أخبار الأسواقأسهم أمريكيةأسهم

الأسهم الأمريكية ترتفع ولكن S&P 500 يسجل خسارة للشهر الثالث على التوالي

نجحت الأسهم الأمريكية في تحقيق مكاسب طفيفة بنهاية تداولات يوم الأربعاء، وذلك في ختام جلسة اتسمت بالتقلبات الحادة والتوتر، جاءت في أعقاب صدور بيانات اقتصادية رسمية أظهرت انكماشا غير متوقع للاقتصاد الأمريكي خلال الربع الأول من العام، مما أدى إلى تصاعد مخاوف المستثمرين مجددًا بشأن احتمالات حدوث ركود اقتصادي. وعلى الرغم من هذه الخلفية القاتمة، تمكن مؤشر داو جونز الصناعي للشركات الكبرى من تحقيق ارتفاع ملحوظ، مدعومًا بعمليات شراء انتقائية في وقت متأخر من الجلسة.

إغلاقات متباينة وسلسلة مكاسب رغم التقلبات

عند الإغلاق، ارتفع مؤشر S&P 500 الأوسع نطاقًا بنسبة هامشية بلغت 0.15%، ليستقر عند مستوى 5,569.06 نقطة. في المقابل، لم يتمكن مؤشر ناسداك المركب، الذي يضم نسبة كبيرة من أسهم شركات التكنولوجيا، من الحفاظ على زخمه، حيث انخفض بنسبة طفيفة بلغت 0.09% ليغلق عند 17,446.34 نقطة. أما مؤشر داو جونز الصناعي، فقد خالف الاتجاه العام للضعف مضيفًا 141.74 نقطة، أو ما يعادل 0.35%، إلى قيمته، ليستقر عند 40,669.36 نقطة.

واللافت للنظر أنه على الرغم من هذه الإغلاقات المتباينة والضعف النسبي، تمكن مؤشرا S&P 500 وداو جونز من تسجيل يومهما الإيجابي السابع على التوالي. تمثل هذه السلسلة أطول فترة مكاسب متتالية لكلا المؤشرين منذ عدة أشهر، مما قد يشير إلى وجود قوة شرائية كامنة أو عمليات تغطية للمراكز البيعية. ومع ذلك، لم تكن الطريق إلى هذه المكاسب اليومية سهلة على الإطلاق، فقد شهد المستثمرون جلسة تداول صعبة وعصبية اتسمت بتقلبات حادة. ففي أدنى مستوياته خلال اليوم، انخفض مؤشر S&P 500 بنحو 2.3%، بينما هوى مؤشر داو جونز بأكثر من 780 نقطة في مرحلة ما، قبل أن ينجحا في تقليص خسائرهما والعودة إلى المنطقة الإيجابية قرب الإغلاق، مما يعكس حالة التردد وعدم اليقين التي تسيطر على السوق.

انكماش الناتج المحلي الإجمالي وتأثير الواردات الاستباقي

جاءت التقلبات الحادة في السوق كرد فعل مباشر على البيانات الصادرة عن وزارة التجارة يوم الأربعاء، والتي أظهرت أن الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة قد انكمش بمعدل سنوي بلغ 0.3% في الربع الأول من العام. يمثل هذا الرقم تحولًا سريعًا ومفاجئًا ومقلقًا عن النمو القوي نسبيًا الذي كان قد تم تسجيله في الربع الرابع من العام السابق والذي بلغ 2.4%. أشار بعض المتداولين والمحللين إلى أن هذا الرقم السلبي قد يكون مضللاً إلى حد ما، حيث تأثر بشكل كبير وغير طبيعي بالزيادة الهائلة التي بلغت 41% في حجم الواردات خلال الربع الأخير.

ويعتقد أن هذه القفزة في الواردات كانت نتيجة لسعي العديد من الشركات لتكديس المخزونات والمشتريات من الخارج بشكل استباقي، تحسبًا لفرض التعريفات الجمركية التي كان الرئيس دونالد ترامب قد أعلن عنها. وبما أن الواردات تُطرح عند حساب الناتج المحلي الإجمالي، فإن هذه الزيادة الضخمة كان لها تأثير حسابي سلبي كبير. كما أظهر التقرير تباطؤًا كبيرًا ومقلقًا في نمو الإنفاق الاستهلاكي، بالإضافة إلى انخفاض في النفقات الحكومية، والذي تزامن مع تقارير عن تخفيضات في بعض البرامج أو المبادرات (تمت الإشارة إليها بشكل غامض في المصدر الأصلي باسم تخفيضات “DOGE” المرتبطة بإيلون ماسك، وهو ما قد يتطلب توضيحًا إضافيًا للسياق الدقيق).

متانة الإنفاق الاستهلاكي رغم التباطؤ

على الرغم من الصورة القاتمة التي رسمها رقم الناتج المحلي الإجمالي الرئيسي، إلا أن بيانات اقتصادية أخرى صدرت في نفس اليوم قدمت بعض المؤشرات على أن الاقتصاد لا يزال يتمتع ببعض جوانب المتانة، خاصة فيما يتعلق بالمستهلك. فقد نما الإنفاق الاستهلاكي في الربع الأول بأبطأ وتيرة فصلية له منذ عام 2023، وهو ما يعكس بالتأكيد تأثير الضغوط التضخمية وحالة عدم اليقين، ولكنه مع ذلك استمر في النمو ولم ينكمش.

علاوة على ذلك، أظهر تقرير منفصل أن الإنفاق الاستهلاكي الشخصي قد ارتفع بنسبة 0.7% خلال شهر مارس وحده، متجاوزًا توقعات الاقتصاديين التي كانت تشير إلى ارتفاع بنسبة 0.5%. هذه الأرقام تشير إلى أن المستهلك الأمريكي، على الرغم من التحديات، لا يزال قادرًا على الإنفاق، وهو أمر حيوي لصحة الاقتصاد بشكل عام.

تقلبات أبريل الحادة وتعليقات ترامب والمحللين

جاءت نهاية شهر أبريل لتعكس التقلبات العنيفة التي شهدها الشهر بأكمله. ففي منشور له على منصة التواصل الاجتماعي الخاصة به Truth Social، سارع الرئيس السابق دونالد ترامب إلى إلقاء اللوم على الإدارة السابقة (“تراكمات بايدن” حسب وصفه) بعد صدور أرقام الناتج المحلي الإجمالي الضعيفة، طالبًا من مؤيديه وأنصاره “التحلي بالصبر!!!” ومؤكدًا أن سياساته الاقتصادية “ستستغرق بعض الوقت” لكي تؤتي ثمارها المرجوة.

من ناحية أخرى، علق سكوت هيلفشتاين، رئيس استراتيجية الاستثمار في Global X ETFs، على الوضع قائلاً: “أدى التسلسل المستمر للانعكاسات والتغييرات المفاجئة في السياسات (التجارية وغيرها) إلى خلق مستويات عالية جدًا من عدم اليقين لدى الشركات والمستثمرين، مما يعيق التخطيط واتخاذ القرارات الاستثمارية طويلة الأجل”. وأضاف محذرًا: “يجب أن يكون هذا التقرير (الناتج المحلي الإجمالي) بمثابة جرس إنذار مبكر للإدارة الجديدة، ولكن ربما تم التقليل من شأن مدى استعدادهم لتحمل بعض الألم الاقتصادي على المدى القصير في سبيل تحقيق أهدافهم السياسية طويلة الأجل”.

على الرغم من هذه البيانات السلبية والمخاوف المتزايدة، تمكن المتداولون من استيعاب الأخبار السيئة والعودة إلى حالة من التفاؤل الحذر والشراء في وقت متأخر من جلسة يوم الأربعاء، ليختتموا بذلك عودة ملحوظة وقوية للأسهم خلال شهر أبريل الذي اتسم بالتقلب الشديد. يُذكر أن إعلان ترامب المفاجئ عن فرض تعريفات “متبادلة” شاملة في الثاني من أبريل كان قد أرسل سوق الأسهم في البداية في دوامة هبوطية عنيفة، حيث انخفض مؤشر S&P 500 بأكثر من 11% في مرحلة ما خلال الشهر، وتراجع بنحو 20% عن أعلى مستوى قياسي كان قد سجله في شهر فبراير. ثم تبع ذلك انتعاش تدريجي مع تراجع ترامب عن فرض الرسوم الأكثر صرامة وظهور بعض بوادر التهدئة التجارية.

الأداء الشهري والخسارة الثالثة على التوالي للمؤشرات الرئيسية

في نهاية المطاف، وبعد كل هذه التقلبات، أنهى مؤشر S&P 500 شهر أبريل بتسجيل خسارة شهرية بلغت 0.8%. وكانت خسائر مؤشر داو جونز أكبر، حيث انخفض بنسبة 3.2% خلال نفس الفترة. والأهم من ذلك، كان هذا هو الشهر الثالث على التوالي الذي يسجل فيه كلا المؤشرين خسائر، وهو اتجاه يثير قلق المستثمرين بشأن استدامة السوق على المدى المتوسط. في المقابل، تمكن مؤشر ناسداك، بدعم من بعض أسهم التكنولوجيا القوية، من تحقيق مكاسب بنحو 0.9% خلال شهر أبريل، ليخالف بذلك أداء المؤشرين الرئيسيين الآخرين.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى