أسواق الأسهم الأمريكية ترتفع لليوم الثالث على التوالي

شهدت أسواق الأسهم الأمريكية ارتفاعا قويا يوم الخميس، مسجلة مكاسب لليوم الثالث على التوالي، مما يشير إلى تحسن ملحوظ في معنويات المستثمرين بعد فترة من التقلبات والضغوط. جاء هذا الارتفاع مدفوعا بشكل أساسي بالأداء القوي والمتميز لأسهم شركات التكنولوجيا الكبرى، والتي غالباً ما تكون محركا رئيسياً للمؤشرات القياسية. يواصل المستثمرون في الوقت نفسه البحث عن أي إشارات إيجابية تدل على إحراز تقدم في ملف التجارة العالمية، وخاصة بين الولايات المتحدة والصين، والذي كان له تأثير كبير ومباشر على معنويات السوق وأداء القطاعات المختلفة مؤخرا.
S&P 500 وناسداك يتصدران الارتفاع بدعم من التكنولوجيا
سجلت المؤشرات الرئيسية في وول ستريت مكاسب قوية لليوم الثالث على التوالي، مع تفوق واضح ومستمر لمؤشري S&P 500 وناسداك، مما يعكس عودة الاهتمام بأسهم النمو:
- أنهى مؤشر S&P 500، الذي يعتبر مقياساً واسعاً لأداء سوق الأسهم الأمريكية ويضم أكبر 500 شركة، الجلسة مرتفعاً بنسبة 2.03% ليصل إلى مستوى 5,484.77 نقطة. هذا الارتفاع يعكس تحسناً في أداء مجموعة واسعة من الشركات والقطاعات.
- أضاف مؤشر ناسداك المركب، الذي يضم أسهم شركات التكنولوجيا والإنترنت والبرمجيات بكثافة، نسبة قوية بلغت 2.74% لينهي التداول عند 17,166.04 نقطة. يعكس هذا الأداء القوي في ناسداك عودة المستثمرين لشراء أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى التي تتمتع بآفاق نمو عالية، والتي كانت قد تعرضت لضغوط في الفترات السابقة.
- تخلف مؤشر داو جونز الصناعي، الذي يضم أسهم أكبر 30 شركة صناعية أمريكية، عن المؤشرين الآخرين في نسبة الارتفاع. تأثر أداء الداو بشكل خاص بانخفاض كبير بنسبة 6.6% في سهم شركة IBM، وهي شركة تكنولوجيا قديمة نسبياً. ومع ذلك، تمكن المؤشر من إضافة 486.83 نقطة إلى قيمته، أو بنسبة 1.23%، ليغلق عند 40,093.40 نقطة. يمثل هذا الإغلاق الأول للمؤشر فوق مستوى 40,000 نقطة منذ 15 أبريل، وهو مستوى نفسي مهم يعكس قوة السوق.
أسهم التكنولوجيا الكبرى تقود الارتفاع وتعوض الخسائر الأخيرة
أغلقت أسهم العديد من شركات التكنولوجيا الكبرى، والتي يطلق عليها أحياناً “أسهم النمو” أو “السبعة الرائعين”، على ارتفاعات قوية يوم الخميس. هذه الشركات، التي تتمتع بقيم سوقية ضخمة وتأثير كبير على المؤشرات، دفعت المؤشرات الرئيسية لتحقيق مكاسب لليوم الثالث على التوالي.
شهدت أسهم شركات مثل إنفيديا (Nvidia)، الرائدة في مجال الرقائق الإلكترونية المستخدمة في الذكاء الاصطناعي والألعاب، وميتا (Meta)، الشركة الأم لفيسبوك وإنستغرام، وأمازون (Amazon)، عملاق التجارة الإلكترونية والحوسبة السحابية، وتسلا (Tesla)، شركة السيارات الكهربائية والطاقة المتجددة، ومايكروسوفت (Microsoft)، عملاق البرمجيات والحوسبة السحابية، ارتفاعات قوية في أسعارها.
وكانت أسهم قطاع التكنولوجيا قد تعرضت لضغوط مؤخراً مع تزايد الموقف التجاري التصادمي للبيت الأبيض، خاصة تجاه الصين، والتي تُعد سوقاً رئيسياً وسلسلة توريد حاسمة للعديد من هذه الشركات. هذا الموقف التجاري أثر سلباً على المعنويات في هذا القطاع الحساس للنمو العالمي.
إشارات متضاربة بشأن مفاوضات التجارة الأمريكية الصينية تثير الحذر
على الرغم من التفاؤل الذي بدا على الأسواق وتصريحات بعض المسؤولين الأمريكيين، جاءت تصريحات رسمية من الصين لتلقي بظلال من الشك على إحراز تقدم حقيقي في مفاوضات التجارة. قالت الصين بين عشية وضحاها، عبر قنواتها الرسمية، إنه لا توجد محادثات تجارية جارية حالياً مع الولايات المتحدة. وقال المتحدث باسم وزارة التجارة الصينية، خه يادونغ، بوضوح إنه يجب “رفض جميع الأقاويل” أو الشائعات المتعلقة بالتقدم في المحادثات الثنائية بين البلدين. كما كرر الدعوة إلى إلغاء التعريفات “الأحادية الجانب” التي تفرضها الولايات المتحدة على السلع الصينية، معتبراً أنها عائق رئيسي أمام أي تقدم.
جاءت هذه التصريحات الصينية الحازمة بعد أن كان الرئيس دونالد ترامب قد قال في وقت سابق إنه مستعد لاتباع نهج أقل تصادمية وأكثر مرونة تجاه المحادثات التجارية مع بكين، في محاولة على ما يبدو لفتح الباب أمام استئناف الحوار. علاوة على ذلك، قال وزير الخزانة سكوت بيسنت يوم الأربعاء إن الولايات المتحدة لديها “فرصة لصفقة كبيرة” ومهمة بشأن التجارة مع الصين، مما يشير إلى وجود رغبة أمريكية في التوصل إلى اتفاق. تخضع الواردات الصينية حالياً لتعريفة أمريكية مرتفعة جداً تبلغ 145%، وهي نسبة يرى الكثيرون أنها تعيق التجارة بشكل كبير.
مع الأخذ في الاعتبار عدم إحراز تقدم واضح ومؤكد في مفاوضات التجارة مع الصين، أبدى روس مايفيلد، محلل الاستثمار في Baird، حذراً واضحاً وصريحاً بشأن استدامة ارتفاع السوق يوم الخميس. قال مايفيلد لشبكة CNBC في مقابلة: “لا أثق في هذه الحركة [الارتفاع]”. وأضاف مفسراً سبب حذره: “الصين كانت صريحة جداً بين عشية وضحاها بأنه لا توجد مفاوضات جارية. هذا يتناقض مع النبرة الأمريكية”. ومع ذلك، قدم تفسيراً محتملاً لسبب استمرار بعض التفاؤل في السوق: “ربما لا تزال السوق تشعر ببعض الثقة في أن الإدارة [الأمريكية] على الأقل تتحدث عن رغبتها في التوصل إلى اتفاق، كبديل لموقف أكثر تشدداً يتمثل في التشبث بالتعريفات الحالية أو حتى رفعها إلى معدلات جنونية. من المحتمل أن يكون هناك بعض التفاؤل المتبقي من الأمس [الأربعاء] هو الذي يدعم السوق اليوم”.
وعلى الرغم من عدم الوضوح المستمر بشأن العلاقات التجارية مع الصين، تلقى المستثمرون بعض الأخبار الإيجابية يوم الخميس عندما قال وزير الخزانة سكوت بيسنت إن إدارة ترامب قد تتوصل إلى “اتفاق تفاهم” بشأن التجارة مع كوريا الجنوبية “في أقرب وقت الأسبوع المقبل”. يمكن أن تشير هذه الخطوة، إذا تمت، إلى استعداد الإدارة الأمريكية لإبرام اتفاقيات تجارية مع دول أخرى غير الصين، مما قد يخفف بعض المخاوف الأوسع نطاقاً بشأن السياسة التجارية الأمريكية بشكل عام ويقدم نموذجاً لكيفية حل النزاعات التجارية الأخرى.
أداء السوق منذ إعلانات التعريفات الأولية
منذ إعلانات الرئيس ترامب الأولية بشأن سياسات التعريفات الجديدة، شهدت الأسواق تقلبات كبيرة. انخفض مؤشر S&P 500 بنسبة 3.3% منذ 2 أبريل، وهو اليوم الذي أعلن فيه ترامب عن سياسته الجديدة بشأن الواردات الأمريكية وفرض تعريفات على مجموعة واسعة من السلع من دول مختلفة. منذ ذلك الحين، تراجع مؤشر داو جونز بنسبة 5.1%، متأثراً بشكل خاص بأسهم الشركات الصناعية الكبرى التي تعتمد على التجارة العالمية. بينما خسر مؤشر ناسداك، الذي كان أكثر مرونة، 2.5%. هذه الأرقام تسلط الضوء على التأثير السلبي المباشر لسياسات التعريفات على أداء السوق في البداية.
ومع ذلك، تسير المؤشرات الرئيسية حالياً على مسار إنهاء الأسبوع في المنطقة الإيجابية، وهو ما سيمثل الأسبوع الإيجابي الثاني في ثلاثة أسابيع لجميع المؤشرات الثلاثة. هذا الانتعاش الأخير يشير إلى أن السوق قد بدأت تستوعب الصدمة الأولية للتعريفات، وأن عوامل أخرى، مثل أرباح الشركات وتوقعات السياسة النقدية، بالإضافة إلى الآمال المتجددة في حلول تجارية، بدأت تلعب دوراً أكبر في تحريك الأسعار.
اقرأ أيضا…