أسعار النفط تقفز بأكثر من 1% وسط عقوبات على إيران وتراجع المخزونات الأمريكية

ارتفعت أسعار النفط بأكثر من 1% يوم الأربعاء، مسجلة مكاسب قوية في الأسواق العالمية. جاء هذا الارتفاع مدفوعا بمزيج من العوامل المؤثرة على جانبي العرض والطلب، وقام المستثمرون بتقييم جولة جديدة من العقوبات الأمريكية المشددة على قطاع الشحن الإيراني، والتي تهدف إلى الحد من صادرات النفط الخام والغاز المسال من طهران.
بالإضافة إلى ذلك، أظهرت بيانات أولية انخفاضا مفاجئا وكبيرا في مخزونات النفط الخام الأمريكية، مما يشير إلى طلب أقوى أو معروض أقل في الولايات المتحدة. كما ساهم في دعم المعنويات تغير في نبرة الرئيس دونالد ترامب، حيث بدا أكثر ليونة تجاه بنك الاحتياطي الفيدرالي وقلل من حدة خطابه بشأن الحرب التجارية مع الصين. هذه العوامل مجتمعة قدمت دعماً قوياً لأسعار النفط في الأسواق العالمية، حيث تتفاعل الأسعار بسرعة مع أي إشارات تؤثر على التوازن بين العرض والطلب.
تحركات أسعار النفط الرئيسية
شهدت عقود النفط القياسية مكاسب ملحوظة في التعاملات المبكرة والمتوسطة، مما يعكس التفاؤل المتزايد في السوق:
- وصلت العقود الآجلة لخام برنت القياسي العالمي إلى أعلى مستوى لها منذ 4 أبريل في وقت سابق من الجلسة عند 68.65 دولار للبرميل. وارتفعت العقود بمقدار 1.10 دولار، أو 1.63%، لتصل إلى 68.54 دولار للبرميل وقت نشر هذ التقريرا. يشير هذا الارتفاع إلى استعادة خام برنت لمستويات مهمة بعد تراجعه في الجلسات الماضية.
- ارتفع خام غرب تكساس الأمريكي (WTI) بمقدار 1.12 دولار، أو 1.76%، ليصل إلى 64.79 دولار. يتبع خام WTI عادة اتجاه خام برنت، ويعكس ارتفاعه تحسن المعنويات في السوق الأمريكية أيضا.
عقوبات أمريكية جديدة على إيران تدعم الأسعار من جانب العرض
جاءت إشارات صعودية قوية من جانب العرض بعد أن أصدرت الولايات المتحدة عقوبات جديدة استهدفت قطب شحن إيراني وشبكته الواسعة. ذكرت وزارة الخزانة الأمريكية أن هذه الشبكة مسؤولة عن شحن مئات الملايين من الدولارات من الغاز البترولي السائل والنفط الخام الإيراني إلى الأسواق الدولية.
وتهدف هذه العقوبات إلى تضييق الخناق بشكل أكبر على قدرة إيران على تصدير نفطها، والذي يعد مصدرا رئيسيا لإيراداتها. من خلال استهداف شركات الشحن والأفراد المتورطين، تسعى واشنطن إلى جعل عملية نقل النفط الإيراني أكثر صعوبة وتكلفة، مما يقلل فعليا من المعروض المتاح في السوق العالمية ويدعم الأسعار نتيجة لذلك.
تراجع مخزونات النفط الأمريكية يضيف زخماً صعودياً من جانب الطلب
في جانب الطلب، أظهرت بيانات أولية تراجعا كبيرا ومفاجئا في مخزونات النفط الأمريكية، مما يشير إلى زيادة في الاستهلاك أو انخفاض في الواردات. قال مصدر في السوق، نقلا عن بيانات معهد البترول الأمريكي (API)، وهي بيانات أولية تصدر قبل البيانات الرسمية، إن مخزونات النفط الخام الأمريكية انخفضت الأسبوع الماضي بنحو 4.6 مليون برميل.
هذا الانخفاض أكبر بكثير من التوقعات الأولية ويعتبر إشارة قوية على تحسن محتمل في الطلب أو تشديد في جانب العرض داخل الولايات المتحدة. كما انخفضت مخزونات البنزين بواقع 2.2 مليون برميل، ومخزونات نواتج التقطير (الديزل ووقود الطائرات) بواقع 1.6 مليون برميل، مما يؤكد وجود سحب واسع النطاق من المخزونات.
من المقرر صدور البيانات الرسمية للحكومة الأمريكية حول مخزونات النفط من إدارة معلومات الطاقة الأمريكية (EIA) يوم الأربعاء. أظهر استطلاع أجرته رويترز أن المحللين توقعوا في المتوسط انخفاضًا أقل حدة، قدره 800 ألف برميل فقط، في مخزونات النفط الخام الأمريكية الأسبوع الماضي. إذا جاءت البيانات الرسمية قريبة من بيانات API، فسيكون التأثير الصعودي على الأسعار أكبر، حيث ستؤكد البيانات الرسمية الاتجاه الذي أشارت إليه البيانات الأولية.
تغير نبرة ترامب بشأن التجارة والفيدرالي يعزز الآمال في الطلب
في عامل إيجابي آخر يدعم أسعار النفط من جانب الطلب المستقبلي، أشار الرئيس ترامب إلى إمكانية خفض التعريفات الجمركية على الواردات الصينية. تثير هذه الإشارة الآمال في تحسن العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، أكبر اقتصادين ومستهلكين للطاقة في العالم. يمكن أن يؤدي التوصل إلى اتفاق تجاري أو حتى مجرد تخفيف التوترات إلى تعزيز النمو الاقتصادي العالمي، وبالتالي زيادة الطلب على الطاقة والنفط بشكل خاص.
وقالت وزارة الخارجية الصينية في ردها إن على الولايات المتحدة التوقف عن إطلاق التهديدات واللجوء إلى الإكراه إذا كانت تريد التوصل إلى اتفاق، مما يشير إلى أن بكين لا تزال تتخذ موقفاً حذراً في المفاوضات.
من جانبه، قال وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت إنه يعتقد أنه ستكون هناك تهدئة في التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، لكنه أضاف أن المفاوضات لم تبدأ بعد وستكون عملية “مضنية” وتستغرق وقتاً، حسبما قال شخص سمع عرضه المغلق للمستثمرين. تشير هذه التصريحات إلى أن الطريق إلى حل كامل لا يزال طويلاً، لكن مجرد وجود نية للتهدئة يعتبر إيجابياً للسوق.
كما تراجع ترامب عن التهديد بإقالة رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول بعد أيام من انتقاداته الشديدة للفيدرالي لعدم خفض أسعار الفائدة بالسرعة التي كان يفضلها. يمكن أن يساهم استقرار السياسة النقدية وتقليل حالة عدم اليقين المحيطة بقيادة البنك المركزي في دعم المعنويات الاقتصادية بشكل عام، مما قد ينعكس إيجاباً على الطلب على الطاقة.
صندوق النقد الدولي يحذر من تباطؤ النمو العالمي يحد من المكاسب
في المقابل، حد من المكاسب القوية التي شهدتها أسعار النفط تحذير صندوق النقد الدولي يوم الثلاثاء من أن الناتج الاقتصادي العالمي سيتباطأ في الأشهر المقبلة. أشار الصندوق بوضوح إلى أن هذا التباطؤ يأتي مع بدء تأثير التعريفات الجمركية المشددة التي فرضها ترامب على جميع الشركاء التجاريين تقريبًا على النشاط الاقتصادي العالمي. يشير هذا التحذير إلى أن المخاوف بشأن تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي لا تزال قائمة وقوية، وهو ما قد يحد من ارتفاع الطلب على النفط على المدى المتوسط والطويل، ويعمل كعامل معاكس للزخم الصعودي الحالي.
اقرأ أيضا…