أخبار الأسواقأخبار الذهبسلع

تراجع أسعار الذهب مع هدوء التوترات التجارية والتركيز على البيانات الأمريكية

انخفضت أسعار الذهب خلال تداولات يوم الأربعاء، لتواصل تراجعها من مستويات أعلى سجلتها في وقت سابق من الأسبوع. جاء هذا الانخفاض نتيجة لمجموعة من العوامل الضاغطة، أبرزها الارتفاع الطفيف الذي شهده الدولار الأمريكي وتراجع حدة المخاوف المتعلقة بالتوترات التجارية العالمية، مما قلل من جاذبية المعدن الأصفر كملاذ آمن.

وفي الوقت نفسه، يترقب المستثمرون بحذر شديد صدور بيانات اقتصادية أمريكية رئيسية في وقت لاحق من هذا الأسبوع، آملين في الحصول على رؤى أوضح حول المسار المستقبلي لأسعار الفائدة الذي قد يتبناه مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

أداء أسعار الذهب

في تفاصيل حركة الأسعار، انخفض سعر الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 0.3% ليصل إلى مستوى 3306.18 دولار للأوقية. كما شهدت العقود الأمريكية الآجلة للذهب تراجعا أكبر نسبيا، حيث انخفضت بنسبة 0.5% لتصل إلى 3315.90 دولار للأوقية، مما يعكس توقعات سلبية على المدى القصير بين المتعاملين في سوق العقود الآجلة.

على الرغم من هذا التراجع اليومي، لا يزال المعدن الأصفر يسير على الطريق الصحيح لتحقيق إنجاز ملحوظ يتمثل في تسجيل مكاسبه الشهرية الرابعة على التوالي. فقد ارتفع سعر الذهب بنحو 6% منذ بداية شهر أبريل حتى الآن، وهو أداء قوي يعكس قوة الطلب الأساسي على الذهب على المدى المتوسط، مدفوعًا بعوامل هيكلية وجيوسياسية أوسع نطاقًا تتجاوز التقلبات اليومية.

قوة الدولار تضغط على أسعار الذهب

أحد العوامل المباشرة التي تضغط على أسعار الذهب هو الارتفاع الطفيف والمستمر في قيمة الدولار الأمريكي. فقد ارتفع مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة من العملات الرئيسية الأخرى، بنسبة 0.1%. هذا الارتفاع، وإن كان طفيفًا، يجعل السبائك الذهبية المقومة بالدولار أكثر تكلفة نسبيا للمشترين الذين يستخدمون عملات أخرى، مما قد يحد من الطلب الفعلي عليها.

وفي هذا السياق، علق نيكولاس فرابيل، الرئيس العالمي للأسواق المؤسسية في ABC Refinery، قائلاً: “كان هناك انتعاش طفيف في قوة الدولار بشكل عام خلال الساعات الماضية، وهذا بدوره أدى إلى تراجع طفيف وتصحيحي في أسعار الذهب من مستوياتها الأخيرة”.

هدوء التوترات التجارية

ساهم التحسن الملحوظ في تهدئة حدة التوترات التجارية العالمية أيضًا في الضغط على أسعار الذهب، الذي غالبًا ما يستفيد من زيادة المخاطر وعدم اليقين كملاذ آمن. فقد وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الثلاثاء أمرين تنفيذيين يهدفان إلى تخفيف الأثر الاقتصادي السلبي لتعريفاته الجمركية المثيرة للجدل على قطاع السيارات العالمي، وهي خطوة اعتبرها البعض بادرة حسن نية.

