كل ما يجب أن تعرفه عن قرار المركزي الأوروبي اليوم وتصريحات كريستين لاجارد

أعلن البنك المركزي الأوروبي، يوم الخميس في فرانكفورت، خفض سعر الإيداع بمقدار ربع نقطة مئوية إلى 2.25%، في سابع جولة تخفيض للفائدة منذ يونيو الماضي.
وجاء هذا التحرك وسط تنامي المخاطر التي تثيرها النزاعات التجارية العالمية، ولاسيما إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن جولة جديدة من الرسوم الجمركية على شركاء بلاده التجاريين.
والبنك، الذي بدا قبل أسابيع ضائعا بين إمكانية إيقاف حركته التيسيرية أو مواصلتها، أعاد توجيه سياسته نحو مزيد من التخفيف مع تراجع مؤشرات التضخم وضعف ثقة المستهلكين.
ضغوط تجارية تعرقل الانتعاش الاقتصادي
في مؤتمر صحفي تلاه الإعلان عن القرار، أكدت الرئيس كريستين لاجارد أن المخاطر السلبية على نمو منطقة اليورو ازدادت بشكل ملموس.
وأشارت إلى أن “التصعيد الكبير في التوترات التجارية العالمية وما يرافقه من ضبابية سياسية سيقلص على الأرجح نمو المنطقة، نظرا لتأثيره المباشر على الصادرات وقد يخفض مستوى الاستثمارات والاستهلاك”. وأضافت أن تراجع ثقة الأسواق المالية يمكن أن يرفع كلفة الاقتراض ويقيد فرص التمويل لصالح الشركات والأسر.
لفترة طويلة، كان البنك المركزي الأوروبي يراقب التوازن الدقيق بين المخاطر الداخلية والخارجية. فبينما تحسنت بيانات التضخم في بعض الفترات، وتعافت أسعار الطاقة من الانخفاض الحاد، ظهرت مخاوف جديدة من أن الرسوم الجمركية التي فرضتها واشنطن قد تجهض الآمال في انتعاش صناعات التصدير الأوروبية، وتعيد ضغوط الكلفة إلى جانب الشركات التي تعتمد على سلاسل توريد عالمية.
تعديل لغة البيان وتخفيف لهجة التشديد النقدي
صحيفة البيان الرسمي لبنك المركزي الأوروبي تخلت عن وصف السياسة النقدية بأنها تشديدية للمرة الأولى منذ فترة طويلة، وهو تغيير يعكس اعتراف المسؤولين بأن معدلات الفائدة الحالية باتت تشكل عائقا أمام دعم النمو. فقد جاء في البيان أن السياسة باتت داخل النطاق المحايد – المستوى الذي لا يضخ السيولة بقوة ولا يقيد النشاط الاقتصادي بشدة – لكن البنك ترك الباب مفتوحا أمام إمكانية اتخاذ تدابير إضافية في حال زادت حدة المخاطر.
هذا التوجه يعكس الإشكالية التي يواجهها البنك بين رغبته في دعم التعافي الاقتصادي لمنطقة اليورو وبين مساهمته في تحقيق هدف التضخم الذي حدده عند 2%. فالأرقام الأخيرة أظهرت أن التضخم السنوي في مارس بلغ 2.2%، في حين تراجعت مكوناته الخدمية إلى 3.5% مع تراجع ضغط الأجور. وتعد هذه المؤشرات ممتازة بالنسبة لأهداف البنك، لكنها تظهر جليا أن تراجع معدلات التضخم جاء بفعل تباطؤ النشاط الاقتصادي وليس بفضل قوة الطلب.
تأثير تفوق اليورو على الصادرات
لا يمكن تجاهل الارتفاع غير المتوقع في قيمة اليورو أمام الدولار في الأسابيع الماضية. فقد قفزت العملة الموحدة إلى أعلى مستوياتها في ثلاث سنوات، ما جعل صادرات منطقة اليورو أكثر تكلفة للمشترين الخارجيين. وفي هذا الصدد قالت لاجارد إن “تحسن معنويات المستثمرين تجاه اقتصاد أوروبا كان أقوى مما هو عليه في اقتصادات كبرى أخرى، مما رفع من قيمة اليورو”. وأشار بعض المحللين إلى أن هذا الارتفاع يعزى جزئيا إلى سعي المستثمرين للبحث عن ملاذات آمنة وسط التقلبات العالمية، لكنه في الوقت نفسه يثير القلق من تأثيره على تنافسية المنتج الأوروبي.
