكامنة أو عمليات جني أرباح من المراكز البيعية، لكنه لم يكن كافيًا لمنع الإغلاق السلبي.
ضبابية الصفقات التجارية تضغط على المعنويات وتثير الحذر
كان العامل الرئيسي الذي ألقى بظلاله على الأسواق وضغط على معنويات المستثمرين يوم الاثنين هو استمرار حالة عدم اليقين والضبابية المحيطة بالجدول الزمني والتفاصيل الملموسة لاتفاقيات التعريفات الجمركية بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين الرئيسيين. فعلى الرغم من التصريحات المتفائلة التي أدلى بها وزير الخزانة سكوت بيسنت لشبكة CNBC يوم الاثنين، والتي أكد فيها أن الإدارة “قريبة جدًا من إبرام بعض الصفقات”، مرددًا بذلك تعليقات مماثلة للرئيس ترامب يوم الأحد بأن الاتفاقات قد يتم التوصل إليها هذا الأسبوع، إلا أن تصريحات أخرى للرئيس ترامب جاءت لتعكر صفو هذا التفاؤل وتثير القلق مجددًا.
فقد صرح ترامب للصحفيين يوم الأحد قائلاً: “نحن نتفاوض مع العديد من الدول، ولكن في نهاية المطاف، سأضع أنا صفقاتي الخاصة – لأنني أنا من يضع الصفقة، وليس هم”. والأهم من ذلك، والذي كان له الأثر الأكبر على المعنويات، هو تأكيد ترامب أنه ليس لديه أي خطط حالية للتحدث مباشرة مع الرئيس الصيني شي جين بينغ. بددت هذه التصريحات الآمال التي كانت قد بدأت بالظهور مؤخرًا في إمكانية إحراز تقدم ملموس لتخفيف حدة التوترات التجارية المتصاعدة بين أكبر اقتصادين في العالم، وأعادت المخاوف بشأن استمرار النزاع وتداعياته السلبية على النمو العالمي.
تعريفات جديدة على الأفلام الأجنبية تزيد من عدم اليقين
أضاف الرئيس ترامب طبقة جديدة من عدم اليقين والتوتر يوم الأحد عندما فوض الوكالات الحكومية المعنية بالبدء في دراسة وفرض تعريفة جمركية قد تصل إلى 100% على الأفلام السينمائية المنتجة في الخارج. ووصف ترامب جهود الدول الأخرى لجذب شركات الإنتاج السينمائي إلى أراضيها بأنها تمثل “تهديدًا للأمن القومي” الأمريكي.
ولم يتضح بعد بشكل كامل ما إذا كانت هذه الرسوم المقترحة ستؤثر فقط على الأفلام التي تُعرض في دور السينما التقليدية أم أنها ستشمل أيضًا الأفلام والمحتوى المعروض على خدمات البث الرقمي الشهيرة. أدت هذه الأخبار المفاجئة وغير المتوقعة إلى انخفاض أسهم شركات الترفيه الكبرى مثل نتفليكس بنحو 2% وشركة باراماونت بأكثر من 1% خلال تداولات يوم الاثنين، حيث تخوف المستثمرون من تأثير هذه التعريفات المحتملة على تكاليف الإنتاج والتوزيع.
بيانات ISM للخدمات وتقرير عن الهند يقدمان بعض الدعم
ومما ساعد على الحد من حجم خسائر السوق ومنع انخفاض أكبر، جاء صدور بيانات يوم الاثنين من معهد إدارة التوريد (ISM) والتي أظهرت أن نشاط قطاع الخدمات في الولايات المتحدة كان أقوى من المتوقع خلال شهر أبريل. وعلى الرغم من أن مديري الشركات الذين شملهم الاستطلاع أبلغوا عن مخاوف متزايدة بشأن تأثير التعريفات الجمركية على أعمالهم، إلا أن الرقم الرئيسي للمؤشر أشار إلى استمرار النمو في هذا القطاع الحيوي، مما قدم بعض الطمأنينة بشأن مرونة الاقتصاد.
كما تحسنت المعنويات بشكل طفيف في وقت سابق من الجلسة بعد أن ذكرت وكالة بلومبرغ، نقلاً عن مصادر مطلعة، أن الهند قد اقترحت على الولايات المتحدة فرض تعريفات جمركية صفرية على واردات الصلب ومكونات السيارات والأدوية على أساس المعاملة بالمثل، ولكن بحد أقصى لكمية معينة من الواردات. ورغم أن هذا مجرد اقتراح ولم يتم تأكيده رسميًا أو قبوله، إلا أنه قدم بصيص أمل في إمكانية التوصل إلى اتفاقات تجارية محددة مع بعض الشركاء.
تعليقات المحللين وترقب قرار الفيدرالي الحاسم
عبر جيريمي سيجل، أستاذ المالية المرموق في كلية وارتون بجامعة بنسلفانيا وكبير الاقتصاديين في Wisdom Tree، عن قلقه المتزايد بشأن تأخر الإعلان عن الصفقات التجارية وتأثير ذلك المحتمل على الاقتصاد. وقال: “أنا قلق بالفعل، كنت آمل بشدة أن يتم الإعلان عن بعض الصفقات التجارية حتى الآن، ولكن هذا لم يحدث. لا أعتقد أن التأثير السلبي الكامل لهذه التعريفات قد أصابنا بعد، والمزيد من التأخير يزيد من حالة عدم اليقين التي تكرهها الأسواق والشركات”.
تتجه أنظار وول ستريت والمستثمرين حول العالم الآن بشكل مكثف نحو اجتماع السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي الذي يستمر ليومين ويبدأ يوم الثلاثاء، مع توقع صدور القرار الرسمي بشأن سعر الفائدة يوم الأربعاء. وتشير تداولات العقود الآجلة لأموال الفيدرالي حاليًا إلى احتمال ضئيل للغاية، لا يتجاوز 4.4%، لقيام البنك المركزي بخفض سعر الفائدة في هذا الاجتماع، وفقًا لأداة FedWatch التابعة لمجموعة CME. ومع ذلك، وعلى الرغم من شبه اليقين بعدم تغيير أسعار الفائدة، يراقب المتداولون عن كثب وباهتمام شديد أي تعليقات أو تلميحات قد تصدر عن البنك المركزي أو عن رئيسه جيروم باول خلال المؤتمر الصحفي الذي يعقب القرار. ستركز الأسواق بشكل خاص على تقييم باول لتوقعات الاقتصاد في ظل حالة عدم اليقين المتزايدة الناجمة عن الحرب التجارية وتأثيرها المحتمل على النمو والتضخم، وأي إشارات حول المسار المستقبلي للسياسة النقدية ستكون لها أهمية قصوى في تحديد اتجاه السوق خلال الفترة المقبلة.
اقرأ أيضا…
تعليق واحد