وفي الوقت نفسه، أعلن فريقه التجاري عن التوصل إلى أول صفقة تجارية له مع شريك تجاري أجنبي (لم يتم تسميته)، مما عزز الآمال في إمكانية حل النزاعات التجارية القائمة. ومع ذلك، لا يزال بعض المحللين يعربون عن حذرهم بشأن التأثير طويل الأمد لهذه التوترات، حيث قال كايل رودا، محلل الأسواق المالية في Capital.com: “على الرغم من أن إدارة ترامب تبدو وكأنها تخفف من حدة التعريفات، إلا أن هذه التعريفات لا تزال مرتفعة في مجملها، والأهم من ذلك أن الثقة في استقرار وموثوقية الأصول الأمريكية قد اهتزت بالفعل، ويمكن القول إن هذا الاهتزاز قد يكون دائمًا وله تداعيات هيكلية”.

الذهب كملاذ آمن والبيانات المرتقبة

يأتي تراجع الذهب الحالي بعد فترة من الارتفاع القوي الذي شهد وصوله إلى مستوى قياسي تاريخي بلغ 3500.05 دولار للأوقية في 22 أبريل. كان هذا الارتفاع مدفوعًا بشكل أساسي بدور الذهب التقليدي كملاذ آمن يلجأ إليه المستثمرون والمؤسسات للحماية من الاضطرابات السياسية والمالية المتزايدة، خاصة في ظل المخاوف العميقة بشأن تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي وتصاعد التوترات الجيوسياسية التي شهدتها الأسابيع الأخيرة.

ويترقب المشاركون في السوق الآن عن كثب وباهتمام شديد صدور مجموعة من البيانات الاقتصادية الأمريكية الهامة خلال الأيام المتبقية من الأسبوع. تأتي في مقدمة هذه البيانات أرقام نفقات الاستهلاك الشخصي (PCE)، وهو مقياس التضخم الذي يفضله مجلس الاحتياطي الفيدرالي ويراقبه عن كثب، والمقرر صدورها في وقت لاحق اليوم. بالإضافة إلى ذلك، ينتظر السوق صدور تقرير الوظائف غير الزراعية الشهري الهام يوم الجمعة. ستوفر هذه البيانات مجتمعة صورة أوضح عن صحة الاقتصاد الأمريكي، ومدى تأثره بالسياسات التجارية الأخيرة، وستلعب دورًا حاسمًا في توجيه توقعات السوق بشأن الخطوات التالية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي فيما يتعلق بأسعار الفائدة.

توقعات أسعار الفائدة

أضاف المحلل رودا، موضحًا أهمية بيانات اليوم: “من المتوقع بشكل عام أن تظهر بيانات نفقات الاستهلاك الشخصي استمرار الاعتدال في وتيرة ارتفاع الأسعار، وهو ما من شأنه أن يبقي الباب مفتوحًا أمام إمكانية قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي بإجراء مزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة خلال الأشهر المقبلة لدعم الاقتصاد. ولكن، إذا جاءت البيانات بمفاجأة صعودية وأظهرت تسارعًا غير متوقع في التضخم، فقد تتضاءل تلك الاحتمالات لخفض الفائدة بشكل كبير، وهذا بدوره قد يؤثر سلبًا على أسعار الذهب، حيث أن ارتفاع أسعار الفائدة يزيد من تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الذهب الذي لا يدر عائدًا”. وتشير توقعات المتداولين في أسواق العقود الآجلة حاليًا إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يقوم بخفض أسعار الفائدة بنحو 95 نقطة أساس (أي 0.95%) بحلول نهاية العام الحالي.

المعادن النفيسة الأخرى

لم يقتصر التراجع على الذهب فقط، بل شمل المعادن النفيسة الأخرى أيضًا، متأثرة بنفس العوامل من قوة الدولار وتراجع جاذبية الملاذات الآمنة. حيث انخفض سعر الفضة في المعاملات الفورية بنسبة 0.3% ليصل إلى 32.87 دولار للأوقية، وتراجع البلاتين بنسبة طفيفة بلغت 0.1% ليستقر عند 975.95 دولار، بينما فقد البلاديوم، الذي يستخدم بشكل كبير في صناعة السيارات، 0.2% من قيمته ليصل إلى 932.87 دولار.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى