أخبار الأسواقأخبار النفطسلع

أسعار النفط تتراجع مع ترقب المستثمرين لاجتماع أوبك+

انخفضت أسعار النفط خلال تداولات يوم الجمعة، حيث قام المتداولون بتسوية مراكزهم وإغلاق بعض الصفقات لجني الأرباح أو الحد من الخسائر قبيل عطلة نهاية الأسبوع وقبيل اجتماع هام لتحالف أوبك+ المقرر عقده قريبًا. يسود السوق جو من الحذر، مدفوعًا بالشكوك حول المدى الحقيقي لاحتمال تراجع حدة النزاع التجاري المستمر بين الصين والولايات المتحدة، والذي يلقي بظلاله على توقعات الطلب العالمي.

تراجع الأسعار الأسبوعي الحاد

في تفاصيل حركة الأسعار، انخفضت العقود الآجلة لخام برنت القياسي العالمي بمقدار 56 سنتًا، أو ما يعادل نسبة 0.9%، لتصل إلى مستوى 61.57 دولار للبرميل. كما تراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي (WTI) بمقدار 61 سنتًا، أو بنسبة 1%، لتستقر عند 58.63 دولار للبرميل.

هذه الانخفاضات اليومية تضع كلا الخامين القياسيين، برنت وغرب تكساس الوسيط، على مسار تسجيل انخفاض أسبوعي كبير يقارب 7%. يمثل هذا التراجع الأسبوعي الحاد أكبر انخفاض لهما في غضون شهر، مما يعكس تحولا سلبيا واضحا في معنويات السوق خلال الأيام القليلة الماضية وتزايد قلق المستثمرين بشأن العوامل الأساسية للسوق.

محادثات التجارة الأمريكية الصينية المحتملة

ظهرت بعض الإشارات الإيجابية على جبهة التجارة، حيث أعلنت وزارة التجارة الصينية يوم الجمعة أن بكين تقوم حاليا “بتقييم” اقتراح رسمي من واشنطن لعقد جولة جديدة من المحادثات. تهدف هذه المحادثات المقترحة إلى معالجة التعريفات الجمركية الشاملة التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الواردات الصينية. يشير هذا الإعلان إلى وجود احتمال لتخفيف حدة التوترات التجارية التي هزت الأسواق العالمية وأثارت مخاوف بشأن النمو الاقتصادي.

ومع ذلك، لا يزال الحذر الشديد هو سيد الموقف في الأسواق. فقد علق هاري تشيلينجوريان، رئيس الأبحاث في مجموعة أونيكس كابيتال، على الوضع قائلاً: “هناك بالفعل بعض التفاؤل الحذر فيما يتعلق بالعلاقات بين الولايات المتحدة والصين، لكن المؤشرات الحالية لا تزال أولية للغاية وغير مؤكدة”. وأضاف موضحًا تعقيد الموقف: “لا يزال الوضع برمته متقلبا للغاية، وغالبا ما نشهد ما يشبه خطوة إلى الأمام تتبعها خطوتان إلى الوراء عندما يتعلق الأمر بسياسات التعريفات والمفاوضات التجارية. هذا التذبذب يمنع السوق من بناء ثقة قوية”.

مخاوف الطلب العالمي وإمدادات أوبك+: ضغوط مزدوجة

تستمر المخاوف العميقة من أن الحرب التجارية الأوسع نطاقًا، والتي لا تقتصر على الولايات المتحدة والصين فقط، قد تدفع الاقتصاد العالمي الهش أصلًا نحو حالة من الركود. مثل هذا السيناريو سيؤدي حتمًا إلى تراجع كبير في الطلب العالمي على النفط. وتتفاقم هذه المخاوف في ظل استعداد مجموعة أوبك+ لزيادة إنتاجها، مما يخلق ضغطا مزدوجا على الأسعار من جانبي العرض والطلب. وقد ألقت هذه الديناميكية بظلالها الثقيلة على أسعار النفط وساهمت بشكل كبير في تراجعها خلال الأسابيع الأخيرة.

ومما يزيد من تعقيد أي محادثات تجارية محتملة بين واشنطن وبكين، تهديد الرئيس ترامب الأخير بفرض عقوبات ثانوية على أي كيانات أو دول تشتري النفط الإيراني. وتعتبر الصين أكبر مستورد في العالم للخام الإيراني، وبالتالي فإن مثل هذه العقوبات ستؤثر عليها بشكل مباشر وتزيد من توتر العلاقات. جاءت تصريحات ترامب هذه بعد تأجيل جولة من المحادثات الأمريكية مع إيران بشأن برنامجها النووي المثير للجدل. وكان ترامب قد أعاد في السابق فرض حملة “الضغط الأقصى” على إيران، والتي تضمنت جهودا مكثفة لخفض صادرات النفط الإيرانية إلى الصفر بهدف منع طهران، حسب قوله، من تطوير سلاح نووي.

اجتماع أوبك+ المرتقب وموقف السعودية الغامض

تتجه أنظار سوق النفط الآن نحو اجتماع هام مقرر عقده في 5 مايو، حيث ستجتمع ثماني دول مؤثرة من تحالف أوبك+ لاتخاذ قرار حاسم بشأن خطة الإنتاج لشهر يونيو المقبل. وكانت وكالة رويترز قد ذكرت سابقًا، نقلاً عن مصادر مطلعة، أن العديد من أعضاء أوبك+ يعتزمون اقتراح تسريع وتيرة زيادة الإنتاج في يونيو للشهر الثاني على التوالي، مما يزيد من احتمالية ضخ المزيد من النفط في السوق.

إضافة إلى ذلك، ذكرت رويترز يوم الأربعاء أن المملكة العربية السعودية، التي تعتبر الزعيم الفعلي لمنظمة أوبك وتمتلك أكبر طاقة إنتاجية فائضة، قد أبلغت حلفاءها وخبراء الصناعة بأنها غير مستعدة لدعم أسعار النفط من خلال إجراء المزيد من تخفيضات الإمدادات، وأنها قادرة على إدارة فترة طويلة من الأسعار المنخفضة نسبيًا. هذا الموقف، إن تأكد، يمثل تحولًا محتملاً في استراتيجية المملكة وقد يزيد من حالة عدم اليقين بشأن مستقبل توازن السوق.

وفي هذا السياق، قالت وحدة الأبحاث BMI التابعة لشركة فيتش للتصنيف الائتماني في مذكرة تحليلية: “مع ارتفاع إمدادات الدول غير الأعضاء في تحالف أوبك+ بقوة، ومواجهة نمو الطلب العالمي لانخفاض هيكلي طويل الأمد، لا نرى نقطة عودة طبيعية لهذه البراميل (التي تم تخفيضها طوعًا) إلى السوق بسهولة. وفي نهاية المطاف، من المرجح أن تضطر المجموعة (أوبك+) لتحمل بعض الألم في مستويات الأسعار بغض النظر عن التوقيت الذي تقرر فيه إنهاء تخفيضاتها بشكل كامل”.

تجدر الإشارة إلى أن أسعار النفط كانت قد شهدت ارتفاعًا ملحوظًا في وقت متأخر من جلسة يوم الخميس، لتغلق مرتفعة بنحو 2%. جاء هذا الارتفاع مدفوعًا بشكل أساسي بتصريحات الرئيس ترامب بشأن تشديد العقوبات على إيران، مما أثار بعض المخاوف بشأن الإمدادات ومحا جزءًا من الخسائر الكبيرة التي كانت قد سجلتها الأسعار في وقت سابق من الأسبوع بسبب التوقعات المتزايدة بزيادة إمدادات أوبك+. هذا التقلب يسلط الضوء على حساسية السوق الشديدة للأخبار والتصريحات السياسية.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى