أسعار النفط ترتفع مع تعافي الأسهم.. ومخاوف التعريفات باقية

شهدت أسعار النفط ارتفاعا ملحوظا مع تعافي أسواق الأسهم العالمية يوم الثلاثاء، في إشارة إلى العلاقة الوثيقة بين أداء الأسواق المالية وتوقعات الطلب على الطاقة. ومع ذلك، لا تزال المخاوف تلقي بظلالها على السوق، وتحديدا بشأن التحديات الاقتصادية المحتملة الناتجة عن الحروب التجارية والتعريفات الجمركية المفروضة، بالإضافة إلى تأثير السياسة النقدية الأمريكية المستقبلية. هذه العوامل مجتمعة يمكن أن تؤثر سلبا على النمو الاقتصادي العالمي وبالتالي تقلل من الطلب على الوقود.
تفاصيل حركة أسعار النفط
في تفاصيل حركة الأسعار، ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت القياسي بمقدار 80 سنتا، أي بنسبة 1.2%، لتصل إلى مستوى 67.06 دولار للبرميل وقت نشر هذا التقرير. هذا الارتفاع يعكس تحسن المعنويات في السوق بعد الانخفاضات التي شهدتها الجلسة السابقة. وفي نفس السياق، صعد سعر خام غرب تكساس الأمريكي للعقد تسليم مايو، والذي كان على وشك الانتهاء يوم الثلاثاء، بمقدار 1.06 دولار، أي بنسبة 1.7%، ليصل إلى 64.14 دولار. هذا العقد القصير الأجل غالبا ما يكون أكثر حساسية للتطورات الفورية في السوق الأمريكية.
أما العقد الأكثر نشاطا وتداولا لخام غرب تكساس الأمريكي تسليم يونيو، والذي يعكس التوقعات على المدى القريب، فقد اكتسب 86 سنتا، أي بنسبة 1.4%، مسجلا 63.27 دولار. هذه الزيادة في كلا العقدين الأمريكيين تشير إلى تعافي عام في أسعار النفط الخام.
العلاقة بين النفط والأسهم
وفي تعليق على هذه الحركة، قال بيارن شيلدروب، المحلل البارز في SEB: “تقلبات أسعار خام برنت اليومية كانت متوافقة تماما مع تقلبات أسعار الأسهم”. يوضح هذا التعليق كيف يميل المستثمرون في سوق النفط إلى مراقبة أداء أسواق الأسهم كمؤشر على الصحة الاقتصادية العامة والطلب المستقبلي على الطاقة. عندما ترتفع الأسهم، غالبا ما ينظر إلى ذلك على أنه علامة على نمو اقتصادي قوي، مما يدعم أسعار النفط.
وارتفعت العقود الآجلة لمؤشرات الأسهم الأمريكية يوم الثلاثاء، متعافية بقوة بعد خسائر كبيرة تكبدتها في الجلسة السابقة. كانت تلك الخسائر قد تفاقمت عندما كرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انتقاداته لرئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، مشيرًا إلى أن الاقتصاد الأمريكي قد يواجه تباطؤًا ما لم يتم خفض أسعار الفائدة على الفور. هذه التصريحات أثارت قلق المستثمرين بشأن التدخل السياسي في السياسة النقدية.
تأثير السياسة الأمريكية والمخاوف الاقتصادية
كان خاما برنت وغرب تكساس ألمريكي قد شهدا انخفاضا حادا بأكثر من 2% يوم الاثنين، متأثرين بعمليات البيع الواسعة في أسواق الأسهم. بالإضافة إلى ذلك، ساهمت علامات التقدم في المحادثات المتعلقة بالاتفاق النووي بين الولايات المتحدة وإيران في تخفيف المخاوف بشأن الإمدادات النفطية، حيث يمكن أن يؤدي الاتفاق إلى عودة جزء من النفط الإيراني إلى السوق العالمية.
غذت تعليقات ترامب حول باول المخاوف العميقة بشأن استقلالية الاحتياطي الفيدرالي في تحديد مسار السياسة النقدية، وهو مبدأ يعتبر أساسيًا للاستقرار الاقتصادي. كما أثرت هذه التعليقات سلبًا على التوقعات المتعلقة بالأصول الأمريكية. نتيجة لذلك، انخفضت مؤشرات الأسهم الأمريكية الرئيسية بشكل حاد، وتراجع مؤشر الدولار إلى أدنى مستوى له في ثلاث سنوات يوم الاثنين، مما يعكس قلق المستثمرين وتوجههم نحو الأصول الأكثر أمانًا.
وقال جيوفاني ستونوفو، المحلل في UBS: “انخفاض الأسعار يوم الاثنين بدا مبالغًا فيه بعض الشيء في رأيي، بالنظر إلى أن الطلب على النفط لا يزال قويًا، لذلك قد نشهد بعض الانتعاش اليوم”. يشير هذا التحليل إلى أن أساسيات السوق، مثل مستوى الطلب الحالي، قد لا تبرر الانخفاض الكبير الذي حدث، مما يفتح الباب أمام تصحيح صعودي في الأسعار.
تطورات أخرى في السوق
على صعيد آخر، قد يؤدي التقدم المستمر في المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران، واللتين اتفقتا يوم السبت على البدء في صياغة إطار عمل لاتفاق نووي محتمل، إلى تغيير في موقف إدارة ترامب. هذا التقدم قد يدفع ترامب إلى التراجع عن جهوده الرامية إلى وقف صادرات النفط الإيرانية بالكامل، مما قد يزيد المعروض في السوق العالمية.
في سياق متصل، خفضت وزارة الاقتصاد الروسية توقعاتها لمتوسط سعر خام برنت في عام 2025 بنحو 17% مقارنة بتوقعاتها السابقة في سبتمبر. هذا التخفيض، الذي ورد في وثائق اطلعت عليها رويترز، يعكس على الأرجح توقعات روسيا بتباطؤ محتمل في نمو الطلب العالمي أو زيادة في المعروض على المدى المتوسط.
مخزونات النفط الأمريكية
وفيما يتعلق بالمخزونات الأمريكية، أظهر استطلاع أولي أجرته رويترز يوم الاثنين أنه من المتوقع انخفاض مخزونات النفط الخام والبنزين الأمريكية الأسبوع الماضي، وهو ما يشير عادة إلى طلب قوي أو انخفاض في الإنتاج المحلي. في المقابل، من المرجح أن ترتفع مخزونات نواتج التقطير (مثل الديزل وزيت التدفئة)، وذلك قبل صدور التقارير الأسبوعية الرسمية من معهد البترول الأمريكي وإدارة معلومات الطاقة، والتي توفر بيانات أكثر تفصيلاً ودقة عن مستويات المخزون والإنتاج.
اقرأ أيضا…