إزاء هذه المعطيات، بدا أن صناع السياسة في فرانكفورت يرون أن معدلات الفائدة الحالية تحولت إلى عقبة أمام دعم النمو وضرورة التصدير، فكان خفض سعر الإيداع خطوة لإعادة التوازن وتهدئة ارتفاع العملة الموحدة.
توقعات الأسواق وتحديات المستقبل
يرى محللون اقتصاديون أن هناك احتمالين أساسيين لمسار السياسة النقدية في الفترة المقبلة. الأول يتمثل في مواصلة التيسير عبر خفض أسعار الفائدة مرتين إضافيتين قبل نهاية العام، كما يتوقعه الأسواق بنسبة 40% تقريباً، مع تثبيت الفائدة عند 2% على الأقل حتى نهاية العام المقبل. والثاني يشير إلى تخفيضات أعمق قد تصل إلى 1.75% في حال تفاقمت اضطرابات التجارة وأظهرت بيانات النمو الأوروبي مزيداً من التباطؤ.
يراقب صانعو السياسة بقلق تأثيرات الإنفاق العام المتزايد على البنية التحتية في ألمانيا وما ترتسمه الحكومات الأوروبية من خطط لتعزيز الجيش والإنفاق الدفاعي. فهذه الموازنة بين تحفيز القطاع الخاص وضبط الدين العام تمثل تحدياً إضافياً، خاصة في ظل اختلاف وجهات النظر داخل مجلس الحكام.
كما يبقى السؤال مطروحا حول مدى قدرة التخفيضات المقبلة على إعادة إحياء الاستثمار والإنفاق في القطاعات المتضررة. إذ أكد لا غارد أن تراجع التوقعات للنمو نتيجة ارتفاع الرسوم الجمركية قد يؤثر سلبا على أسواق الصادرات ويوجه بعض الإنتاج إلى داخل المنطقة الأوروبية، لكنه أضاف أن “الانخفاض في تكاليف الطاقة وتراجع ضغوط الأجور يمكن أن يخفف من تبعات خفض الطلب الخارجي”.
أماكن الخطر وفرص التعافي
من أبرز المخاطر التي تحدق بمنطقة اليورو استمرار التوترات التجارية بين الولايات المتحدة وشركائها، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي. فقد فرض ترامب رسوما بنسبة 10% على السلع الأوروبية لفترة 90 يوما، ثم شدد على أنه قد يمدد هذه الرسوم أو يجعلها دائمة في حال فشلت المفاوضات. هذا الاجراء أحيا مخاوف من حروب تجارية أوسع، وإمكانية أن يجد المنتج الأوروبي نفسه مضطرا لتخفيض الأسعار المحلية لتعويض الفقد في تنافسيته مع الولايات المتحدة والابتعاد عن إجراءات المقاطعة.
في المقابل، إذا نجحت الحكومة الألمانية ودول أخرى في ضخ استثمارات ضخمة في مشاريع البنية التحتية الخضراء والتقنيات الرقمية، فقد يساعد ذلك في خلق فرص عمل وتحفيز نمو اقتصادي أكثر استدامة. كما أن تنويع مصادر الطاقة واعتماد سياسات مالية مرنة يمكن أن يوفر بعض الحماية للاقتصاد الأوروبي أمام تقلبات الطلب الخارجي.
أهم تصريحات كريستين لاجارد
قالت كريستين لاجارد إن مجلس السياسات في البنك المركزي الأوروبي قرر خفض أسعار الفائدة الرئيسية بربع نقطة مئوية لتصل إلى اثنين فاصل خمسة وعشرين في المئة. وأضافت كريستين لاجارد أن خفض سعر الوديعة يهدف إلى دعم الاستقرار على المدى المتوسط، مع مراعاة تطورات التضخم وقوة انتقال السياسة النقدية إلى الاقتصاد الحقيقي.
وقالت كريستين لاجارد إن عملية خفض التضخم تسير وفق التوقعات، حيث هبط معدل التضخم السنوي إلى اثنين فاصل اثنين في المئة في شهر مارس. وأضافت كريستين لاجارد أن التضخم الأساسي في السلع والخدمات انخفض بدوره، بعد أن تباطأ التضخم في قطاع الخدمات إلى ثلاثة فاصل خمسة في المئة. ورصد صانعو السياسة تباطؤ نمو الأجور إلى أربعة فاصل واحد في المئة في الربع الأخير من العام الماضي، وهو ما يخفف الضغط على الأسعار. وخلصت لاغارد إلى أن معظم مقاييس التضخم تشير إلى استقرار السعر المستهدف عند اثنين في المئة على نحو دائم.
وقالت كريستين لاجارد إن المخاطر على النمو الاقتصادي في منطقة اليورو ازدادت بفعل التوترات التجارية العالمية. وأضافت كريستين لاجارد أن ارتفاع الرسوم الجمركية سيخفض الصادرات ويؤثر سلباً على الاستثمار والاستهلاك. وأشارت إلى أن ضعف ثقة الشركات والأسر سينعكس في tightening شروط التمويل وارتفاع تكاليف القروض. وأكدت أن هذا السياق يجعل من الصعب التنبؤ بمستقبل النشاط الاقتصادي، وأن البنك المركزي سيتعامل مع هذه المخاطر بحذر عبر متابعة البيانات لحظة بلحظة.
وقالت كريستين لاجارد إن اليورو ارتفع مقابل الدولار في الأسابيع الماضية، مما جعل صادرات منطقة اليورو أكثر كلفة. وأضافت كريستين لاجارد أن هذا الارتفاع يعود جزئياً إلى تفضيل المستثمرين للاستثمار في الأصول الأوروبية وسط التقلبات العالمية. وحذرت من أن ارتفاع العملة الموحدة قد يقلص الطلب الخارجي، مما يضيف مزيداً من التحديات أمام التعافي الاقتصادي.
أهمية السياسات المالية والإصلاحات الهيكلية
قالت كريستين لاجارد إن الظروف الحالية تتطلب تنسيقاً أوثق بين السياسة النقدية والمالية. وأضافت كريستين لاجارد أن الحكومات الوطنية والاتحاد الأوروبي أطلقا مبادرات دفاعية واستثمارية مهمة لدعم التصنيع والبنية التحتية. وأكدت أن تنفيذ إصلاحات هيكلية سيساعد على رفع الإنتاجية وتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد. واقترحت الاستفادة من “بوصلة المنافسة” التي وضعتها المفوضية الأوروبية لإحداث تغييرات سريعة ومستدامة.
وقالت كريستين لاجارد إن البنك سيتّبع نهجاً معتمداً على البيانات في كل اجتماع، دون الالتزام المسبق بمسار ثابت لأسعار الفائدة. وأضافت كريستين لاجارد أن قرارات السياسة النقدية ستعتمد على تقييم شامل لتطور التضخم ومدى تأثير قرارات الفائدة على النمو والتمويل. وأكدت أن هذا النهج يتيح المرونة للتعامل مع المستجدات الاقتصادية والمالية بسرعة وفاعلية.
وقالت كريستين لاجارد إن أسواق المال ترجح احتمال خفض أسعار الفائدة مرتين إضافيتين قبل نهاية العام. وأضافت كريستين لاجارد أن بعض التوقعات ترى خفضاً أعمق إذا تفاقمت التوترات التجارية أو تراجع النمو أكثر. ورأى العديد من الاقتصاديين أن تخفيضات الفائدة المقبلة ستمكّن من الحفاظ على استقرار الأسعار ودعم التعافي، مع مراقبة دقيقة لأي تطورات في سوق العمل والتضخم.
اقرأ أيضا…