الأسهم الأمريكية تنتعش وداو جونز يقفز 1000 نقطة

شهدت أسواق الأسهم الأمريكية انتعاشا قويا يوم الثلاثاء، لتنهي سلسلة خسائر استمرت لأربعة أيام، حيث قفز مؤشر داو جونز الصناعي بأكثر من 1000 نقطة.
ويمثل هذا الارتفاع الكبير تحولا ملحوظا عن التراجعات الحادة التي شهدتها الأسواق مؤخرا، جاء هذا الانتعاش مدفوعًا بالآمال المتزايدة في إمكانية تهدئة التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين قريبًا، مما ساعد المستثمرين على استعادة بعض المكاسب بعد الانخفاضات الحادة التي شهدتها الجلسة السابقة التي غذتها المخاوف بشأن تصاعد النزاع التجاري.
تفاصيل الارتفاع في المؤشرات الرئيسية
شمل الارتفاع الإيجابي كافة المؤشرات الرئيسية في وول ستريت، مما يعكس تحسنًا واسع النطاق في معنويات السوق:
- أغلق مؤشر داو جونز الصناعي مرتفعًا بمقدار 1016.57 نقطة، أي بنسبة 2.66%، ليستقر عند 39,186.98 نقطة. هذا المكسب هو أحد أكبر المكاسب النقطية للمؤشر في الآونة الأخيرة.
- ارتفع مؤشر S&P 500 الأوسع نطاقًا بنسبة 2.51%، ليغلق عند 5,287.76 نقطة، مسجلاً مكاسب قوية عبر مختلف القطاعات.
- صعد مؤشر ناسداك المركب، الذي يضم أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى، بنسبة 2.71%، منهيًا الجلسة عند 16,300.42 نقطة، مما يشير إلى أن أسهم النمو استفادت أيضًا من تحسن المعنويات.
تصريحات وزير الخزانة الأمريكي بشأن التهدئة التجارية
جاء الارتفاع الكبير في المؤشرات الرئيسية بعد أن صرح وزير الخزانة الأمريكي، سكوت بيسنت، لمجموعة من المستثمرين يوم الثلاثاء بأنه “ستكون هناك تهدئة” في الحرب التجارية مع الصين.
وكانت هذه التصريحات بمثابة دفعة قوية للأسواق التي عانت من حالة عدم اليقين المرتبطة بالنزاع التجاري. ونقل عن بيسنت قوله خلال اجتماع استضافه بنك جي بي مورغان تشيس في نيويورك: “لا أحد يعتقد أن الوضع الراهن مستدام”، في إشارة واضحة إلى التأثير السلبي للتعريفات المتبادلة على الاقتصاد العالمي وأسواق المال، وفقا لشخص حضر الاجتماع الذي ذكرته وكالة بلومبرج نيوز لأول مرة.
في ذروة الجلسة، كان مؤشر داو جونز مرتفعا بأكثر من 1100 نقطة، مما يعكس الحماس الأولي للمستثمرين تجاه إمكانية حل النزاع. ومع ذلك، تراجعت الأسهم قليلا عن تلك المستويات بعد أن أشار بيسنت أيضًا إلى أنه “إذا خرجنا من مفاوضات ووقعنا شيئًا في غضون عامين أو ثلاثة أعوام يشبه ذلك، فسأعتبر ذلك فوزا كبيرًا”. قد تشير هذه النبرة إلى أن التوصل إلى اتفاق نهائي قد يستغرق بعض الوقت، على الرغم من وجود رغبة في التهدئة.
الأسهم المرتبطة بالصين تستفيد من الأخبار الإيجابية
كانت الأسهم المرتبطة بشكل وثيق بالاقتصاد الصيني أو التي لديها تعرض كبير للسوق الصيني من بين أكبر المستفيدين من أخبار التهدئة المحتملة. تلقت هذه الأسهم دفعة قوية على خلفية هذه الأخبار، حيث يتوقع المستثمرون أن يؤدي إنهاء أو تخفيف التعريفات الجمركية إلى تحسين آفاق أعمالها. ارتفع كل من صندوق iShares China Large-Cap ETF (FXI)، الذي يتتبع أداء الشركات الصينية الكبرى المدرجة في هونغ كونغ، وصندوق iShares MSCI China ETF (MCHI)، الذي يغطي مجموعة أوسع من الأسهم الصينية، بنحو 3% لكل منهما. هذا الارتفاع يسلط الضوء على حساسية هذه الأسهم للتطورات في العلاقات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم.
وعلق جيد إليربروك، مدير المحافظ في Argent Capital Management، قائلاً: “من الواضح أن بيسنت يحاول إرسال إشارة بهذا التعليق، ويبدو أن هذه الإشارة هي أننا نعلم أن هذا يؤذي الأسواق وأننا في عجلة من أمرنا لإنهاء الأمر”. وأضاف: “سيفسر السوق ذلك على أنه أخبار جيدة ستؤدي إلى ارتفاعه وتعديل توقعاته بشأن النقطة النهائية لهذه الحرب التجارية في غضون بضعة أشهر”. تشير تعليقات إليربروك إلى أن المستثمرين يركزون على الإشارة إلى الرغبة في الحل أكثر من الجدول الزمني المحدد، ويعتبرون أي خطوة نحو التهدئة أمرا إيجابيا.
كان ارتفاع يوم الثلاثاء حاسمًا في محو الخسائر الحادة التي تكبدتها الأسواق في الجلسة السابقة، والتي كانت نتيجة مباشرة لتصاعد المخاوف التجارية. في يوم الاثنين، انخفض مؤشر داو جونز بأكثر من 970 نقطة، مسجلاً أحد أسوأ أيامه هذا العام، بينما تراجع مؤشرا S&P 500 وناسداك بأكثر من 2% لكل منهما. يعكس الانتعاش السريع يوم الثلاثاء مدى حساسية السوق للأخبار المتعلقة بالحرب التجارية وكيف يمكن لتغير بسيط في النبرة الرسمية أن يؤدي إلى تحول كبير في معنويات المستثمرين.
مخاوف تجارية وسياسية سابقة تؤثر على الأسواق وتزيد من حالة عدم اليقين
أدت المخاوف التجارية المتزايدة إلى تراجع الأسهم في الأسابيع الأخيرة، حيث كان المستثمرون يخشون من التأثير الكامل للتعريفات الجمركية على الأرباح والنمو الاقتصادي. فمنذ 2 أبريل، عندما كشف الرئيس دونالد ترامب عن مجموعة من التعريفات الجمركية على السلع المستوردة من العديد من البلدان، بما في ذلك الصين، انخفض مؤشر S&P 500 بأكثر من 6%. هذا التراجع يعكس القلق العميق في السوق بشأن الآثار الاقتصادية للحرب التجارية الموسعة.
كما زادت حالة عدم اليقين بين المستثمرين بسبب عوامل سياسية داخلية، خاصة تصريحات الرئيس ترامب بشأن السياسة النقدية للبنك الاحتياطي الفيدرالي. نشر ترامب على موقع Truth Social أن الاقتصاد سيتباطأ إذا لم يخفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة، ممارسًا ضغطًا غير مسبوق على البنك المركزي المستقل. وفي أحدث منشوراته العديدة التي يذكر فيها رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول بالاسم، وصفه بأنه “السيد المتأخر جداً” و”خاسر كبير”، منتقدًا إياه لعدم خفض أسعار الفائدة بشكل أسرع.
لم يتوقف الأمر عند الانتقادات اللفظية، بل لمح ترامب إلى إمكانية “إنهاء خدمة” باول الأسبوع الماضي، وهو إجراء غير مسبوق يثير تساؤلات حول استقلالية البنك المركزي. قال المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض كيفن هاسيت إن فريق الرئيس يدرس حاليًا هذا الإجراء، مما يزيد من حالة عدم اليقين القانوني والسياسي. وقد صرح باول مرارًا بأنه لا يمكن إقالته بموجب القانون إلا لأسباب محددة للغاية وأنه يعتزم الاستمرار في منصبه حتى نهاية ولايته في مايو 2026، مؤكدًا على استقلالية البنك المركزي في اتخاذ قرارات السياسة النقدية بناءً على البيانات الاقتصادية.
وأضاف إليربروك، معلقًا على البيئة العامة للسوق: “الكثير من عدم اليقين، وليس الكثير من الإجابات، نوع من البيئة المحبطة اليوم للمستثمرين”. وتابع: “الشعور الوحيد الذي أشعر أنني أستطيع تحديده هو أنه كلما طال أمد بقائنا في هذا المأزق، ساءت الأمور بالنسبة للاقتصاد”. تشير هذه التعليقات إلى أن عدم الوضوح بشأن مسار السياسة التجارية والسياسة النقدية يخلق بيئة صعبة للمستثمرين والشركات على حد سواء، مما قد يؤثر سلبًا على النمو الاقتصادي على المدى الطويل.
اقرأ أيضا…