أخبار الأسواقأخبار النفطسلع

هبوط أسعار النفط وسط مخاوف بشأن الطلب بسبب التوترات التجارية

تراجعت أسعار النفط الخام بشكل ملحوظ خلال تداولات يوم الثلاثاء، مواصلةً الضغوط البيعية التي شهدتها في الجلسة السابقة. ويعود هذا التراجع بشكل أساسي إلى قيام المستثمرين بإعادة تقييم توقعاتهم لنمو الطلب العالمي على الطاقة وخفضها، وذلك في ظل استمرار حالة عدم اليقين والمخاوف المتزايدة بشأن تداعيات الحرب التجارية الدائرة بين الولايات المتحدة والصين، اللتين تمثلان أكبر اقتصادين ومستهلكين للنفط في العالم.

وفي تفاصيل حركة الأسعار، انخفضت العقود الآجلة لخام برنت القياسي العالمي بمقدار 59 سنتا، أو ما يعادل نسبة 0.9%، لتصل إلى مستوى 65.27 دولار للبرميل. وبالمثل، تراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الأمريكي، المؤشر الرئيسي لأسعار النفط في الولايات المتحدة، بمقدار 49 سنتا، أو بنسبة 0.8%، لتستقر عند 61.56 دولار للبرميل، مما يعكس اتجاها هبوطيا واضحا في السوق.

تعثر المفاوضات التجارية ومخاوف الركود

يُعد تجدد القلق بشأن المفاوضات التجارية المتعثرة بين القوتين الاقتصاديتين العظميين، الصين والولايات المتحدة، أحد الأسباب الرئيسية التي تضغط على أسعار النفط. وكما أوضح تاماس فارجا، المحلل لدى شركة الوساطة PVM، فإن “تعثر المفاوضات بين الصين والولايات المتحدة بشأن التجارة يرفع مستويات القلق بشأن آفاق النمو الاقتصادي العالمي وبالتالي توقعات الطلب على النفط مرة أخرى”.

تتفاقم هذه المخاوف بشكل كبير في ضوء نتائج استطلاع حديث أجرته وكالة رويترز، والذي أظهر أن غالبية الاقتصاديين الذين شملهم الاستطلاع يرون الآن مخاطر عالية ومتزايدة لانزلاق الاقتصاد العالمي إلى حالة من الركود خلال هذا العام. ويعزو هؤلاء الاقتصاديون هذه المخاطر المتزايدة بشكل مباشر إلى مساعي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإعادة تشكيل النظام التجاري العالمي من خلال فرض تعريفات جمركية واسعة النطاق، والتي يُنظر إليها على أنها تعيق التدفقات التجارية وتضر بالثقة الاقتصادية.

تأثير الحرب التجارية وخفض التوقعات

أدت الحرب التجارية المتصاعدة، والتي تشمل فرض رسوم جمركية متبادلة بين أكبر دولتين مستهلكتين للنفط في العالم، إلى تداعيات سلبية مباشرة وملموسة على توقعات الطلب المستقبلي على النفط. فقد ردت الصين على التعريفات الأمريكية بفرض رسومها الخاصة على الواردات الأمريكية، مما أدى إلى تباطؤ النشاط التجاري العالمي ودفع العديد من المحللين والمؤسسات المالية الكبرى إلى خفض توقعاتهم لنمو الطلب على النفط وأسعاره بشكل حاد خلال الفترة المتبقية من العام.

وفي هذا السياق، قام بنك باركليز يوم الاثنين بخفض توقعاته لمتوسط سعر خام برنت لعام 2025 بمقدار 4 دولارات ليصل إلى 70 دولارًا للبرميل. وأشار البنك في تقريره إلى أن تصاعد التوترات التجارية، بالإضافة إلى تحول محتمل في استراتيجية الإنتاج لدى مجموعة أوبك+ (التي قد تزيد الإنتاج)، تعتبر عوامل رئيسية قد تؤدي إلى ظهور فائض في إمدادات النفط العالمية يقدر بنحو مليون برميل يوميًا هذا العام، مما يضع ضغوطًا إضافية على الأسعار.

تراجع ثقة المستثمرين وعوامل إضافية

انعكس تدهور ثقة المستثمرين بشكل واضح في أداء سوق النفط يوم الاثنين، حيث شهدت عقود النفط الآجلة الرئيسية خسائر ملحوظة بلغت حوالي دولار واحد للبرميل. وأشار المحلل فارجا من PVM إلى أن الضغط على الأسعار لم يكن ناتجًا فقط عن المخاوف التجارية المتزايدة،

بل تأثر أيضًا بعوامل تشغيلية مؤقتة، مثل الإغلاق الاضطراري لبعض مصافي التكرير في شبه الجزيرة الأيبيرية (إسبانيا والبرتغال) بسبب انقطاع واسع النطاق للتيار الكهربائي حدث هناك. وعلى الرغم من أن شركة ريد إليكتريكا الإسبانية، مشغل الشبكة الرئيسي، أعلنت صباح الثلاثاء عن استعادة التيار الكهربائي لمعظم المناطق المتأثرة، إلا أن هذا الحادث سلط الضوء على مدى حساسية البنية التحتية للطاقة وتأثيرها المحتمل على عمليات التكرير وبالتالي على توازن العرض والطلب في السوق بشكل مؤقت.

إمدادات أوبك+ المحتملة

على جانب العرض، تظل قرارات تحالف أوبك+ محط أنظار الأسواق عن كثب. فقد أفادت مصادر مطلعة لوكالة رويترز الأسبوع الماضي بأن العديد من أعضاء التحالف، الذي يضم منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاءها من المنتجين المستقلين بقيادة روسيا، قد يقترحون في اجتماعهم المقبل المقرر عقده في يونيو، تسريع وتيرة زيادة الإنتاج للشهر الثاني على التوالي. مثل هذه الخطوة، إن تم الاتفاق عليها وتنفيذها، ستؤدي إلى زيادة المعروض النفطي في الأسواق العالمية بشكل أسرع، مما قد يحد من أي ارتفاع في الأسعار أو يساهم في مزيد من الانخفاض.

وينتظر المتعاملون والمحللون بفارغ الصبر صدور بيانات مخزونات النفط الخام الأمريكية الرسمية في وقت لاحق من هذا الأسبوع. فقد أظهر استطلاع أولي أجرته وكالة رويترز للمحللين يوم الاثنين أنه من المرجح أن تكون المخزونات قد سجلت ارتفاعًا بنحو 500 ألف برميل في الأسبوع المنتهي في 15 أبريل. وعادةً ما يُعتبر ارتفاع المخزونات الأمريكية مؤشرًا على ضعف الطلب أو زيادة الإنتاج المحلي، وهو ما قد يضيف ضغوطًا إضافية على أسعار النفط إذا ما أكدت البيانات الرسمية هذه الزيادة المتوقعة.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى