تراجع أسعار الذهب بأكثر من 1% وسط انحسار التوترات التجارية وقوة الدولار

شهدت أسعار الذهب انخفاضا ملحوظا بأكثر من 1% يوم الاثنين، في تحول يعكس تغير معنويات المستثمرين، وذلك في ظل صمود الدولار الأمريكي وتراجع الإقبال على أصول الملاذ الآمن التقليدية، ويأتي هذا التراجع مدفوعا بالآمال المتزايدة في تهدئة التوترات التجارية المستمرة بين الولايات المتحدة والصين، والتي كانت المحرك الرئيسي للأسواق في الأسبوع الماضي.
أداء أسعار الذهب اليوم
فيما يتعلق بأداء السوق وتفاصيل الأسعار اليوم الاثنين، انخفض سعر الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 1.1%، ليصل إلى3282.33 دولار للأوقية (الأونصة)وقت نشر هذا التقرير، مبتعدا عن المستويات المرتفعة التي سجلها مؤخرا. كما تراجعت العقود الأمريكية الآجلة للذهب، التي تعكس توقعات السوق المستقبلية، بنسبة 0.2% لتستقر عند 3292.80 دولار للأوقية، مما يشير إلى حذر المستثمرين في بداية الأسبوع.
مراجعة تقلبات الأسبوع الماضي
كان الأسبوع الماضي حافلا بالتقلبات العنيفة لمتداولي المعادن الثمينة والأسواق العالمية على حد سواء، حيث استمرت حرب ترامب التجارية في الهيمنة على حركة الأسعار. بدأ الذهب الفوري الأسبوع عند 3338.38 دولار، وشهد ارتفاعا سريعا في البداية، ليصل إلى 3385 دولار مساء الأحد ثم 3420 دولار بحلول افتتاح السوق الأمريكية يوم الاثنين (إيستر)، وإن كان ذلك وسط أحجام تداول ضعيفة بسبب العطلة.
قادت السوق الآسيوية الدفة بعد ذلك، لتدفع الذهب الفوري من 3417 دولار مساء الاثنين إلى مستوى تاريخي جديد عند 3500 دولار للأوقية بحلول فجر الثلاثاء، في واحد من أبرز الارتفاعات اليومية خلال موجة الصعود الأخيرة. لكن هذه القمة لم تدم طويلًا، حيث أدى مزيج من عمليات جني الأرباح وتخفيف حدة اللهجة من إدارة ترامب إلى بدء هبوط حاد للذهب، ليعود ويتداول قرب 3410 دولارات بحلول افتتاح الأسهم الأمريكية، ويهبط إلى 3318 دولار بحلول المساء.
وتمكن المتداولون الآسيويون من دفع السعر مجددًا إلى 3386 دولار مساء الثلاثاء، لكن موجة بيع حادة أعقبته أعادت المعدن الأصفر للانخفاض، ليصل إلى أدنى مستوى أسبوعي عند 3270 دولار بعد افتتاح السوق الأمريكية يوم الأربعاء. حاول المتداولون الآسيويون مجددًا دفع الأسعار للأعلى، لكن الذهب لم يتمكن هذه المرة سوى من الوصول إلى 3362 دولار قبل أن يستقر في نطاق ضيق نسبيًا بين 3320 و 3365 دولار خلال تداولات الخميس. شهد فجر الجمعة موجة بيع حادة أخيرة، حيث انخفض الذهب من 3323 دولار إلى 3289 دولار ثم 3278 دولار بحلول الافتتاح الأمريكي. وبعد اختبار أخير للمستوى المنخفض الأسبوعي قرب 3270 دولار، تمكن الذهب من استعادة مستوى 3300 دولار ليغلق تداولات الأسبوع عند 3306.18 دولار، بخسارة أسبوعية طفيفة بلغت 0.83%.
العوامل المؤثرة الحالية
لا تزال أسعار الذهب تتأثر بتفاعل عدة عوامل رئيسية. أولاً، قوة الدولار؛ حيث ارتفع مؤشر الدولار اليوم بنسبة 0.3%، مما يرفع تكلفة الذهب على حائزي العملات الأخرى.
ثانيا، تراجع التوترات التجارية؛ فقد أوضح جيوفاني ستاونوفو، المحلل لدى UBS، أن “السوق يرى تراجع حدة التوترات وأصبح أقل قلقا بشأن استقلالية الفيدرالي، مما يقلل الطلب على الملاذات الآمنة حاليًا”. ومع ذلك، أضاف أنه “مع استمرار توقعات خفض الفائدة لاحقًا هذا العام، لا يزال من المتوقع أن يختبر الذهب مستوى 3500 دولار مجددا”.
ثالثا، تصريحات الرئيس الأمريكي؛ حيث أكد ترامب استمرار المحادثات مع الصين، مما عزز الآمال بحل. وأخيرا، الإجراءات الصينية؛ حيث أعفت الصين بعض الواردات الأمريكية، لكنها نفت وجود مفاوضات رسمية حاليًا.
آراء المحللين ومعنويات السوق
هناك انقساما في الآراء بعد عمليات البيع الأخيرة. أقلية فقط من خبراء الصناعة وتجار التجزئة حافظوا على تحيزهم الصعودي، حيث يرى أدريان داي، رئيس Adrian Day Asset Management، أن الاتجاه على المدى القريب هبوطي بسبب احتمالية تنازلات تجارية ومخاوف الركود، لكنه يعتقد أن العوامل الدافعة للطلب على الذهب لا تزال قائمة وأن التراجع قد يكون قصيرا. على العكس، يتوقع ريتش تشيكان، رئيس Asset Strategies International، ارتفاع الذهب الأسبوع القادم مع انتهاء جني الأرباح، مدعوما بضعف الدولار والشكوك الجيوسياسية والتجارية وقرارات الفيدرالي.
كيفن جرادي، رئيس Phoenix Futures and Options، أشار إلى أن الارتفاع السريع إلى 3500 دولار ثم الهبوط كان مدفوعا إلى حد كبير بالمضاربين و”الأيدي الضعيفة” التي دخلت السوق متأخرا، مستشهدا بعدم زيادة متطلبات الهامش رغم التقلبات الكبيرة وضعف أحجام التداول القوية. ويرى أن مستوى الدعم الرئيسي الآن هو 3000 دولار، رغم أنه بعيد عن السعر الحالي. كما لم يستبعد جرادي أن تكون الصين قد باعت سندات خزانة أمريكية واشترت الذهب كوسيلة للابتعاد عن الدولار والضغط على الولايات المتحدة، متوقعًا أن يتداول الذهب حول مستوياته الحالية حتى يتضح التقدم في المحادثات التجارية.
بشكل عام، يميل غالبية محللي وول ستريت إلى توقع انخفاض الأسعار هذا الأسبوع، بينما انقسم تجار التجزئة، حيث توقع 48% ارتفاعا و 29% انخفاضا و 23% استقرارا.
البيانات الاقتصادية والفعاليات المرتقبة
يترقب المستثمرون هذا الأسبوع، بالإضافة لتطورات التجارة، صدور بيانات اقتصادية هامة قد تؤثر على قرارات الفيدرالي. تشمل الأجندة:
- الاثنين: الانتخابات الفيدرالية الكندية.
- الثلاثاء: تقرير الوظائف الشاغرة (JOLTS) وثقة المستهلك في الولايات المتحدة.
- الأربعاء: بيانات ADP للتوظيف، والناتج المحلي الإجمالي المبدئي للربع الأول، ومبيعات المنازل المعلقة في الولايات المتحدة، واجتماع السياسة النقدية لبنك اليابان.
- الخميس: طلبات إعانة البطالة الأسبوعية ومؤشر ISM لمديري المشتريات التصنيعي في الولايات المتحدة.
- الجمعة: تقرير الوظائف غير الزراعية لشهر أبريل في الولايات المتحدة.
اقرأ أيضا…