أخبار الأسواقأخبار النفطسلع

النفط يهبط بأكثر من 1% مع تسريع أوبك+ لزيادة الإنتاج

انخفضت أسعار النفط بأكثر من 1% خلال تداولات يوم الاثنين، مواصلة بذلك سلسلة الخسائر التي شهدتها مؤخرا. يأتي هذا الضغط المتجدد على الأسعار في أعقاب القرار الذي اتخذه تحالف أوبك+ خلال عطلة نهاية الأسبوع بتسريع وتيرة زيادة إنتاج النفط مرة أخرى للشهر الثاني على التوالي.

وأثار هذا القرار مخاوف متزايدة في السوق بشأن احتمال وصول كميات إضافية كبيرة من الإمدادات إلى سوق تعاني أصلًا من حالة ضبابية وعدم يقين تحيط بتوقعات الطلب المستقبلي على الوقود.

تراجع برنت وخام غرب تكساس إلى أدنى مستويات أبريل

في تفاصيل حركة الأسعار، انخفضت العقود الآجلة لخام برنت القياسي العالمي بمقدار 70 سنتا، أو ما يعادل نسبة 1.14%، لتصل إلى مستوى 60.59 دولار للبرميل. كما تراجع خام غرب تكساس الأمريكي (WTI)، المؤشر الرئيسي لأسعار النفط في الولايات المتحدة، بمقدار 75 سنتًا، أو بنسبة 1.29%، ليستقر عند 57.54 دولار للبرميل.

وكانت أسعار كلا العقدين قد قلصت خسائرها بشكل طفيف في وقت سابق من الجلسة بعد أن لامست أدنى مستوياتها منذ التاسع من أبريل عند افتتاح السوق يوم الاثنين، مما يعكس مدى القلق الذي أثاره قرار أوبك+ الأخير بين المتعاملين. هذا المستوى المنخفض يسلط الضوء على حجم الضغوط البيعية التي تتعرض لها السوق حاليا.

قرار أوبك+ وتداعياته

جاء قرار تحالف أوبك+ بتسريع زيادة إنتاج النفط للشهر الثاني على التوالي ليؤكد على تحول في استراتيجية المجموعة. حيث سيرفع المنتجون الثمانية المشاركون في التخفيضات الطوعية (بقيادة السعودية وروسيا) إنتاجهم بمقدار 411 ألف برميل يوميا إضافية خلال شهر يونيو المقبل.

وفقا لحسابات وكالة رويترز، فإن هذه الزيادة المقررة لشهر يونيو سترفع إجمالي الزيادات التراكمية التي تم إقرارها لأشهر أبريل ومايو ويونيو إلى 960 ألف برميل يوميا. يمثل هذا الرقم تراجعا كبيرا ونسبة 44% من إجمالي التخفيضات المختلفة التي كانت المجموعة قد اتفقت عليها منذ عام 2022 والبالغة 2.2 مليون برميل يوميا. هذا التراجع السريع عن التخفيضات يثير تساؤلات حول التزام المجموعة السابق بدعم الأسعار.

احتمالية إلغاء التخفيضات بالكامل ودوافع السعودية

تتزايد التكهنات بأن هذا التسريع في زيادة الإنتاج قد يكون مجرد بداية. فقد أبلغت مصادر مطلعة داخل أوبك+ وكالة رويترز بأن المجموعة قد تتجه نحو إلغاء تخفيضاتها الطوعية بالكامل بحلول نهاية شهر أكتوبر المقبل، وذلك في حال لم يُظهر الأعضاء الآخرون تحسنا ملموسا في مدى امتثالهم لحصص الإنتاج المتفق عليها سابقًا.

وذكرت مصادر متعددة في أوبك+ أن المملكة العربية السعودية، التي تعتبر القوة الدافعة وراء هذا التحول، تدفع التحالف بقوة نحو تسريع عملية إلغاء تخفيضات الإنتاج السابقة. وينظر إلى هذه الخطوة على أنها تهدف جزئيا إلى معاقبة الأعضاء الآخرين، مثل العراق وكازاخستان، الذين اتهموا مرارا بضعف امتثالهم لحصص الإنتاج المقررة والاستفادة من الأسعار المرتفعة التي دعمتها تخفيضات الآخرين.

يرى بعض المحللين أن دوافع السعودية قد تتجاوز مجرد فرض الانضباط داخل التحالف. فقد علق أولي هانسن، المحلل في ساكسو بنك، قائلا: “إن زيادة الإنتاج، التي حرضت عليها المملكة العربية السعودية، لا تتعلق فقط بمعاقبة الأعضاء الذين استفادوا من ارتفاع الأسعار بينما يتجاهلون حدود إنتاجهم، بل تتعلق أيضا، وبنفس القدر من الأهمية، بتحدي إمدادات النفط الصخري الأمريكي المتنامية ومحاولة استعادة حصة سوقية”.

وأضاف محذرا من تداعيات هذه الخطوة في ظل الظروف الحالية: “إن إضافة المزيد من البراميل إلى سوق عالمية تشهد تباطؤا اقتصاديا واضحا سيؤثر حتما سلبا على الأسعار، وسيستمر هذا الضغط حتى نحصل على صورة أوضح وأكثر يقينًا بشأن التأثير الفعلي لهذا التباطؤ على حجم الطلب العالمي على النفط”.

مخاوف الطلب وضعف السوق

انعكست توقعات عودة المزيد من الإمدادات إلى السوق بشكل سلبي ومباشر على هيكل أسعار العقود الآجلة لخام برنت، وهو ما يُعرف بمنحنى العقود الآجلة (Forward Curve). فقد تقلص الفارق السعري (العلاوة) بين عقد برنت للتسليم في الشهر الأول (الأقرب) وعقد التسليم بعد ستة أشهر إلى 22 سنتًا فقط للبرميل، مقارنة بفارق بلغ 47 سنتًا في الجلسة السابقة.

والأخطر من ذلك، أن هذا الفارق كان قد تحول لفترة وجيزة في وقت سابق من الجلسة إلى خصم، وهو هيكل يُعرف في السوق باسم “كونتانجو” (Contango)، حيث تكون أسعار العقود الآجلة أعلى من الأسعار الفورية أو القريبة. يُعتبر ظهور هيكل الكونتتانجو، ولو مؤقتًا (وهي المرة الأولى منذ ديسمبر 2023)، إشارة قوية على ضعف أساسيات السوق الحالية وتوقع المستثمرين لزيادة المعروض أو ضعف الطلب في المستقبل القريب.

خفض توقعات الأسعار من قبل البنوك الكبرى

دفعت التطورات الأخيرة وقرار أوبك+ المفاجئ العديد من البنوك والمؤسسات المالية الكبرى إلى إعادة تقييم توقعاتها لأسعار النفط. فقد قام بنكا باركليز و ING بخفض توقعاتهما لمتوسط أسعار خام برنت. حيث خفض بنك باركليز توقعاته لمتوسط سعر برنت لعام 2025 بمقدار 4 دولارات ليصل إلى 66 دولارًا للبرميل، كما خفض توقعاته لعام 2026 بمقدار دولارين ليصل إلى 60 دولارًا للبرميل. بينما يتوقع بنك ING الآن أن يبلغ متوسط سعر برنت 65 دولارًا هذا العام، وهو انخفاض ملحوظ عن توقعاته السابقة البالغة 70 دولارًا.

وعلق محللو بنك ING، بقيادة وارن باترسون، على هذا التغيير قائلين: “إن سوق النفط تتعامل بالفعل مع حالة كبيرة من عدم اليقين بشأن مستقبل الطلب، خاصة في ظل استمرار مخاطر التعريفات التجارية وتأثيرها المحتمل على النمو العالمي. والآن، يأتي هذا التغيير في سياسة أوبك+ ليضيف طبقة جديدة من عدم اليقين ولكن هذه المرة من جانب العرض، مما يزيد من تعقيد الصورة ويبرر خفض توقعات الأسعار”.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى